الغرام في زمن النبوة .. بالدم والدموع والابتسامات
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان لهم قلبًا كما لنا قلب ، يدق ، يتدفق بالحب ، كان الغرام حاضرا، يرى في المرأة جمالًا كما ترى ، غير معصومين من الحب لأن الحب ليس جرمًا يعصم الإنسان منه ، لم يكونوا أحجارًا كما يحاول البعض أن يصورهم ، لم تُختصر حياتهم بين الحرب وإدارة الشئون ، كانت لهم حياتهم الخاصة كأي شاب منّا ، أحبوا وكرهوا وبكوا وذاقوا الشوق والفقد والحزن والشغف .. وها هي بعض القصص التي تثبت لك كيف كانوا فقط “بني آدمين”
دموع الرسول
قصة الحب التي رق لها الرسول وتعاطف معها ونرف من أجلها دموعه الطاهرة ويورد د. شفيق العياري في كتاب”عصر النبوة” في حين خلع عتبة بن زوجته وابنة عمه “رقيه”بنت الرسول بعد شيوع نزول الوحي فإن “العاص بن ربيعة” زوج اختها زينب تمسك بزوجته رغم بقائه على الوثنية .. وإلحاح ذويه بتطليقها وتهديدهم إياه بالمقاطعة ولكن سرعان ما نزل الحكم الإلهي بتحريم المسلمات على المشركين فما كان من زينب بنت محمد إلا الرضوخ لأوامر الله – رغم حبها الشديد لزوجها- فهجرته في الفراش وإن بقيت لتمسكه بها ، وجاءت الهجرة وانتقل النبي وأتباعه إلى المدينة وبقيت “زينب” بجوار زوجها ، وأصر القريشيون على خروج “العاص” معهم ليقاتل “حماه” في غروة بدر ويشاء القدر أن يقع “العاص” أسيرًا في أيدي المسلمين ، ويبعث أهل مكة بالأموال والذهب والأشياء الثمينة فدبة لأسراهم ويقف الرسول يستعرض ما بعثته قريش فيتوقف عند قلادة ذهبية وقد عرفها فيسيل دمعه ويجهش بالبكاء .. إنها قلادة خديجة .. التي زوج بها ابنتهما “زينب” للعاص بين الربيع وها هي لا تجد ما تفتديه به أسره إلا هذه القلادة الغالية ويستأذن الرسول أصحابه أن يفكوا الأسير ويردوا للزوجة الوفية قلادتها ، ويوافق الصحابة على رأي قائدهم مراعاة له ولأهله ، وكان لهذه السماحة أثر في قلب “العاص” الذي سرعان ما أسلم التي أوقفها إصراره على الكفر
أبو بكر وزوجته
قصة مشابهة في نفس الزمن ذكرها الدكتور محمد حسين هيكل في كتابة “الصديق أبو بكر” عن رفيق هجرة الرسول وخليفته الأول الذي تزوج أربعًا من النساء أولهم “قتيلة بنت العربي” في صدر شبابه ثم مفارقته لها ، رغم حبه الجارف لها ، أمتثالا لأمر الشرع لإصرارها على الكفر بعد أن أنجبت له “عبد الله” و”أسماء” ذات النطاقين التي رفضت مقابلتها فيما بعد فأذى ذلك نفس أبو بكر الرقيقة لتنزل الآية الكريمة : ل”لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” .. ليعود الود بين الإبنة الحريثة على إسلامها وأمها الكافرة وليزول الألم من نفس “أبو بكر” .
تزوج أبو بمر أيضًا من “أم رومان” التي أنجبت له أم المؤمنين عائشة وعبد الرحمن ثم تزوج أسماء بنت عميس “أرملة” جعفر بن أبي طالب والتي أنجبت له “محمد” الذي شارك في مقتل “عثمان” و”حبيبة” بنت خارجة التي أنجبت له”أم كلثوم” بعد وفاته .
عمر وزوجته
يذكر أديبنا الجليل “العقاد” أن زوجات عمر اللائي عاشرنه قد كلفن به حبًا وتعلقن به ، فإحداهما واسمها ” العاصية بنت ثابت” وسماها الرسول “الجميلة – كانت لا تطيق فراقه فإذا خرج مشت معه إلى باب الدار وقبّلته ولم تزل في انتظاره حتى يعود ، مع ذلك فإن دلال الجمال لا يصبر على زهد المعيشة إلى النهاية ، ويبدو أيضًا أن عمر الزاهد الخشن قد ضاق بهذا الدلال فيطلق العاصية الجميلة ، وهو ما فعله أيضًا في جاهليته مع زوجته الأولى قريبه “بنت أبي بن المغيرة” التي كان الرسول يفاخر بجمالها الأنصار .. إلا أنه أبقى على آخر زوجاته “أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب” وكذلك “عاتكة بنت زيد” التي رثته كثيرًا بعد مقتله ، ومن ذلك قولها :
رءوف على الأدنى غليظ على العدا .. أخي ثقة في النائبات منيب
ومن أقواله التي أوردها “العقاد” وتظهر مقاييس جمال المرأة في رأيه “تزوجها سمراء ذلفاء عيناء” وعليكم بالأبكار لأنهن أكثر حبًا وعن علاقة الرجل بزوجته قال “أحب أن يكون الرجل في أهله كالصبي فإذا احتيج إليه كان رجلًا”
عورقية بنت محمد
ذو النورين “عثمان بن عفان” أطلق عليه هذا اللقب بزواجه من بنتي الرسول “رقية” و”أم كلثوم” كان قلبه معلقًا برقيه بتن الرسول قبل الإسلام قم علم بخبر زواجها من “عتبة بن أبي لهب” فاشتد عليه الحزن ولكنه يأتيه الفرج من حيث لا يدري بتفريط “ابن أبي لهب” في زوجته نكالا في أبيها الذي ترك وثينة قبيلته وجاء بالإسلام ، وتواني “عثمان” الفرصة ليبرأ سقم قلبه وينجب منها “عبد الله” الذي مات في السادسة ولا تلبث أن تمرض بعده ويتخلف “عثمان” عن معركة بدر ليكون بجوار الزوجة الحبيبة في مرضها ولكنها تموت وتدفن يوم جاء بشير النصر ويعتبره الرسول من البدريين ويعطيه سهمًا من غنيمة النصر وبزوجة ابنه الباقية “ام كلثوم” لما ظهر من حسن عشرته للزوجة الراحلة لكنها أيضًا تموت مبكرًا ويواسيه الرسول قائلًا : “لو أن لنا ثالثة لزوجناك”
مصادر تم الاستعانة بها :
- أرشيف جريدة العربي 1999
- مذكرات العقاد
- كتال عصر النبوة
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال