!الفتاة التي أرادت التقرب إلى الله بالختان

عالم مجنون مجنون، هكذا حال عالم التشدد المليء بالموضوعات الغريبة والمواقف الأغرب، وكنت قد كتبت عن عدة مواقف مررت بها مع المتشددين في مرحلة ما من حياتي عندما حاولوا معي أن أنضم لهم، وأنقذني القدر ثم المسرح والتفكير.

وأتذكر فتاة من هؤلاء الذين اتخذوا التشدد سبيلا وكانت صلبة في معاملتها مع زميلاتها بالثانوية العامة وكذلك مدرسيها الذين لا يعجبونها لأنهم يشربون السجائر ويتعاملون كبني آدمين بهم ما بهم من مميزات وعيوب.

كانت تتعامل سين بتعالي شديد ولا تعلم المسكينة أن الكبر خطيئة أبليس  ويحبط العمل وتوعد الله للمتكبرين ، ربما لأن الكبر يجعلك تراك فريدا من نوعك ويجعلك ترى الآخرين أقل منك في كل شيء ، في الإيمان وفي الأخلاق.

كانت سين تتبع ملابسنا وتعلق على كل شيء؛ هذا ضيق، هذا لا يليق، هذا لا ينفع، هذا لا يناسب، بسلطة والدية عنيفة وسخيفة وكأنها حكما على خلق الله .

كنا حينها طالبات بالثانوية العامة في الاسكندرية ورغم أنني كنت أرتدى حينها طرحة طويلة حتى صدري كانت لا يعجبها ما أرتديه من ألوان وخاصة لأنني لا أرتدي النقاب وهي ترى أن النقاب فرضا.

ولا أنسى صديقة عزيزة كانت ترتدي أيضا شبه خمار ، وطرحتها الطويلة تغطي ملابسها تقريبا حتى بطنها ، وبيوم كانت ترتدي جيبة فقط على مقاسها بالضبط.

اقرأ أيضا…عيد الحب الذي يلقي أصحابه في جهنم

الجيبة كانت منضبطة، وأنا في غاية التعجب أنني أقوم بوصف ملابس بنت  حتى لو ضمن سياق محدد، فقط أحاول تقريب الصورة للقارىء.

وقفت سين وقالت لها: الجيبة دي ضيقة .

وأخذت تعلق على الجيبة وعلى ملابسها البنية بشكل سخيف كعادتها، فما كانت من صديقتي سوى أنها وقفت بثقة ووضعت يدها على وسطها وقالت: بس إيه رأيك في جسمي كدة؟ مش أحافظ عليه؟

قصفت جبتها بابتسامة وتركتها ومضت.

ولكن أغرب شيء فعلته هذه الفتاة أنها أعلنت رغبتها في الختان!…نعم فقد قالت أنها تريد أن تبحث عن طبيب لتجري عملية  الختان وهي بالثانوية العامة.

لم يا سين طقت في دماغك هذه الفكرة العجيبة؟

لأن الختان سنة!

إقرأ أيضا

رأس الحسين في باب الفراديس والرقة “فرضيات تاريخية مردود عليها”

سنة؟ منذ متى والختان سنة؟

كنا في سن لا نعرفه فيه أي شيء عن هذه الموضوعات، ولكن أبعد ما يكون عن أذهاننا أن يكون الختان سنة!

ووصلت لطبيب أو طبيبة بالفعل تجري لها هذه العملية وحاولت إقناعنا كي نفعل مثلها لأن بهذه الطريقة  سنتقرب أكثر إلى الله.

في حياتي كلها لم أنسَ هذا الموقف، ومازلت أتوقف عنده كلما تذكرته.

فهل بعد كل ما أحكيه لا يحق لي أن أصف هذا العالم، بعالم مجنون …مجنون؟