“المجددون”: إنجي أفلاطون.. الفنانة التي تمردت بستة جنيهات
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
من البداية وهي تتمرد وتفكر في التغيير والتجديد، تمردت على مظاهر الحياة المريحة، فقد كانت ضمن جيل فترة الأربعينات التي يحمل التغيير كهم كبير على كتفه وصدره.
من الطفولة، رفضت إنجي أفلاطون أن تستمر في دراستها بمدرسة “السكاكير” مدرسة القلب المقدس، المدرسة الارستقراطية الفرنسية، والتحقت بمدرسة “الليسية الفرنسية” التي تتمتع بحرية أكبر، وشدة وصرامة أقل، بحثت “إنجي” عن الحرية، في كل شيء، حتى في انضمامها للجماعة الثورية “الفن والحرية”.
اختارت منذ البداية المدرسة الفنية التي ستنتمي إليها، رفضت ما كان والدها يريد أن يفرضه عليها، بعد أن اختارت لها الأسرة مدرس الرسم كامل التلمساني، أحد مؤسسي جماعة الفن والحرية.
طلب المدرس الجديد “التلمساني” من “إنجي” أن ترسم لووحة ليراها في الدرس القادم، ليقرر كيف يتعامل معها، لكنه فوجء بأنها شحنت لوحتها بالرموز والدلالات، فصورت نفسها وهي تحاول الخروج من فتحة في شجرة تحاصرها النيران.
قرر “التلمساني” ان يطلع إنجي أفلاطو ن على تاريخ الفن، ودعاها للمشاركة وهي في عمر السبعة عشر عامًا لجماعة الفن والحرية، وشاركت في المعرض الثالث للجماعة، وكانت هنا نقطة التحول في حياتها، انتشر اسمها بين جماعة الفن والحرية.
لم تقف “إنجي” عند الفن فقط، بل انطلقت لتشارك في العمل الوطني، شكلت هي وبنات جيلها أول مجموعة نسائية جديدة في مصر باسم “رابطة فتاة الجامعة والمعاهد”، وبقيت الكتابة وسيلة جديدة للتمرد والتغيير، وصدر لها كتاب عام 1947 بعنوان “80 مليون امرأة معًا”، وفي مقدمته كتب عميد الأدب العربي طه حسين أن الكتاب يتجاوز قضايا الداخل إلى آفاق عالمية، وتلته بكتاب ثاني “نحن النساء المصريات” وكتب مقدمته المؤرخ المصري عبد الرحمن الرافعي، ولحقت بالكتاب الثالث الذي دعت فيه وطالبت بضرورة التحرر الوطني من الاستعمار في العالم.
وانطلقت إنجي أفلاطون تشارك مع فتيات جيلها في الحركة الوطنية، لطيفة الزيات، هدى شعراوي، هدى بدير، يطالبن بالمساوة في الأجر، المساوة في العمل، حق المرأة في الانتخابات للمرأة المتعلمة، وهنا وقفت ضدها الأسرة لابعاده عن النشاط السياسي، لكنها قاومت وفضلت الاكتفاء بذاتها واعتمدت على العمل.
بعد أن تخلت عنها أسرتها، قررت العمل بأجر ستة جنيهات في الشهر، وعملت في أحد المعامل، ثم في مدرسة، وفي عام 1948 تزوجت من محمد محمود أبو العلا ، فشجعها على العودة إلى الرسم وبدأت ترسم وتصور الفلاحين في العمل والأسواق والطبيعة المصرية.
وفي الوقت الذي حصلت فيه “إنجي” على جائزة عن إحدى لوحاتها، كانت في السجن في القناطر الخيرية بعد اعتقالها بتهمة الانضمام للتيارات اليسارية عام 1959، لذا لم يتم تبليغها بخبر الجائزة.
هربت إنجي أفلاطون أدوات الرسم للزنزانة، ورسمت هناك كل شيء، وسجلت حياة السجينات في عنابر النوم وطوابير الطعام وحصص الوعظ ومشاغل التأهيل النفسي، وقضت خمس سنوات في المعتقل، كانت فترة ثرية للغاية في حياتها، وخرجت عام 1963لترسم الناس في الريف والصحاري، وتفردت بأسلوب الدانتيلا، وتصبح أحد أهم الفنانات المصريات في القرن العشرين.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال