همتك نعدل الكفة
309   مشاهدة  

الحج سيرًا على الأقدام حتى منتصف التسعينات .. كيف تحدّت القبائل الإفريقية الطبيعة البشرية؟

موسم الحج
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في العصور القديمة، كانت أفواج الحجيج تمشي على الأقدام .. يشقون الصخر ويصعدون الجبال والهضاب ويعبرون الوديان والسهول .. تتشقّق أقدامهم، ولا يعرفون للأيام عددًا من طيلة المدة التي يمشون من نقطة الانطلاقة من كل حدب وصوب إلى الكعبة .. يصطحبون البغال والحمير والجِمال لا ليركبوها، بل لحمل الأمتعة من طعام وشراب ومأكل وأدوات تصلح للتخييم في الكهوف، وغيرها من مستلزمات رحلات ربما تستمر لسنوات ذهابًا وإيابًا، ومن هنا بزغت عبارة “الداخل مفقود والخارج مولود” تعبيرًا عن صعوبة بداية ونهاية الرحلة الشاقة  .. في العصور القديمة كان الناس يمشون على الأقدام .. لكننا اكتشفنا المفاجأة .

في مقال بعنوان “الحج برًا”، كتبه الروائي، والكاتب الصحفي الكبير، جمال الغيطاني  .. حيث أنه عثر على ما لا يتصوره أحدهم .. حيث نُشرَ المقال بالعام 2003 في أخبار الأدب .. وفيه كشف الغيطاني عن دهشته عندما وصلت له معلومات أكيدة بأنه مازالت بعض القبائل تمشي على الأقدام كوسيلة للوصول برًا إلى الكعبة  والحكاية ترجع إلى عام 1993 عندما وصل الغيطاني إلى الكعبة للحج ، وكأن تقدمًا لم يحدث، وكأن سيارة وطيارة وسفينة لم تُخترع .. وكأن العالم قد توقف قبل عام 1886 عندما سجّل كارل بنز براءة اختراعه لما يمسى “سيارة” في غرب ألمانيا .. أو كأن الأخوان رايت قد فشلا في تقديم أو نموذج لطائرة تستطيع التحليق مدة طويلة بالجو عام 1903. وفيما يلي جزء من مقال الغيطاني :

غلاف كتاب للروائي جمال الغيطاني عن الحج
غلاف كتاب للروائي جمال الغيطاني عن الحج

أعترف أنني دُهشت عندما علمت أثناء فريضة الحج منذ عشر سنوات أن بعض الحجاج الأفارقة يجيئون إلى مكة المكرمة حتى الآن سيرًا على الأقدام .. بعضهم يجىء من أقصى الغرب وتستغرق رحلة هؤلاء حوالي خمس سنوات ذهابًا وإيابًا، فكّرت في مدى المشقّة التي يواجهها أمثال هؤلاء الحجاج وأيضًا المخاطر الناشئة عن روح العصر وظروفه في الماضي . لنقل حتى القرن التاسع عشر كان هذا مقبولًا ومنطقيًا، وكانت هنام دروب يسلكها الحجاج عبر الصحاري والفيافي مدفوعين بهذا الشوق الإيماني للوصول إلى مكة المكرمة، ولكن السير على الأقدام يتم في زمن يتقبل هذه الوسيلة للسفر، ولم تكن هناك حدود بين البلدان تحرسها مخافر وقوات مسلحة، وأسلاك شائكة، ونقاط تفتيش، ونقاط جمرك صحيح أن بعض الطرق في إفريقيا غير الرسمية ما تزال مستخدمة ومن ذلك على سبيل المثال درب الأربعين الذي يربط مصر والسودان، ويبدأ من السودان وينتهي في ضاحية انبابة حيث سوق الجِمال، التجارة المتبقية عبر هذا الدرب هي تجارة الجِمال، وما تزال القوافل تقطع الجرب في أربعين يومًا ولذلك سمي بدرب الأربعين، وهذا الدرب يعود تاريخ استخدامه إلى آلاف السنين .

طريق البر .. إنه الطريق الذي قطعه علماء الأندلس والمغرب العربي الكبير، وسائر الشيوخ العظام الذين ماتوا أثناء الذهاب أو العودة ودفنوا في مصر، وأصبحت مراقدهم الآن مزارات، مثل سيدي أحمد البدوي، وسيدي أبو الحسن الشاذلي، وسيدي أبو العباس المرسي وغيرهم كثيرون، لكن المثير حقًا أن طريق البر الذي يقطعه المشتاقون إلى الأراضي المقدسة مازال عامرا !!

 

 

 

إقرأ أيضا
الجرائد القديمة

 

الكاتب

  • الحج محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان