العواصم المصرية.. لماذا يُغير القادة قلب الدولة عند كل حقبة تاريخية جديدة؟
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اشتهرت مصر بفعل تاريخي استغربه وانتقده الكثيرون، وهو إنشاء عاصمة جديدة عند بدء الحقب التاريخية والحكم الجديد، فلماذا كان يفعل القادة ذلك؟، وما هو الهدف من إنشاء عاصمة غير تلك الموجودة بالفعل؟، وما هي أهم العواصم المصرية على مر التاريخ؟.
مِنف.. عاصمة توحيد القُطرين
بعد توحيد شمال وجنوب مصر، كان لابد من اتخاذ عاصمة إدارية لمصر الجديدة الموحدة، يُدار منها البلد وتُخضع أي ثورة مقاومة، ووقع الاختيار على مدينة منف، التي تقع بين الصعيد والدلتا، وتوجد أطلالها اليوم على مقربة من قرية ميت رهينة 20 كم جنوبي القاهرة، واستمرت منف عاصمة للدولة قرابة الألف عام، وفي عصر بناة الأهرامات، تم تحويل منف لمدينة ملكية عظيمة، وتم تحويطها بسور أبيض عظيم، توسطه القصر الملكي الذي يفد إليه الموظفون يوميًا.
الإسكندرية.. المدينة التي لا ينام فيها أحد
بعد أن جاء الإسكندر لمصر، قرر أن يُنشئ عاصمة جديدة تكون مركزًا لنشر الثقافة، وتكون قريبة من شعوب البحر المتوسط، حتى يسهل إليهم الوصول إليها، ووقع اختياره على أرض سوداء أمام جزيرة قاروس، تقع بين بحيرة مريوط، والبحر المتوسط، وأسماها مدينة الإسكندرية، واستمرت عاصمة لمصر منذ عام 332ق.م، وحتى عام 641م، وكان يرى السكان هناك أنهم ينتمون لثقافة شعوب البحر المتوسط، أكثر من المصريين، وأطلقوا عليها المدينة التي لا ينام فيها أحد بسبب الحفلات الليلية اليومية، والحياة الحيوية نهارًا.
الفسطاط.. عاصمة الفتح الإسلامي لمصر
عندما جاء عمرو بن العاص بجيشه ليفتح مصر، لم يواجه مشاكل تُذكر تقريبًا إلا في موقعين، الإسكندرية العاصمة، ثم أخضعها له، والثاني حصن بابليون الذي يقع في موقع استراتيجي اختاره الجيش البيزنطي بعناية، بين الصعيد والدلتا، وحاصر عمرو بن العاص الحصن وأقام حوله فسطاطًا ضخمًا (خيمة)، ليتابع منه عملية الحصار التي دامت مدة سبعة أشهر كاملة، حتى استطاع جيش المسلمين أخيرًا في اقتحام الحضن، والسيطرة على مصر بالكامل، وأمر الخليفة عمر بن الخطاب بإنشاء عاصمة جديدة لتكون مركزًا للجيش، ونشر الدعوة للدين الإسلامي، واختار عمرو بن العاص حصن بابليون وأطلق عليه اسم مدينة الفسطاط.
فرض الضرائب على التبول .. حيلة لجأ إليها فيسبازيان لملء خزينة روما
القاهرة.. المدينة التي قهرت عدوها
عندما دخل جوهر الصقلي لمصر عام 969م، شرع على الفور ببناء عاصمة جديدة تليق بالخلافة الفاطمية، بناء على وصية المعز لدين الله الفاطمي، وأوكل الصقلي إلى القبائل المغربية التي هي أساس الجيش الفاطمي، ببناء المدينة وتركت كل قبيلة اسمها على الجزء الذي بنته، مثل صنهاجة، كتامة، زويلة، وتم تحويط المدينة العملاقة التي بلغت 340 فدان، بسور ضخم يمتد من باب النصر إلى باب زويلة، جعل منها قلعة حصينة كبيرة، وأطلقوا عليها اسم القاهرة.
كانت القاهرة وقتها تتكون من قصر كبير هو مسكن الخليفة، ويدير الدولة منه، وقصر صغير لابنة الخليفة، وبين القصرين يقع ميدان “بين القصرين”، بالإضافة إلى الجوامع الكبيرة مثل الجامع الأزهر، بالإضافة إلى مساكن الأمراء، وخزائن الدولة، ولم يكن مسموح للعامة بدخول القاهرة إلا بالنهار فقط، ليعرضوا طلباتهم، أو لشراء المحلات، ويخرج الجميع من المدينة مع غروب الشمس.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال