همتك نعدل الكفة
262   مشاهدة  

العلاج بالمعنى .. بحث الإنسان الدائم عن الأمل !

العلاج بالمعنى
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في حياة كل واحد منّا محنةٌ تنغصُ عليه صفوَ عيّشه، آلام يُصارعها فيغلبها مرةً و تغلبه مرات، تؤلمه لدرجة تجعله يرفض النصح، و المواساة من أي أحد، قائلا له” أنت لا تشعر بي، أنت لا تفهم ألمي، أنت لم تعِش تجربتي” ، و لا نستطيع أن نلومه؛ لأننا عادةً نرفض نصيحة المُنعّمين للمبتلين، و لكن هل يمكننا أن نجد نصيحةً عند طبيب نفسي لم يكتبها من خلف مكتبه؟!

العلاج بالمعنى 

أريد أن أوضح فكرة العلاج بالمعنى، بمثال بسيط، فقد تبدوا للبعض غير مفهومة، فالفكرة قد تفعل بالإنسان ما لا تفعله الأدوية و العقاقير الطبيّة ،فكم سمعنا عن أشخاص أصابتهم الأمراض، و النوبات القلبية إثر خطب عظيم أو خبر حزين، و كيف أن بعضهم قد قضى عليه الحزن تمامًا فقتله و فارق الحياة، و كيف أن فكرة تشغل بالك و تفكيرك قادرة على أن تؤرقك و تُبقِيك مستيقظًا بطريقة يعجز عنها 20 فنجان قهوة!.

و بالمقابل عندما تكون مرتاح البال و راغبًا في النوم لن تستطيع كل المنبهات أن تُبقيك مستيقظََا ، و كذلك بعض المعاني التي نغذيها في عقولنا قادرة على أن تجعلنا نحتمل كثيرًا من الألم،  وخير من تحدث عن العلاج بالمعنى، هو ” فيكتور فرانكل” عن تجربة ناتجه لسنوات  طويلة قضاها في معتقلات التعذيب، حيث فقد أهله و أحباءه في الحرب.

من هو فيكتور فرانكل 

و فيكتور فرانكل هو طبيب أعصاب و طبيب نفسي نمساوي ، و واحد من الناجين من المحرقة النازية، و هو صاحب مدرسة العلاج بالمعنى، و يعد مصدر إلهام للكثير من الأطباء النفسيين، فقد أهله و زوجته في الهولوكوست، و قضى هو بنفسه قرابة الـ3 سنوات في معتقل”أوت شويد”.

فيكتور فرانكل
فيكتور فرانكل

و برغم قسوة الاعتقال حاول” فرانكل” تحليل نفسيات السجناء ،فدرس سر انهيار بعضهم و سر صمود آخرين، وتوصل إلى عدة معان لخصها في كتابه “ الإنسان يبحث عن المعنى” .

كتاب الإنسان يبحث عن المعنى 

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أحزاء؛ الجزأ الأول حكى فيه خبراته في معسكر الاعتقال،  و في هذا الجزأ سرد لنا الكاتب كثيرًا من الممارسات التي كانت تنفذ ضد المعتقلين من قسوة و إذاء و حرمان و تعذيب نفسي وجسدي ، كما تناول في هذا الجزأ الأطوار الثلاثة التي يمر بها السجين بدءً من الطور الأول و هو الصدمة و صعوبة تقبل الحياة في المجتمع الجديد و عن الطور الثاني فهو التبلد ، عندما يبدأ السجين بفقد شعوره شيئا فشيئا.

و الطور الثالث هو أفعال السجين بعد الإفراج عنه كيف سيعود للإندماج في الحياة الطبيعية من جديد، و
درس أيضًا في هذا القسم بعض المعاني البسيطة التي كان يعيش عليها المساجين و يخففون بها آلامهم منها الحب و مصارعة الألم في سبيل من نحب أو على أمل العودة لكي نلقى من نحب .

كتاب الإنسان يبحث عن المعنى
كتابالإنسان يبحث عن المعنى

عبر الكاتب في هذا القسم على قول”نيشه ” من يمتلك سببا ليعيش يستطيع أن يتحمل بأي طريقة وبأي حال”،  لذلك قد نجد شخصًا يعيش ظروفًا صعبة لكنه يخرج منها منتصرًا لأنه كان يملك سببًا لمكافحتها بالمقابل قد نجد نسب انتحار عالية لأشخاص يعيشون ظروفًا طبيعية و يقيمون في دول تأمن الرفاهية لسكانها و لكنهم فقدوا المعنى الذي يدفعهم للحياة .

المبادئ الأساسية للعلاج بالمعنى 

أما في القسم الثاني تناول المبادئ الأساسية للعلاج بالمعنى من وجهة نظر طبية علمية و في هذا القسم بعض التعقيدات و المصطلحات الطبية و لكن نستطيع أن نفهمه على مجمله .

والقسم الثالث تناول موضوع التسامي بالذات و أراه أنه كان مؤكد لمجمل ما جاء في الكتاب .

إقرأ أيضا
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين

مواقف استوقفتني

استوقفني موقف كتبه الكاتب في القسم الأول عن سجين حكى له عن منام رأه بأنه سوف يتم إطلاق سراحه بنهاية الشهر القادم وكان السجين يعيش على هذا الأمل و ما أن قدمت نهاية الشهر و لم يجد شيئا يتغير بدأ بالمرض و الذبول ثم الوفاة ، ثم يؤكد مدى قوة الأمل و ما قد يفعله في حياة الإنسان .

استوقفتني أيضا حالة من حالات مرضاه الذين كانوا يأتون إلى عيادته عن زوج فقد زوجته التي يحبها ويعيش من بعدها آلام لا يستطيع التعايش معها ، حاول الطبيب أن يجعله يفكر بطريقة أخرى فسأله ماذا لو حدث العكس قال هذا شيء مريع إنها ستتألم و تعاني جدا من ألم فقداني قال إذا أنت هنا تتحمل عنها وتحمل الوجع عنها و كأن في هذا معنى للفداء فجعله يفكر بطريقة أخرى ويبدأ بتقبل آلامه.

الكتاب ملهم و غني بالأفكار التي لا يتسع المقام لشرحها ، لكني أرشحه لمن يجد في هذه الفكرة أعني العلاج بالمعنى سُلوانًا لما يعاني و للمهتمين أيضا بأمور الطب النفسي .

الكاتب

  • العلاج بالمعنى مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان