همتك نعدل الكفة
678   مشاهدة  

الناس لا يحبون أقلامنا على طول الخط فحتى ماركيز رفضت قصة له

ماركيز


جزء من رسالة وداع جابرييل ماركيز “لو شاء الله أن ينسى أنني دمية، وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيرًا”.

ماركيز

مر أكثر من أحد عشر عام على المرة الأولى التي أدون فيها خواطري في حياتي، واتذكر جيدًا أنني عندما عرضتها على إحدى صديقاتي كنت أشعر بفخر كبير وكنت أنظر لها وهي تقرأ كلماتي وأتخيل نفسي وأنا ارتدي فستاني الانيق في أول حفل توقيع كتاب لي -حقًا كنت طفلة حالمة للغاية – ولكن عندما ضحكت بعد أن انتهت من القراءة وهي تتسأل (ايوه يعني عايزة تقولي ايه.. مش فاهمة) شعرت وقتها وكأنني واقفة على حافة جبل عالي واشتم الهواء البارد في منتهى السعادة، لتأتي كلماتها كدفعة مفاجئة أدت لسقوطي من أعلى هذا الجبل، وفجأة شعرت بإحباط جعلني أبكي.

مع مرور الوقت ومع عملي في مجال الكتابة الصحافية، أصبحت استقبل الانتقادات وأصنفها إلى نوعين، الأول وهي الانتقادات التي على التعلم منها، والنوع الثاني انتقادات لا يجب الالتفات لها من الأساس وعادة ما يكون هناك أسباب وراءها لا علاقة لها بالمحتوى أو العمل.

ولكن عندما رأيت الجواب الذي أرسلته مجلة (النيويوكر) إلى جابرييل ماركيز، والذي يضم رسالة رفض نشر قصة لماركيز وهي الرسالة التي كتبت بأسلوب منمق يحوي بداخله نقد لاذع للغاية جعلني لا أصدق أنني أمام رسالة رفض قصة كتبها ماركيز الكاتب المرموق صاحب جائزة نوبل، ورغم الاهتمام الذي كان من المفترض ان تحصل عليه هذه الرسالة من قبل الصحف ووسائل الإعلام وقتها، إلا أن هذه الرسالة وجدت بالصدفة ولم يتحدث عنها ماركيز أو المجلة.

خطاب نيويوكز لماركيز

فبعد وفاة الأديب الكولومبي جابرييل ماركيز في فبراير عام 2014 بثمانية أشهر، أعلنت جامعة تكساس أنها قامت بشراء كل أرشيف ماركيز من عائلته، وضم الأرشيف ما يقرب من 200 رسالة تبادلها الكاتب الكولومبي مع كُتّاب مثل جراهام جرين، ميلان كونديرا، خوليو كورتاثر، جونترجراس وكارلوس فوينتس. وما يقرب من 40 ألبومًا من الصور الفوتوغرافية ووثائق بأنشطته السياسية وعلاقته الوطيدة بالقائد الكوبي فيدل كاسترو، كما ضم الأرشيف عدد من المسودات اليدوية لبعض روايات ماركيز وعلى رأسهم مسودة رواية مئة عام من العزلة.

ماركيز

وبعدما قامت الجامعة بوضع محتويات أرشيف ماركيز ضمن معرض للصور أونلاين، وجدت الرسالة التي أثارت حيرة الكثيرين، وهي رسالة أرسلت له من قسم النشر بمجلة “نيويوركر” تحتوي على اعتذار من إدارة النشر بسبب رفض نشر قصة له بعنوان (درب دمك على الثلج) والغريب أن رئيس تحرير المجلة أوضح أن سبب رفض نشر قصة ماركيز أنها (منقوصة) وهي الصفة التي من الصعب أن تنطبق على كتابات ماركيز!

ولكن المدهش في الأمر أنه رغم أن هذه الرسالة التي وصلت ماركيز بتاريخ 15 يوليو 1981، أن كاتب بقامة ماركيز تقبل هذا النقد اللاذع واستمر في النشر مع المجلة حتى أواخر عام 2013 أي قبل وفاته بأشهر، وكانت أخر قصة نشرت له في المجلة بعنوان (The challenge التحدي).

قصة التحدي لجبريال ماركيز

وكأنه تعامل مع الرسالة من نفس المنطلق الذي أتعامل به أنا والعديد من الزملاء الذين يعملون في مجال الكتابة الصحفية وأعتقد أنك أنت ايضًا عزيزي القارئ عليك اتباعه مهما كانت طبيعة عملك، أنه هناك انتقادات علينا عدم الوقوف عندها، وأنه لا يوجد أحد فوق النقد حتى وإن كان جابرييل ماركيز نفسه.

إقرأ أيضا
خيول

 توفي ماركيز في عام 2014 تاركًا لنا مكتبة كبيرة من الأعمال التي كانت ومازالت وستظل أيضًا فصل هام في تاريخ الأدب على مستوى العالم.

 

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان