الرجل الذي عاش 82 عامًا في اليونان دون أن يرى أي امرأة
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في حياتنا اليومية نقابل العديد من الناس مما يتضمن ناس من الجنس المقابل. لكن في اليونان عاش رجل يدعى مارك تولوتوس لمدة 82 عامًا دون أن يرى أي إمرأة. لماذا وكيف عاش ما يقرب من قرن من الزمان دون أن يرى شخصًا من الجنس الآخر؟ تبدو قصته التي نادرًا ما تُروى وكأنها خرجت مباشرة من أسطورة قديمة!
الراهب الذي لم ير امرأة
ولد تولوتوس عام 1856 في اليونان، وبعد ساعات فقط من دخوله العالم توفيت والدته فجأة. مع عدم وجود أي شخص آخر لرعاية الطفل الرضيع، تم التخلي عنه على درجات دير للروم الأرثوذكس فوق جبل آثوس (أو الجبل المقدس). تبنى الرهبان هناك الصبي وأطلقوا عليه اسم مايكل تولوتوس.
نشأ مايكل داخل جدران الدير، الذي لم يتركه أبدًا خلال 82 عامًا من حياته. لطالما كانت المنطقة المحيطة بجبل آثوس خاضعة للمعتقدات المسيحية الأرثوذكسية. يقع عشرين ديرًا حول جبل آثوس. لكل منها جماعة خاصة بها من الرهبان الزاهدين الذين يمتنعون عن أي “متعة” في الحياة. الرهبان يأتون من جميع مناحي الحياة والثقافات. كان للرهبان الأرثوذكس الروس وجود في آثوس لأكثر من 1000 عام بينما يقيم الرهبان الصرب والبلغاريين والرومانيين أيضًا على الجبل.
أكبر منطقة في العالم حيث يتم حظر النساء
في عام 1060، تم الإعلان عن ميثاق يحظر وجود جميع النساء – بما في ذلك إناث الحيوانات – على جبل آثوس. لا يزال هذا القانون ساريًا حول شبه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 130 ميلًا مربعًا حتى اليوم. مما يجعل جبل آثوس أكبر منطقة في العالم تُمنع منها النساء. حتى أنهم ممنوعون من القدوم على بعد 500 متر من الشاطئ.
من المرجح أن الميثاق قد تم تقديمه لضمان أن الرهبان يحافظوا على تعهدهم المقدس بالعزوبة. لطالما تم منع النساء من دخول الأديرة – التي يعود العديد منها إلى العصر البيزنطي – لنفس السبب. لكن ما يجعل جبل آثوس فريدًا هو أن المنطقة بأكملها تعتبر ديرًا واحدًا ضخمًا.
لا توجد حيوانات إناث أيضًا مما يعني أنه لا يمكن إنتاج بيض أو حليب في المنطقة. لذلك يجب إحضار الجبن والمنتجات الحيوانية الأخرى من العالم “الخارجي”. كما يُحظر على الرهبان الحلاقة ويجب عليهم الحفاظ على لحى طويلة لضمان عدم اختباء الإناث في وسطهم. الأماكن المقدسة الأخرى في جميع أنحاء العالم مثل جبل أومين في اليابان والحاجي علي دارغا في مومباي لا تسمح أيضًا للنساء بالدخول.
حفنة من النساء فقط كانوا داخل آثوس
نشأ مايكل تولوتوس في أحد أديرة جبل آثوس، وبينما رأى العديد من الرهبان الذين يأتون إلى المنطقة نساء في حياتهم قبل الانضمام إلى الرهبنة، قضى كل يوم من حياة تولوتوس داخل الدير. كجزء من تفانيهم في أسلوب حياتهم الرهباني، لا يُسمح للرهبان بالقتال أو المجادلة أو السؤال عن العالم الخارجي – تظل هذه القاعدة حتى اليوم.
لذلك، عندما توفي تولوتوس في عام 1983 عن عمر يناهز 82 عامًا، توفي وهو لا يعرف أبدًا كيف تبدو المرأة – باستثناء مريم العذراء. حيث أنها الوجود الأنثوي الوحيد المسموح به في جبل آثوس.
على الرغم من أن الحظر الذي دام قرونًا على النساء لا يزال سليمًا، فقد وطأت أقدام النساء جبل آثوس عدة مرات عبر التاريخ. خلال الحرب الأهلية اليونانية (1946-1949)، أعطى جبل آثوس ملاذًا لقطيع من الحيوانات للفلاحين، وكانت النساء والفتيات جزءًا من حفلة مداهمة دخلت آثوس في محاولة لاستعادة حيواناتهم.
بعد ذلك بوقت قصير، ارتدت امرأة يونانية تدعى ماريا بويمينيدو زي رجل وقضت ثلاثة أيام في زيارة آثوس. مما أثاى ضجة كبيرة بين سكان جبل آثوس لدرجة أن الحكومة في اليونان أصدرت قانونًا رسميًا يؤيد الميثاق الذي يبلغ عمره 1000 عام. هذا يعني أنه من غير القانوني دخول امرأة إلى آثوس، ويمكن سجن أي شخص حاول لمدة تصل إلى 12 شهرًا.
الكاتب
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال