همتك نعدل الكفة
491   مشاهدة  

العلمانية هي الحل 01) ردود عقلانية على “الشبهات” حول العلمانية

العلمانية
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



قد يكون عنوان السلسلة صادم حبتين للبعض، وبسرعة المتدينيين وكتير من المؤمنين هيصنفوني عدو للدين.

بس المسألة مالهاش علاقة بتوجهي الفكري كعلماني.. ولا مناكفة دينية لأهلي وأصدقائي المتدينين والمؤمنين، الأمر ببساطة شديدة إقرار واقع كلنا عايشينه.

الواقع “من وجهة نظري” أن مشاكل كتير بتقابلنا في حياتنا سببها تغول الخطاب الدين على عالم السياسة ومختلف مجالات حياتنا، أو ما يمكن أن نسميه “المجال العام”. وحلها مش تجديد الخطاب الديني أو إصلاح الخطاب الديني، الكلام ببساطة ووضوح عن تحجيم الخطاب الديني، وأنا هنا باتكلم عن الخطاب الديني مش الدين شخصيًا.

لكن للآسف ولآن سطوة الخطاب الديني قوية ومهيمنة فبندور على الحلول في أي حتة تانية بعيد عن المكان الصح.. حيث يوجد أحد الحلول السحري الهامة لكل المشاكل دي، العلمانية.

توضيح

إيه الفرق بين الدين والخطاب الديني؟

الدين: هو علاقة رأسية “ذاتية” بين الإنسان وإلهه.

الخطاب: في أبسط تعريفاته هو أي كلام له صبغة سلطة.. وبيكتسب سلطته من سلطة قائلها أو من تنسب له، من أول فتاوى رجال الدين وصولًا للافتة ممنوع التدخين.

الخطاب الديني: هو علاقة أفقية “جماعية” بين متدين ما يحاول فرض تصوره عن الدين في صورة خطاب على باقي الناس.

بالتالي ينفع نلاقي أتنين يتفقوا في الدين ويختلفوا حول الخطاب الديني.

العلمانية
صور أرشيفية

 

العلمانية

بعيد عن التعريفات الخزعبلية ماركة أمك تقلع الحجاب ولماذا لا تنكح أمك وحُراس العقيدة.. إلخ. خلونا نشوف تعريف العلمانية بشكل علمي ومُبسط: هي مبدأ فصل الدولة عن سلطة المؤسسات الدينية.

أبسطهالك.. موقع الجمعية القومية العلمانية ببريطانيا عَّرف مبادئ العلمانية كالأتي:

  • فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة والمجال العام، حيث يمكن للدين المشاركة دون أن يهيمن.
  • حرية ممارسة المرء لعقيدته أو معتقده “دون الإضرار بالآخرين” أو تغييره أو عدم امتلاكه، وفقًا لضميره.
  • ضمان المساواة بحيث لا تضع معتقداتنا الدينية أو عدم وجودها أيًا منا في ميزة أو ضرر.
  • فصل الدين عن الدولة، فالفصل بين الدين والدولة هو أساس العلمانية. حيث يضمن عدم تدخل الجماعات الدينية في شؤون الدولة، وعدم تدخل الدولة في الشؤون الدينية.
العلمانية
صورة توضيحية

الدول الملحدة مش علمانية

كتير من الأصوليين في مختلف الديانات بيربطوا “زورًا” ما بين الالحاد والعلمانية، بس في الحقيقة الدولة اللي تفرض الالحاد كعقيدة على مواطنيها (زي كوريا الشمالية والاتحاد السوفيتي السابق) كده ماتبقاش علمانية.. إنما تبقى دولة عقائدية زيها زي أي دولة دينية بتفرض عقيدة السلطة على المجتمع.

إنما العلمانية دورها حماية حرية العقيدة لمواطنيها، زي ما هو حاصل في أستراليا ومعظم دول أوروبا وأمريكا وغالبية دول أمريكا الجنوبية.

وعلى سبيل المثال الدكتور جون قرنق عرض الفكرة بمنتهى السلاسة والوضوح والشمولية، في المقطع ده.

أفكار مغلوطة

في السطور السابقة اتعرفنا على معنى العلمانية وأهدافها، والمفترض ده يكون صحح بعض الأفكار المغلوطة عنها، بس كمان فيه كام مغالطة أحب أفندها، مغالطات مصدرها أشخاص مُدلسين.. وانتشرت وتعمقت في عقولنا نتيجة عدم وجود خطاب مضاد يرد على التدليس ويصحح المفاهيم دي، إن كان بسبب خوف العارفين بحقيقة العلمانية من ردود الفعل أو لعدم وجود منابر يردوا منها، في عصور ما قبل الانترنت.

  • العلمانية مؤامرة غربية ضد الإسلام

دي أكتر مغالطة بيروجلها رجال الدين الشرقيين بمختلف أنواعهم، اللي كلهم بيتعالجوا في الغرب وبينشروا خطابهم التحريضي ضد العلمانية على المنصات الألكترونية صنيعة الغرب اللي بيتأمر عليهم.

في الواقع المغالطة دي مالهوش أي علاقة بحقيقة العلمانية، وأي حد بيردد المغالطة دي أما جاهل أو مُدلس أو الأتنين، لأن ببساطة العلمانية نشأت في أوروبا “المسيحية الكاثوليكية وقتها”. وكان أهم أهدافها التخلص من الحروب الدينية-المذهبية، وكان شعارها الرئيس هو: الدين في المنزل والمواطنة من حق الدولة.

  • العلمانية فيها جملة.. ولامؤاخذة قطاعي

غير الإسلاميين الكلاسيكيين بأنواعهم، فيه فريق تاني يبدو للوهلة الأولى إنه تقدمي وداعم للحريات ويبان من بعيد كده إنه عقلاني ومكمل علامه. بس لما تسمعه برواقة هتلاقيه بيقول كلام بعيد كل البعد عن واقع العلمانية.. بسبب أيدلوجيته، فريق ينفع تسميته بـ اليسار القومي، لكن هو على مستوى الممارسة والخطاب تيار عجيب يحاول التوفيق بين نقيضين اليسار والإسلام.

مشكلة التيار أو الفريق ده تكمن في القومية اللي متبنيها، وهي “القومية العروبية”. والقومية العروبية مشكلتها إنها مش قايمة على مبدأ المواطنة واللي أهم مباده تكافوء الفرص بين جميع المواطنين دون النظر لدين أو جنس أو قبيلة أو عقيدة. إنما بالأساس بنيتها أصولية ينفع تتلخص في (القبيلة-العقيدة-الغنيمة) كما ورد عند الكاتب المغربي، محمد عابد الجبري، في كتابه بنية العقل العربي.

تيار عايز علمانية تفصيل، من ناحية تناسب رؤيته اليسارية تجاه حقوق العمال.. على ألا تخالف جذوره الأصولية العروبية القبلية، فتكون النتيجة خطاب تلفيقي يحاول الجمع بين تبني العلمانية ومعادة الغرب، وبسبب عدم وجود ما يميزه يلجأ “كأي مهزوم حضاريًا” للتعالي الأخلاقي. فيقترب من خطاب الإسلامجية، اللي محاوره الأساسية: رؤية الغرب كآخر عدو، رؤية الشرق ككتلة واحدة، الإهتمام بإيمان المجتمع بدين، ربط الأخلاق بالدين، ربط السمو الأخلاقي بسلوكيات الستات.

إقرأ أيضا
الكعبة
YouTube player

تاريخ المصطلح/الشعار

قد يذهب البعض أن عنوان العلمانية هي الحل مش أكتر من معارضة لفظية لشعار الإسلام هو الحل، اللي تبنته جماعة الإخوان المسلمين….. بس دي برضه مغالطة، أو بلغتهم “شبهة” سهل تفنيدها.

حقيقة شعار “الإسلام هو الحل” إنه جديد نسبيًا على أدبيات الجماعة، الشعار ظهر في أواخر التمنينيات أوائل التسعينيات، وكأغلب الطفرات المهمة في تاريخ الجماعة حصل بمعرفة أحد “المؤلفة عقولهم”، على رأي الصديق المخرج إسلام ملبا، وهو هنا الشيوعي السابق عادل حسين.

وبسبب الجذور الشيوعية للمتحول إلى التيار الإسلامي، فكان يشغله الإجابة على السؤال الشيوعي المحوري الذي ما العمل؟، لصاحبه لينين، قائد الثورة البلشفية الروسية.

العلمانية
لينين

فما كان من الراحل عادل حسين إلا إنه أخد مصطلح “الإسلام دين ودولة” اللي تبناه حسن البنا في أدبيات الجماعة دون الإشارة إلى مصدره، عبد الرازق السنهوري – الفقيه الدستوري الراحل، وصاغه كإجابة على السؤال اللينيني الأشهر “ما العمل؟”.

بالتالي أنا هنا مش بصدد معارضة لغوية لشعار إخواني، إنما بقدم إجابة مدنية حديثة لسؤال إنساني، بعيدًا عن أي سلطة أو خطاب لاهوتي-ديني. بهدف الوصول لدولة قائمة على أساس المواطنة والمساوة وتكافؤ الفرص بين كافة المواطنين بمختلف انتماءاتهم العقائدية والقبلية والعرقية واللغوية والجندرية… إلخ.

ختام

أظن كده الصورة وضحت بعيد عن أي تضليل أو مغالطات أو “شبهات”، واللي لسه معترض هو شخص ماعندهوش لبس.. إنما هو شخص أصولي منحاز لنموذج الدولة الدينية أو على أقل تقدير مع خلط الدين بالسياسة، وأكيد أنا هنا مش همسك في خناقه.. إنما هاشتغل على توضيح خطأ فكرته ومدى إضرارها بالمجتمع ككل.

فمن الحلقة الجاية هنبدء في استعراض المشاكل الناتجة عن هيمنة الخطاب الديني على المجال العام، بمختلف أنواعها أو تصنيفاتها (اقتصادية، اجتماعية، جنسية، علمية، رياضية، صحية، وحتى دينية).

بعض النماذج سبق إتكلمت عنها بشكل منفصل في سياقات تانية. لكن هاحتاج في السلسلة دي الإشارة ليها تاني لتسهيل الربط بينها من حيث منطلقها “الديني” وبين حلها عن طريق “العلمانية”.

الكاتب

  • العلمانية رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
3
أغضبني
2
هاهاها
2
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان