الفن ليس رسالة أخلاقية والجمهور الجاهل أكثر رعبا من جيوش الاحتلال
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الفن ومشاكله
بعدما ضرب الفنان الكبير الراحل عماد حمدي العندليب قلما على وجهه في فيلم الخطايا عام ١٩٦٢ جلس في بيته ثلاثة أعوام يعاني كراهية الجمهور، كرهه الشعب المصري وخاف المنتجون من اشراكه في عمل واحد بسبب تلك الكراهية، نحن شعب لم يستطع أبدا التفريق بين شخصية سينمائية أو درامية وفنان حقيقي.
وعندما عرض المخرج مروان وحيد حامد دور الصحفي المثلي الذي لعبه خالد الصاوي على محمود حميدة في فيلم عمارة يعقوبيان طلب حميدة مليون جنيه وكان أجرا كبيرا للغاية في هذا التوقيت لن يحصل عليه حتى عادل إمام الذي يشارك في الفيلم، ساعتها قال حميدة لشركة الانتاج : أنتم لا تعرفون ما سوف أتعرض عليه بعد تقديم دور مثلي في المجتمع.. صدق حميدة ولم يوافقوا وتعرض الصاوي للكثير من المضايقات.
حتى النجم الكبير سعيد صالح عندما كان مديونا للتليفزيون وطلبوا منه لعب دور الجاسوس في مسلسل السقوط في بير سبع، خاف من تقديم الدور واستشار البطلة المشاركة اسعاد يونس وكيف يتقبل الجمهور المصري صورتهما كجاسوسين ضد مصر.
نعم المصريون لا يستطيعون التفريق بين الشخصية الدرامية والحقيقية وهذا ما تتتعرض له حاليا النجمة منى زكي التي أبهرت المجتمع المصري قبل عام واحد في مسلسلها الناجح جدا “تجربة نيوتبن” لأنها وقتها كانت تقدم شخصيا يشبه العامة من المصريين ويعاني من الكثير من مشاكلهم لكنه يكذب وقد يخون وكل تلك صفات مقبولة للغاية عند المصري ما لم تكن مثليا أو تحرض على فجور حسب رأيه.
اقرأ أيضا
أصحاب ولا أعز .. فيلم لطيف يستحق المشاهدة
في الحقيقة صار أمير كرارة نجما مصريا ذو ثقل رغم انعدام موهبته لأنه يقدم أدوارا مهمة في الفداء والتضحية لدى الشرطة والجيش، في اتابع لمسيرة أحمد السقا صاحب الموهبة المحدودة التي قدمت أدوارا ذكورية أو بطولية تعتمد على ملاحم وهمية تخدم الفكرة ذاتها، كذلك صار أحمد حلمي نجما محترما لأنه يقدم كوميديا معلبة ليس فيها افيها خارجا أو لفظا يجرح الشخصية المصرية التي تستمع لكل تلك الألفاظ يوميا في المواصلات العامة، بل ووصلت حتى الإذاعة التي تشتكي فيها امرأة ما من أن زوجه يخونها مع زوجة خاله، أو متصل لمحطة تليفزيونية يشكو أن امرأته تزوجت عليه، أو ابن عم ابتز ابنة عمه في قضية شهيرة شغلت الرأي العام المصري منذ أيام.
أو قرى بالكامل في ريف مصر بها حالات سفاح بنات أنجبن من أبائهن وغيرهن.
المضحك أن فيلما ناقش الازدواجية – لا المثلية ولا الخيانة ولا حاول صنع مشهدا مغريا – يناقشه المصريون بكل تلك الإزدواجية دون خجل، ينكرون تماما مشاكل المجتمع ويتهمون فيلما كتبه لبنانيون وأخرجته لبنانية وأنتجته نيتفلكس وكل أبطاله عرب ما عدا منى زكي بتحطيم قيم الأسرة المصرية، تلك الأسرة التي أشعل فيها النار الأخ في أخته من أجل الميراث .
الفن حديقة غناء يتقن المشاهد فيها اقتناء المفيد والمهم والممتع، ليس رسالة أخلاقية لتربية المشاهد لأن البيوت صنعت لذلك لا الفنون، الفنون تهذب الروح بعد اتنقاها
فيلم أصحاب ولا أعز – أسوأ ما فيه اسمه – فيلم عن الازدواجية فضح ممارستها على مدى واسع في مصر بنجاح شديد.
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال