اللواط والخبص وتعاطي المخدرات … ممارسات غريبة يتفاخر بها نزلاء السجون
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تصنع العاهات في السجون فن له قواعده وأصوله، له المساجين المتفوقون فيه، وقد تودي إحدى هذه العاهات بحياة السجين، أو تفقده عضوًا من جسده، وقد تؤدي الغرض المطلوب منها في دقة تامة. وتعد هذه الحيلة من القيم التي تحكم نزلاء السجون، بالإضافة إلى القيم الأخرى كالشهامة في الاعتراف بجريمة القتل، وتعاطي المخدرات، وقد يصل الأمر إلى ممارسة الأفعال المشينة التي قد تتدخل فيها طبيعة عزلة السجن كاللواط بين النزلاء.
داخل العنبر
يلجأ السجين إلى إحداث عاهة جسيمة في جسده، يفقد بصره، أو قدمه، أو يحدث في نفسه عاهة مستديمة، هربًا من المسؤليات الملقاة على عاتقه من العمل في الأعمال الشاقة التي ترهق بدنه، أول لينال عمل مربحًا داخل السجن، أو يستطيع الخروج للمستشفى ليحصل على الممنوعات، أول للقاء الأهل فترة لا يمتعون بها داخل السجن.
في دراسة أجراها الدكتور نجيب الكيلاني داخل سجن الليمان بأبو زعبل فترة الثمانينات، يحكي عن أحد السجناء الذي قفز من إحدى الأدوار العليا في العنبر ليسقط على أحد الأطباء، لكنه أخطأ وسقط على الأرض وفقد حركته إلى الأبد، وأصيب بضمور في قدميه إلى أن أصبحت رفيعة جدًا، ولم يستطع الحركة من مكان لآخر إلا على كتفي أحد زملائه.
وسجين آخر وضع “الكوبيا” في إحدى عينيه فالتهبت وتورمت، وفقد نورهما للأبد، لكنه كان يضحك وكشف عن ساقيه المشوهتين تمامًا، لكنه كان لا يزال قادرًا على الحركة ومازال يستمتع ببنية قوية.
وآخر قطع جزءًا حساسًا من جسده “بالموس” حتى يلص بالحراس تهمه الاعتداء عليه، وكان المسجون الأكثر شراسة يقف باستهتار يمزق جبهته وبشرة بطنه بشفرة الحلاقة، وآخرين تجمعوا ليحقنوا أنفسهم بمختلف السوائل كاللبن والكيروسين وغيرهما كي يحدثوا بأنفسهم عاهات في أجسامهم.
في دورة المياة، اختبىء سجينان، الأول يطلب بمذلة والثاني يتمنع ويتكبر:
- اعمل معروف يا معلم واديني حتة بشلن، راسي حتطير، فرد الثاني: خليك لبكرة الصبح، ليتوسل السجين: ” أنا في عرضك يا معلم”، فيجيبه: ” يا أخي النزيف خلص علىّ، ألبسها وأنزلها، وألبسها وأنزلها طول النهار…ليه؟ هو أنا حيوان؟
بعد فترة، خرج السجين “المتكبّر” وفي يده قطعة من الأفيون، ليختطفها الآخر وكأنه عثر على كنز، لكنها لم يسعدا بها، كشف السجّان أمرهما متلبسين.
قيّم خاصة
بعد عام 1952 ناقش بعض الباحثين في مجلة السجون لأول مرة أزمة الحرمان الجنسي في السجون، كما شارك في هذه القضية بعض النزلاء القادرين على الكتابة.
توصلت الإحصائية الرسمية وقتها إلى أن غالبية نزلاء السجون المصرية من الشباب وذوي الأعمار التي لا يصاب فيها النشاط الجنسي بالخمول أو الضعف، فهذه الأعمار تفيض بالطاقة والحيوية، والهرمونات الجنسية تقوم بعملها والغدد المخصصة لذلك لا تكف عن نشاطها، وهو ما يؤدي إلى تحرك هذه الغريزة بعنف خاصة في عزلة السجن.
أضف إلى ذلك فقر بعض المساجين داخل الحبس، الذين لا يجدون ما يكفي لشراء المأكل والملبس، هو الدافع إلى ممارسة “اللواط”.
فقد يبيع بعضهم شرفه من أجل نصف سيجارة، أو ليحصل على “فانلة” يستر بها نفسه من البرد.
لكن ما استنكره “الكيلاني” في دراسته، أن هناك بعض المساجين الذين يهربون من الأعمال الشاقة داخل السجن بتسليم شرفهم، وكانوا يمشون داخل طرقات العنبر في ملابس نظيفة ومقيفة بكل بجاحة دون حرج.
وسأل”الكيلاني” أحد النزلاء في “ليمان طره” أتعرف عقوبة اللواط في الشريعة الإسلامية؟ فرد السجين: طبعًا، فسأله “الكيلاني”: ما هي؟ ليرد السجين: حرام، فقال له الكيلاني: أنا أعلم أنه حرام وحرمته ليست هي العقاب، فرد السجين: “إذن الواحد يدخل النار” ليسأله “الكيلاني”، أتعرف عقوبته الدنيوية، فسكت “السجين” ولم يجب. وبعد أن عرف أن حد اللواط في الشريعة الإسلامية هو القتل رد على “الكيلاني”: يا خبر أسود..القتل حتة واحدة!
وانتهت المناقشة بضحك السجين مكررًا: ” ربك غفور رحيم، أمال هنعمل إيه بس ؟
ومع ذلك يثبت الدكتور نجيب الكيلاني أن هنا نوعًا من المساجين يحافظون على كرامتهم، ويقضون فترتهم في طاعة وندم وتبتل إلى الله، ومنهم من ينشأ طرقًا صوفية داخل السجن ويجمع حوله من المريدين.
الخبص
وقد حكُم على شاب من الصعيد بالسجن لمدة خمس سنوات في ليمان أبو زعبل، وحاول أحد النزلاء القدامي أن يعتدي عليه جنسيًا ويمارس معه اللواط ، فرفض الشاب، وتشاء الظروف أن يأتي “خال” هذا الشاب إلى نفس السجن، فانتقم منه هذا النزيل القديم وأوهم “خال” الشاب أن ابن اخته سييء السلوك، وارتكب في حقه هذه جريمة اللواط المشينة، فثار “الخال”، وبعد خروج هذا الشاب أوصى خاله هذه بقتله، لأنه عاق وفاجر، وفعلًا قُتل، فما إن وصلت هذ الخبر لنزلاء السجن أبلغوا خال الشاب أنه رفض أن يسلم نفسه للنزيل القديم، وان ابن أخته مظلوم، وقُتل نتيجة بفعل هذا “الخباص” القديم، فلم تمر أيام إلا وكان هذا النزيل الخباص في عداد الموتى.
الثأر وأهل الصعيد
في إحدى الليالي كان السجين حسن الصوت يغني ويعدد بطولاته وكأنه خط الصعيد، صاح به نزيل مجاور :” يا أخي بطل بقى، بلا خط بلا زفت، كان ابن حرامي وخطّاف”، فدارت بينهما مشادة كلامية حادة، وعندما انتهت سُأل السجين الصعيدي الثائر عن تهمته، فقال ” ضرب أفضى إلى موت، خمس سنوات سجن”، وأبدى عدم نيته لقتله ” والله ما كنت عاوزه يموت، لكن نصيبه كده”، فسُأل: ” ألا تشعر بالفخر عندما تقول أنك قاتل” ليرد:” ياعم صل بنا ع النبي، ربنا يسامحنا مفيش أحسن من اللي يمشي في حاله ويربي عياله”.
ورغم ردة فعل هذا الرجل إلا أن بعض النزلاء من الصعيد لا تنزل العقوبة في نفسوهم رهبة، بل يتقاسمون القتل أيضًا داخل السجن، فأحد النزلاء حدث بينه وبين أسرته وأسرة أخرى في أحد مراكز مديرية أسيوط من أجل خمسة وعشرين قرشًا لمساحة صغيرة من البرسيم، وقتل بسببها سبعة أفراد، وسًجن أقارب هذا النزيل، ثلاثة منهم في ليمان طرة، وواحد في سجن أسيوط، لكن أعمام هذا النزيل في الليمان أرسلوا له خطابًا ” لابد من قتل فلان قبل العيد” وبالفعل تمت جرية القتل.
والغريب إذا سُأل أحدهم عن جريمته يقول بكل عنجهية وكبرياء “جريمتي قتل”.
إدمان المخدرات والخمور
باسم الرجولة تنتقل عدوى المخدرات داخل السجن، فهي من الشهامة والرجولة، ففي سجن القناطر الخيرية كان النزلاء يتغنون بأغنية: ” الحشاشين مالهم، دول طيبين مالهم، الحظ كله في مجالهم”.
ويلجأ مدمني الخمر داخل السجن إلى طريقة غريبة، ينقعون الخبز في الماء لمدة طويلة ويجرون عليه بعض العمليات الخاصة التي تؤدي إلى تخمره، وقد يسير النزيل منهم بملابس رثة أو يستغني عن الأكل، ليحشد كل إمكانياته للحصول على ما يريد من الكيف.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال