81 مشاهدة
السماسرة.. الوجه القبيح لكرة القدم

باتت كرة القدم سلعةً تجارية لا تقلّ في أرباحها عن أكبر الصناعات العالمية، ما أظهر فئة من المنتفعين الذين لا ينتمون فعليًا إلى اللعبة، لكنهم يتسلّلون إلى كواليسها، ويتحكمون في مصائر اللاعبين والأندية دون ضوابط مهنية أو أخلاقية. هؤلاء هم “السماسرة”.. الوجه القبيح في كرة القدم.
وكيل أم سمسار؟
قد يختلط على كثيرين المفهوم، فيظن البعض أن كل من يتوسط في انتقال لاعب هو “وكيل” محترف، والحقيقة أن الفارق جوهري:
وكيل اللاعبين هو شخص معتمد من الاتحاد المحلي أو الدولي، يخضع لقواعد واضحة، ويُفترض به أن يعمل لصالح اللاعب ويبحث عن الأفضل له فنيًا وماليًا.
أما السمسار، فهو متسلل، غير معتمد، ولا تحكمه منظومة. يسعى لتحقيق ربح شخصي سريع حتى لو جاء على حساب مستقبل لاعب أو استقرار نادٍ.
في سوق غير منضبط ولا يعرف الاحتراف بمعناه الحقيقي كالسوق المصري، تنشط هذه الطائفة من المنتفعين، ويستخدمها اللاعبون والوكلاء الذين لا يحترمون مهنتهم، لتحقيق مكاسب مادية أكبر عبر الطرق الملتوية.
اللعبة
اللاعب يستطيع أن يفوض أكثر من وكيل للتفاوض باسمه، فيفوض فلانا للتجديد لناديه، وعلانا للبحث عن عروض خارجية.
الوكيل عادة ما يمثل أكثر من لاعب في وقت واحد، وربما يلجأ لتقديم تنازلات في عقد لاعب حرصا على استمرار علاقته بالنادي وضمان تجديد بقية عقود لاعبيه المرتبطين بنفس النادي، في حين أن اللاعب يبحث عادة عن تحقيق أقصى استفادة، ما يجعله عرضة للاصطدام بوكيله.. وهنا تكون الثغرة التي يدخل منها الشيطان أو السمسار.
يلجأ اللاعب ووكيله إلى سمسار لاعبين ليجلب له عرضا خارجيا (لا مانع أن يكون وهميا) للضغط على ناديه من أجل الحصول على أكبر مبلغ مالي وامتيازات ممكنة مقابل نسبة، وبالطبع فإن ارتفاع سعر اللاعب يجيء أيضا في مصلحة الوكيل الذي تزيد عمولته تلقائيا (ويبقى الكل مَرضي).
آدم وطني.. نموذج السمسار في زمن الاحتراف
ظهر اسم “آدم وطني” فجأة في مشهد كرة القدم المصرية، دون أن يعرف له أحد ماضٍ أو هوية مهنية واضحة. لا حسابات موثقة على مواقع التواصل، ولا سيرة ذاتية منشورة، ولا سجل تعاملات رسمي مع أندية كبرى أو لاعبين معروفين. لكنه رغم ذلك، تصدّر العناوين مؤخرًا بتصرفات أقل ما توصف به أنها غير احترافية.
وطني الذي تداخل في صفقة وسام أبو علي رغم أنه ليس وكيله، تداخل مؤخرا في تمديد عقد إمام عاشور، وكذا تمثيل اللاعب الشاب محمد عبد الله. وسعى لإعارته لنادٍ فرنسي دون أي مقابل مادي، وعندما رفض النادي العرض حفاظًا على حقوقه، خرج يهاجم مدير الكرة محمد يوسف، ويُصدر تصريحات فيها تجاوزات غير مسبوقة ضد منظومة الأهلي، في سلوك أقرب إلى “المزايدة” منه إلى الوساطة.
الأهلي، الذي يملك خبرات إدارية كبيرة، لم يتأخر في الرد، وأعلن وقف التعامل مع “آدم وطني” نهائيًا، في خطوة نادرة لكنها ضرورية للحفاظ على هيبة الكيان وقواعد السوق.
السماسرة.. الخطر الصامت
خطورة السماسرة لا تتوقف عند ضياع صفقة أو صفّ إعلامي، بل تمتد إلى ما هو أخطر:
تدمير لاعبين صغار عبر إيهامهم بفرص احتراف وهمية.
إفساد العلاقة بين اللاعبين والأندية بسبب تحريض دائم.
إرباك سوق الانتقالات بتقديم عروض غير حقيقية ومبالغات مالية.
تشويه صورة الأندية عبر تصريحات هجومية ومغلوطة.
الحل؟
تفعيل الرقابة من الاتحادين المصري والدولي على كل من يمارس دور الوسيط.
نشر قوائم معتمدة من وكلاء اللاعبين المرخصين.
توعية اللاعبين، خاصة الناشئين، بحقوقهم وخطورة التعامل مع المجهولين.
تغليظ العقوبات على من يثبت تورطه في تسويق لاعب دون ترخيص أو دون تفويض قانوني.
كرة القدم أكبر من أن تُختطف من حفنة سماسرة لا علاقة لهم باللعبة سوى بالبحث عن العمولات. واللاعبون، خاصة الشباب، أحوج ما يكونون إلى وكلاء محترفين يرشدونهم، لا إلى سماسرة يبيعونهم في صفقات مشبوهة.
وقضية آدم وطني، بكل ما فيها من فوضى وغموض، إنما تفضح ما خفي من سوق غير منظم آن له أن يخضع للمراقبة والمحاسبة.
الكاتب
ما هو انطباعك؟









