الخلاص في سورة الإخلاص “نظرة أخرى للعبادة بين السلف والخلف”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
عندما يتأمل الإنسان منا في عبادة الصحابة وبعدهم السلف والتابعين ويقوم بمقارنتها بعبادتنا اليوم فإن المقارنة ضئيلة للغاية فمنهم من كان يقرأ القرآن في ليلة أو ثلاث ليال أو أسبوع مثلاً بالإضافة إلى قيام ثلث الليل أو الثلثين أو نصفه، وهكذا.
معظم المسلمين في هذه الأيام يكتفي بالصلوات الخمس وليس هذا ضعف إيمان منا ولكن الحياة الحديثة مليئة بالأعباء واليوم لا يكفي لمتطلبات الحياة؛ فماذا نفعل ؟ وكيف نتقرب إلى الله بعبادة ترضيه عنا ؟
سورة الإخلاص والخلاص فيها .. أحاديث سار عليها السلف
اهتديت إلى سورة الإخلاص وهي أربع آيات، لكنها غاية في الإيجاز والإعجاز، قليلة المباني عظيمة المعاني ، جاء في فضلها أن من أراد أن يحبه الرحمن، وأن يدخل جنة الرضوان، وأن يعصمه الله من الشيطان، وأن يزداد من الهدى والإيمان، فليكثر من قراءة هذه السورة؛ وعلى هذا كان السلف الصالح عملاً بالأحاديث النبوية المتعددة.
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من قراءتها، خصوصا في صلواته، كان يفتتح بها نهاره في سنة الفجر، ويفتتح بها ليله في سنة المغرب، وينهي بها يومه وليلته في صلاة الوتر، فقال النبي صلى الله عليه يوما لأصحابه احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن.. فلما حشدوا خرج فقرأ عليهم قل هو الله أحد.. فلما سألوه قال: أما إنها تعدل ثلث القرآن.(رواه مسلم).
وقال (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : “قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ” (رواه البخاري ومسلم)، وفي حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ بها فقال: وجبت. قال أبو هريرة: فقلت ما وجبت؟ قال : الجنة.
كما أنه صلى الله عليه وسلم سمع عبدا يقرأ بها في صلاته فقال: هذا عبد آمن بربه، وسمع رجلا يدعو بها ويقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى” (رواه أبو داود ).
أدرك الصحابة فضلها وأجرها فأحبوها ولزموها، يظهر ذلك في قصة الرجل الذي بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: “سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – : أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ” (رواه البخاري ومسلم).
كما أنه تهب لصاحبها قصرا في الجنة : عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِذًا نَسْتَكْثِرَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم-: اللَّهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ(رواه مسند أحمد).
الخلاصة أن الخلاص من أعباء الدنيا وقلة العبادة هي سورة الإخلاص فمن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله .. أي يأخذ ثواب قراءة القرآن، فعلى المسلم أن يقرأها كثيراً في كل وقت في ذهابه وإيابه وفي وسائل المواصلات وفي أوقات فراغه لأن الخلاص في قراءة سورة الإخلاص لثوابه العظيم ومنزلتها عند المولى عز وجل .
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال