السخرية .. خطة الخروج الآمن لعمرو وردة ورفاقه من عقوبة التحرش

مرة أخرى تفوح رائحة مشاكل اللاعب المصري عمرو وردة الذي اقترن اسمه بقضايا تريندات التحرش في السنوات الأخيرة .. مرة أخرى اتهام يلوح في الأفق بعد أن ذكرت إحدى الفتيات أنه حاول التحرش بها مجددًا ، ونفى هو عن نفسه الاتهام بعد أن صرح في فيديو أنه مظلوم ، وأن لا حسابات على مواقع السوشيال ميديا خاصة به ، داعيًا الناس أن يتركوه يحافظ على تركيزه في كرة القدم .

لكن ما نريد الحديث عنه ليس عمر وردة ولا قضايا التحرش المتورط فيها ، ولا غيرها من ذلك التريند الذي لا ينتهي .. ما نريد الحديث عنه هو التناول لتلك القضايا من جانب الشباب بشكل كبير ، وأغلب هذا التناول يكون على السوشيال ميديا ، من صفحات وجروبات وغيرها .. وما يلاحظه الكثيرين هو صناعة الكوميكات والإفيهات بشكل مكثف كنوع من أنواع السخرية من عمرو وردة ، وما يفعله ، وارتباط اسمه بقضايا التحرش .

وفي الواقع أن كثيرين يظنون أن السخرية هنا سلاحًا لمحاربة ما يفعله ، لكن الحقية أن السخرية هنا طريقة خبيثة يتبعها أصحاب صفحات الفيس بوك التي يعمل معظمها بناء على أجندات فكرية معينة تصب في صالح التطرف والجهل المجتمعي .. السخرية هنا سلاحًا لمناصرة المتحرشين بشكل عام وليس العكس .. السخرية هنا تقلل من حدة الفعل ، وتعمل مفعول حقنة البينج التي يضربها هؤلاء في جسد (المحموقين) على القضية ، فيضيع الصح في الخطأ ويختلط الحابل بالنابل ، ويضحك من كان نوايًا أن يغضب ، ويضحك من كان ناويًا أن يرفع قضية كي تأخذ القضية مسارها الصحيح ، وتضحك البنات اللائي هم المفروض أن يكونوا في طليعة الفئات التي تقف ضد التحرش .. الضحك هنا يصبح سلاحًا يضرب به صاحب الحق نفسه . إفيه مسموم يضمر بداخله تأصيلًا لنصرة التحرش وليس وقوفًا ضده .. كل دول العالم تقف عند قضايا التحرش على المستوى الشعبي بشكل جاد ليس فيه ضحكًا ولا سخرية من الفعل ولا الفاعل ولا المفعول به .. التحرش في كل مكان في العالم جريمة وليس نكتة .

نريد أيضًا أن نربط ما يفعله هؤلاء في كل قضية بالقضايا التي أثيرت في الفترات الأخيرة التي تتعارض مع ما يسمى بمعايير أخلاقيات الأسرة المصرية .. هنا يقف الفيس بوك (أو من يوجهه على الأخص) وقفة جادة محتميًا في آراء المؤسسات الدينية ، التي يتعامل مع السوشيالجية بحسب الهوى الشخصي وليس بمقياس واحد .. إذًا نخلص من هذه المفارقة أن الفيس بوك ومن يتحكمون فيه مصريًا عن عمد أو عن جهل يفعلون كل ما في وسعهم لإيقاف قطار الإنسانية الذي يقف ضد الختان مثلًا ، وفي نفس الوقت يلتفون كالثعبان مستخدمين السخرية للتخديم على قضايا مثل التحرش .. فاحذر أن يقتلك من يظهر وكأن يريد أن يضحكك .

إقرأ أيضا

هل تفادينا السيناريو اللبناني بإسقاط الجماعة؟