همتك نعدل الكفة
625   مشاهدة  

“اللحوم المِخبرية” مستقبل التغذية في المختبر

اللحوم المختبرية
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



بينما تتجول في متجرك المعتاد محاولًا الانتهاء من قائمة المشتريات في أسرع وقت تفكرجيدًا قبل أن تضع كل منتج في سلتك؛ باحثًا عن الأكثر أمانًا والأقل سعرًا ما استطعت، ولا يخفى على الجميع فوبيا الأطعمة الصناعية، القاعدة الشعبية تقول كل ما هو صناعي سيء ألوان، نكهات، جبن، حلويات وغيرها. والأفضل هو الأقرب للطبيعة فالجبن القريش الفلاحي أفضل من صاحب القوام الجيلاتيني المعبأ في البلاستيك، والفواكه البلدي متفاوتة الأحجام والألوان نفضِّلها عن تلك صاحبة الأشكال والألوان المثالية؛ لكن ماذا حين تستدعي الظروف للاستغناء عن الطبيعي والاعتماد على الصناعي!

اقرأ أيضًا
تهريب اللحوم إلى إسرائيل عبر مصر “قصة منسية وهكذا واجهتها القاهرة”

العالم يخطو خطوات واسعة نحو إيجاد الحلول للأزمة المناخية وأزمات الغذاء، واللحوم جزء كبير من تلك الأزمة بأسعارها الآخذة في الارتفاع وعملية إنتاجها المسببة لآثار سلبية على البيئة؛ من هنا جاءت الحاجة للبديل الآمن والسريع غير الضار بالبيئة وبلا شك الأقل تكلفة. بعد أن استخدمتها سنغافورة بالفعل وأقرَّتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، أصبحت اللحوم المصنعة في المختبر في الطريق نحو مطابخنا، وإن كانت لا تزال في مرحلة التطوير ومحدودة الاستخدام، لكن الشركات المصنعة تسعى لتقليل تكلفتها وتنويع أشكالها لتصبح البديل السائد.

آمنة، مستدامة وربما تصبح الأقل تكلفةً

لحوم
لحوم

قبل أن تختلط المصطلحات نوضح أن اللحوم المصنَّعة المعتادة في الأسواق مثل البرجر، النقانق، الببروني،… إلخ هي لحوم طبيعية مخلوطة بالنترات وكلوريد الصوديوم والمواد الحافظة؛ اتفق الأطباء على مخاطرها بالنسبة لصحة المستهلك والبيئة، وتنصح منظمة الصحة العالمية بتقليل استخدامها بحد أقصى 600 جرام أسبوعيًا. أمَّا اللحوم المصنعة مخبريًا بالكامل فهي عبارة عن خلايا مأخوذة من حيوان حي، توضع الخلايا في بيئة دافئة مزودة بالمغذِّيات التي يوفرها جسم الحيوان من مياه وبروتين وفيتامينات ومعادن وغيرها، وفي خلال أسبوعين تتكاثر الخلايا مكونة تركيبة أشبه باللحم المفروم، تحتوي على العناصر الغذائية للحوم الصحية وبالطعم نفسه.

نظرًا للاتجاه السائد نحو التقليل من الانبعاثات الحرارية والحدّ من آثار الصناعات الضارة بالبيئة، اتجهت شركات التغذية للاعتماد على تلك اللحوم باعتبارها مستقبل الأطعمة؛ فهي مصدر مستدام يختصر الطريق الطويل الذي تقطعه اللحوم الطبيعية، من رعاية الحيوانات وعلفها ورعايتها طبيًا وهو ما يساهم في تآكل المراعي الطبيعية واستهلاك موارد بشرية ومالية أكثر.

دولة مثل سنغافورة بدأت استخدام اللحوم المخبرية ضمن خطتها للأمن الغذائي، بعد أن واجهت أزمة تغذية أثناء فترة الإغلاق لاعتمادها على الاستيراد؛ أصبح الدجاج المصنَّع متاحًا على أرفف المتاجر وفي مطاعم للمأكولات السريعة، مع خطط للسماح باللحوم الحمراء المصنَّعة قريبًا وتوسيع النطاق الإنتاجي لها لتقليل التكلفة إلى سعر أقل من اللحوم الطبيعية. وفي السياق نفسه أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية صلاحية تلك المنتجات للاستخدام البشري، ومن المتوقع طرحها في الأسواق خلال العام الجاري، إضافةً لوجود منظمات مثل معهد الغذاء الجيد في أوروبا -غير الحكومي- الداعم للحوم البديلة باعتبارها أحد الحلول المناخية.

إنسانية ويدعمها النباتيون، لكن هل هي حلال؟

اللحوم المِخبرية

اللحوم المِخبرية لا تحتاج إلى ذبح الحيوان المأخوذة منه، وهو ما يجعل الناشطين من أجل الحفاظ على أرواح الحيوانات أول الداعمين لها مادامت آمنة، لكنها تفتح الباب للتساؤل الشرعي حول استحلالها. الفتاوى الموجودة حاليًا تخص اللحوم الحيوانية المصنعة التي تعتمد على القاعدة الشرعية القائلة بأنها تأخذ حكم ما أُخذَت منه، أي إن كانت مأخوذة من حيوان حلال أكله ومذبوحة بطريقة شرعية فهي حلال، في حين تقف اللحوم المخبرية أمام معضلة أخذها من حيوان حي لا يتم ذبحه.

إقرأ أيضا
امبراطورية ميم

حتى الآن لم تصدر أي فتوى رسمية تخص النوع الجديد من اللحوم لكن الجدل دائر بين العلماء، البعض يعتقد بحليتها إذا أُخذت توافرت فيها شروط معينة، أن تؤخذ من حيوان يحل ذبحه ولا يدخل في تصنيعها الدم لنجاسته، إضافةً للأخذ بقول العلماء من حيث تأثيرها على صحة الإنسان. آخرون ذهبوا إلى تحريمها استنادًا إلى الحديث الوارد في صحيح الترمذي “ما قُطِع من البهيمة وهي حية فهو ميتة”؛ ورد الحديث حول عادة أهل المدينة بقطع أسنمة الإبل وأذناب الغنم وهي حية، وهو ما نهى عنه الرسول (ص) باعتباره ميتة سواءً قُطِع عمدًا أو سقط لعلة.

في الأعوام القادمة حين يصبح الاعتماد على الأشكال الحديثة للتغذية ضرورة محتمة ربما يختفي الجدل وتصبح الضرورات تبيح المحظورات، أو نتجه للعزوف عن البروتين الحيواني إمَّا لعدم توفره أو درءًا للشبهات؛ لكن الأكيد أن الشكل الحالي للأطعمة لن يستمر للأبد والبدائل حتمًا ستصبح ثوابت.

الكاتب

  • اللحوم المِخبرية إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
4


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان