همتك نعدل الكفة
850   مشاهدة  

لا تشك

الكذب


 

عزيزتي جيجي…أري التساؤلات فى عينك، يكاد الدمع يبلل لسانك وأنت تنعين الثقة، نعم يا جيجي نعيش العمر نبني في الثقة، ثم يأتي الشك كصدع يهدد بالانهيار.

تتكون العلاقات ببطء أو سرعة، ننجرف فى تيار الاجتماعية، ونحن نعكس ذواتنا واحتياجاتنا علي الآخرين، نري مشاعرنا فى العلاقة، فتصبح مثل جدار عازل لرؤية الحقيقة.

حين نقترب من آخر ونحبه، يصير الحب ورغبتنا فى القرب مثل أجهزة التشويش، فلا نري الحقائق، ولا نعرف من مشاعر الآخر وصفاته إلا ما نحب أن نعرف.

هل جربتي أن تحكي لك صديقة عن صديقة مقربة منها أو صديق مقرب؟ ستجدين الراوي يحكي بشغف، الحب يلمع فى العيون، والصفات تقارب الملائكة، ببساطة إننا مع الحب لا نرى.

حين نحب نمنح الثقة دون قيد أو شرط، نُنكر علي الشريك بشريته وخطأه، فكيف إذن تنهزم ثقتنا وننكسر فى المقربين؟

أول المفتتح كان الكذب، والإنكار، وإدعاءات كثيرة، نكذب لأننا نريد التخفي، ونكذب لأن الأخرين يقتحموننا فارضين سلطة، وامتلاك، وقد يكون الكذب محبة حتي لا نجرح الآخر، وقد يكون تجاهل، بدءً وانتهاء هو كذب، حين يضرب الكذب ثوابت الثقة، يبدأ سوس الشك فى التهام أساسات أي علاقة.

وكلما كذب الشريك تصدعت الثقة، لماذا يكذب المقربون يا جيجي؟ ولماذا يضحون بسهولة بمساحات الثقة والمحبة في زمن يعز فيه الصدق، والمحبة غير المدفوعة؟.

تختلف الدوافع للكذب، فهناك من اعتاد الكذب وبات يتنفسه، هو شخص لا يمنكه أن يكون واضحًا، وقد يبدأ أحدهم طريق الكذب انطلاقًا الخوف، فهو يفعل شيء ويخاف من ردود فعل الصديق/الحبيب.

يا جيجي

قبل أن نبدأ فى محاسبة الآخرين لكذبهم أو اخفاءهم أمور نري أنها مهمة علينا أن نعترف فنحن أحيانا من ندفع شركاءنا لهدم الثقة، حين نعلق الأحكام الاستباقية ونفرض حدودًا وضيق أُفق، أقول لك يا جيجي إننا حين نراقب المقربين منا، ونحاصرهم، نُحرم عليهم التحليق في مساحات لا تضمنا، يضطرون وقتها للكذب والاخفاء، إننا شركاء، لكننا مثل إخوة يوسف يبكون الجُرم الذي ارتكبوه ويسبقون للشكوي وكأنهم لم يروا ولم يعرفوا.
فى الصداقة نرغب فى إمتلاك أصدقاءنا، نغضب إن كان لهم مقرب غيرنا، هذا فى الصداقة فما بالك الحب الذي وعيناه امتلاكًا؟.

لكن الكذب لا يُفيد، والعولمة اكتسحت كل شيء، فتنكشف الأكاذيب، ويظهر ما كانوا يظنونه خفي، وترتج الثقة، وشيء فشيء يُصبح كل فعل مشكوك فى صحته، وكل كلمة غير قابلة للتصديق، فندفع الآخر لمزيد من الإخفاء، ومزيد من الكذبن فتنهار ألوية الثقة، ونبكي علاقات نراها الآن زائفة.

 

إقرأ أيضًا…من القاهرة إلى مدينة النور.. إدمون كيراز يترك عالمًا أنيقًا بنسائه وألوانه

عزيزتي جيجي

كثيرون منا مرتبكون، وكثيرون مشوهون حين نطرح أي علاقة تجمع اثنين سنجد أن أبعد شيء عن مسارها هو الوضوح والصراحة، ذلك أننا نبدأ العلاقات بصور مثالية لا تشبه أصحابه، نبتكر شخصيات روائية سرعان ما تتضح مع الأحداث.

نبدأ بأوهام عِدة، وطموحات فى الامتلاك والتسلط، ألم تسمعي يا جيجي إحداهن وهي تغار علي صديقتها من صديقة أخرى؟ ألم تُشاهدي حبيبًا يلاحق حبيبته ويمنعها عن الجميع؟ أو حبيبة تلاحق حبيبها وترغب فى امتلاكه؟.

فى علاقاتنا أغلبنا متخبطين، مكبلين بالخوف من الفقد، نكذب ونخفي، وحين تنهار الثقة، تُصبح العلاقات مثل ماكيت من الكرتون، ربما لا تحتاج أكثر من نسمة لطيفة لتنهار.

الشك سرطان أي علاقة يتغذي علي تفاصيلها، ويكبر بالكذب والاخفاء، ونحن إذ زرعنا الشك لم نستطع إقتلاعه أو قص جذوره، إنها النفس البشرية، يظن الكاذب أن كذبته صغيرة، ويظن أنها لن تنكشف، ويظن الطرف الآخر أن شريكه خذله، لكننا نتشارك فى الأفعال ونتائجها، فلماذا نبكي ضياع الثقة وقد ساهمنا فى وضع حجر الأساس لبدء الشك؟.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان