البغاء من التقديس والتبجيل لمحاكمة البغايا وحرق منازلهن
-
فاطمة الوكيل
كاتب نجم جديد
كان البغاء في العصور القديمة يُنظر له بعين التقديس والتبجيل والإحترام، الى ان حُكم عليه بالزوال بمجرد ظهور المسيحية التي اعتبرته نوعًا من انواع الإنغماس في الشهوانية وغواية من غوايات الشيطان.
وأمرت الكنيسة بنبذهن من الإجتماع، فأقصين من المجالس، واضطهدن وحقرن، وعندما كانت الأوبئة كالطاعون والهواء الأصفر تتفشى في العالم أو تصيب الناس نكبات ومجاعات كانوا ينفون البغايا من البلاد ويرهقهون بألوان العذاب ويذيقونهن شر الميتات ظنًا منهم أنهم بما يفعلون يلطفون غضب السماء.
وفي بعض البلاد كان الزواج محرمًا على البغايا، وفي بعضها كان البغايا يعزلن في الحظائر شأن المواشي، وفي عهد البابا بولس الرابع في القرن السادس عشر كان الشبان في إيطاليا يعدون التغاضي عن حرق منازل العهر عارًا وفضيحة، وفي مدينة تولوز في فرنسا كانت البغي التي تجرؤ على اجتياز عتبة احد الأديرة تعد جانية فيقبض عليها وتلقى في السجن، وتساق للمحاكم فيحكم عليها بأقسى عقوبة.
وقد اتجه بعض العلماء الذين درسوا إشكالية البغاء وحاولوا تفسير عوامل البغاء وتحليل الدوافع اليه، الى وجود نقص في تكوين المرأة البغي من الناحية العضوية او النفسية، ان المرأة بطبيعتها وطبيعة الوظيفة التي هيئت لها، لا تخلق بغيًا ولا تستسيغ البغاء مهنة ومتكسبًا، اذا لم يدفعها الرجل الى ذلك دفعًا، واذا كان النقص في تكوين المرأة، وهي كائن حي لاينجو من المرض ولا يسلم من الإنحراف، من العوامل التي تؤهلها للبغاء، فان انانية الرجل وحدها، اشد اثرًا في دفع المرأة الى البغاء من ماهو كامن في جسمها او نفسها، والذي لولا رجل في حياتها لما ظهر وكبُر.
و اتخذ البغاء شكلًا تجاريًا وأصبح يمارس لجلب الربح لا للمحترفات أنفسهن ولكن لمن يستخدمهن لهذا الغرض، وظل البغاء التجاري سائدًا حتى عام 1940وإن كان قد اشرف على الزوال وبدأ يحل محله البغاء الفردي أى ان البغي بدأت تفضل الإنفراد بالعمل على الإنتساب أو المشاركة مع بنات المواخير وبيوت الدعارة وصادف هذا الطور الأخير قبولًا من الرجل الذي وجد في البغي المفردة امراة شبه خاصة تهىء له نوعًا من الجو الخاص. وتمكنت هي من أن تهىء لنفسها جوًا خاصًا تجد فيه بعض المتعة، خصوصًا إذا كانت تقوم بجانب ممارستها للبغاء بعمل آخر كعاملة في محل عام او إحدى دور الملاهي وما إلى آخره من الأعمال التي تستطيع أن تتعرف أثناء مزاولتها بالرجل. كما ذكر الكاتب “فؤاد دويدار” في مجلة التطور عام 1940.
وفي عام 1934 اختلف الآراء حول البغاء ومنعه من البلاد، واقصاء البغايا الأجنبيات عنه عملًا بقانون يُسن لهذا الغرض، فالمقتنعين بتحريم البغاء مدنيًا يقولون إنه آفة الاجتماع ومصدر الفاحشة وهو الحائل الكبير دون الزواج وتكوين الأسر، والقائلون بإباحته يؤيدون دعواهم بأنه السور الذي يصون الكثير من شرف المحصنات والحاجز الذي يخفف الاعتداء على شرف العذارى وأعراض الأسر.
الكاتب
-
فاطمة الوكيل
كاتب نجم جديد