الفريق محمد فوزي.. أعاد تهيئة الجيش بعد نكسة يونيو لكن تم حرمانه من رؤية نصر أكتوبر
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا يمكن الكلام عن تاريخ حرب أكتوبر دون الرجوع إلى دور الفريق محمد فوزي فهو الأبطال الذين ساهموا بشكل أو بآخر في هذا النصر العظيم منذ أن تولى منصب وزير الحرب بعد نكسة يونيو 67، ذلك الرجل الفذ الذي يُنسب غليه الفضل في إعادة بناء الجيش المصري بعد تدميره تقريبًا في حرب يونيو الأليمة.
جمال عبدالناصر وقرار تعيين الفريق محمد فوزي
من المعروف أن القوات المسلحة خرجت من نكسة 67 تقريبًا دون الحد الأدنى من الأفراد القادرين على مُجابهة العدو الصهيوني، وكانت مُهمة “فوزي” ثقيلة جدًا خاصة بعد خروج المشير عبد الحكيم عامر ورجاله من الخدمة، وتكليفه من قِبل الرئيس “جمال عبد الناصر” بإعادة بناء القوات المسلحة على أسُس علمية بِدءًا من الفرد إلى السلاح، مثلما ذكر الفريق محمد فوزي نفسه في مذكراته التي صدرت بعنوان “حرب الثلاث سنوات“، وكتب بها أن الرئيس جمال عبد الناصر قام بالاتصال به هاتفيًا يوم 11 يونيه 1967م وقال له: “هل تتحمل يا فوزي مسئولية قيادة القوات المسلحة في الوقت الحالي ؟ “، وكان رد “فوزي”: “نعم يا أفندم”، فقال له الرئيس :”سأعلن هذا القرار في الساعة الثانية والنصف، حتى ألتقيك في السابعة مساءً”.
عملية التطهير
وذكر الفريق محمد فوزي في مذكراته أنه كان عليه مهمة بناء القوات المسلحة مرة أخرى على أسس علمية وعملية بهدف استرجاع الأرض المُحتلة في 67، وكانت أول مهمة قام بها هي أنه طهر الجيش من قيادات الصف الثاني المسئولة عن الهزيمة، وقام بعدة تعيينات جديدة، وقام بتوحيد قمة القيادة العامة للقوات المسلحة مُتمثلة في القائد العام ونائبه رئيس الأركان بحيث تكون إدارتهما واحدة في مكتب واحد.
حجم القوات المسلحة
جاءت المهمة التالية والأصعب حيث كان عليه أن يقوم بتدريب الجيش ورفع كفاءته القتالية، وشرح “فوزي” كيف كانت مرحلة التدريب وإعداد المُقاتلين، حيث بدأوا التدقيق في الاختيارات، وتعمدوا تجنيد العناصر المتعلمة والمثقفين بدلًا من الأميين، فبعد أن كانت نسبة تجنيد الجامعيين 3%، أصبحت 79%، مما ساهم في الارتقاء بمستوى الفرد المُقاتل واستيعابه لاستخدام الأسلحة الواردة من الاتحاد السوفيتي، وقام بهيكلة كل هؤلاء المجندون ما بين التشكيلات البرية، والقوات الجوية والبحرية.
إعادة التنظيم والهيكلة
وجه “محمد فوزي” تعليماته إلى اللواء “أحمد زكي عبد الحميد” رئيس هيئة التنظيم والإدارة، بتطبيق مبادئ التنظيم والتسليح والأفراد والمعدات التي تحقق مهمة الوحدة أو التشكيل في العمليات الحربية، مع مراعاة رواتب الحرب كأساس ومراعاة المرونة ومبدأ الاقتصاد في القوى وتوازن قوى الصدام والاكتفاء الذاتي، وتم تنفيذ هذا البرنامج بحذافيره في الوقت المحدد المرسوم له، حيث قام “محمد فوزي” بوضع برنامج زمني ثابت ومنسق في كل هيئة وإدارة، بحيث يكون اليوم المحدد للانتهاء من تنظيم وحدة ما، هو نفس اليوم الذي تُسلم فيه الأسلحة والمعدات لهذه الوحدة، وهي فترة بسيطة تقاس بالأيام، وتقوم بعدها أجهزة التدريب في بدء تدريب الوحدة على مختلف المهمات القتالية.
إلغاء وحدات غير مقاتلة
بعد أن تم تحديد هدف القوات المسلحة بتحرير الأرض المحتلة، قام “محمد فوزي” بإلغاء وحدات لن تصب مهمتها في الهدف العام، وعلى رأسهم كانت الوحدات الآتية: “الشرطة العسكرية الجنائية، وحدات حرس الجمارك تم تحويلها لوزارة الداخلية، وحدات مراقبة الأسماك والطيور، وحدات مراقبة التموين التي نُقلت بأفرادها إلى وزارة التموين، وحدة مكافحة المخدرات التي نقلت لوزارة الداخلية، وحدات الزراعة تم نقلها بالكامل بجنودها ومعداتها إلى وزارة الزراعة، كما تم إلغاء مؤسسة هيئة تصنيع الطائرات والصواريخ لعدم جدواها اقتصاديًا أو حربيًا”؛ وهكذا تفرغت جميع قيادات ووحدات القوات المسلحة إلى واجبها الطبيعي والعمل في شئون الدفاع عن الدولة فقط.
تنظيم أسلوب القيادة
قام “محمد فوزي” بوضع خطة جديدة تلافي بها أخطاء القيادات السابقة وأهم نقاطها :
تحديد السلطات الحقيقية لرئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتحديد المسئوليات بالنسبة لإعداد الدولة للحرب، وتوحيد القيادة والسيطرة داخل وزارة الحربية، وضمان اتخاذ قرارات جماعية في الموضوعات العسكرية الهامة بحيث لا يكون لفرد الحق في اتخاذ القرارات المصيرية وحده، وأخيرًا ضمان الموازنة بين المسئوليات والصلاحيات التي تُعطى للمسئولين بما يوفر إمكان قيامهم بمسئولياتهم بطريقة إيجابية.
غياب عن الحرب
ظل الفريق فوزى وزيرًا للحربية من عام 1967م وحتى يوم 15 مايو 1971م، وفي سجله أيضًا كان قائدًا للكُلية الحربية لأكثر من عشر سنوات، وتعلم وتخرج آلاف الضباط من الجيش المصري على يديه، ولكن في يوم 15 مايو 1971م عزله السادات بتهمة التآمر، فيما عُرف بانقلاب مايو، وتمت مُحاكمته أمام محكمة عسكرية، ورغم أن السادات أصدر قرارًا بإعدامه، إلا أن المحكمة العسكرية رفضت، فقضى فترة في السجن، ثم فُرضت الإقامة الجبرية عليه، وهكذا حُرم منظم القوات المسلحة ومهيكلها من رؤية ثمرة تعبه ومجهوده بالنصر.
اقرأ أيضًا
إلى من لديه مشكلة مع نصر أكتوبر.. كبسولات قد تضع النقاط فوق الحروف
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال