انتفاضة ضد البرهان في ذكرى خلع النميري
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
يوم ستة إبريل 1985.. انتفض شعب السودان ضد نظام عسكري-متأسلم بقيادة الجنرال جعفر النميري، يادوب ساعات قليلة تفصلنا عن الذكرى الأتنين وأربعين للحدث التاريخي، حدث لسه راسخ في وجدان كل سوداني/ة.. إن كانوا كهول وشيوخ عاشوا الحدث، أو شباب من مواليد جيل الإنقاذ أو “الجيل الراكب راس”.
نشاط دبلوماسي إقليمي للقيادة السياسية-العسكرية، ترقب وحشد من الأحزاب والحركات السياسية، وغموض يغلف موقف حركات الكفاح المسلح، واستعدادات ثورية قاعدية. أربع أجنحة رئيسية تتحرك على أربعة محاور متباينة ومتقاطعة جوه مشهد سوداني واحد.. مضطرب جدًا، المتابعين والمهتمين بالشأن السوداني مترقبين شروق شمس بكرة بلهفة وقلق.. ياترى اليوم هيكون شكله إيه؟ وتأثير ده ع الوضع السياسي هناك.
النظام
الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، خلال الأسابيع اللي فاتت عمل جولة إقليمية بدأت بالإمارات ومرت بـ السعودية وأوغندا ومصر وانتهت في تشاد، ناقش خلالها -مع قيادة الدول دي- أبعاد الوضع الداخلي في السودان سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
وقبلها كان فيه زيارات متفرقة للبرهان ونائبه “حميدتي”، ناقشوا خلالها أمور مهمة ع المستوى المحلي زي خطوات تنفيذ بنود اتفاقية السلام مع الحركات المسلحة، الموقعة بتاريخ أكتوبر 2020 في جوبا “عاصمة جنوب السوداني”، وأزاي ممكن يتم توسيعها عشان تضم الحركات غير الموقعة عليها لحد دلوقتي، زي “حركة تحرير السودان” أو “الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال”. أما ع المستوى الأقليمي فكان الكلام على إعادة تفعيل عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ومدى أمكانية استمرار رئاسة السودان للهيئة الحكومية للتنمية (IGAD).
الأحزاب
ومن ناحية المعارضة المدنية تعالوا نبص على قوى الحرية والتغيير “قحت“، بصفته الشريك المدني في إدارة المرحلة الانتقالية.. ما قبل إنقلاب/قرارات 25 أكتوبر 2021.
مؤخرًا أصدرت “قحت” مجموعة بيانات متنوعة، إن كان للتعليق على التحركات الجماهيرية اليومية أو الدعوة لتكوين جبهة مدنية موحدة من الكيانات السياسية الرافضة لانفراد العسكريين بالسلطة.. أو المتابعة للقرارات الرسمية الصادرة في مختلف مؤسسات الدولة، ورغم تباين مواضيع البيانات إلا أن كلها متفقة في الدعوة للتظاهر يوم 6 إبريل القادم.
الحركات المسلحة
المشهد السياسي السوداني مزحوم بـ حركات مسلحة متفاوتت التوجه والحجم والتأثير، منها الموالي للنظام أو المعارض.. ومنها من تتغير مواقفه باستمرار، لكن في جميع الأحوال فيه اسمين نقدر بكل ثقة نقول أنهم الأكبر حجمًا والأكتر تأثيرًا.. في المشهد السوداني ككل.
- الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو.
- حركة تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد محمد نور.
وضع الحركتين متشابه بشكل كبير.. رغم الاختلاف التنظيمي ومناطق النفوذ، الأولى مسيطرة تماما على مناطق واسعة في الجنوب والجنوب الغربي (جبال النوبة والنيل الأزرق)، والتانية موجودة في إقليم دارفور – غرب السودان، رغم التباين الظاهري إلا أن رؤيتهم شبه تطابقة.. الأتنين حاطين العلمانية كتوجه والفيدرالية كنظام شرطين غير قابلين للنقاش، على الدولة الاعتراف بيهم كأساس غير قابل للمراجعة أو التغيير ثم بعد كده ينفع يقعدوا معاها على ترابيزة المفاوضات.
كمان أتفق مواقف الحركتين تجاه الحراك الشعبي السلمي، كل منهم أعلنت دعم الجماهير وعدم التدخل في مسار العمل الجماهيري في الشارع، بالتالي الأتنين موقفهم فموقفهما المعلن دلوقتي هو دعم المحتجين يوم 6 إبريل.. مع عدم اعتبار أي اتفاق يتم معاهم ملزم للحركة، ما دام لا ينص صراحة وبشكل “فوق دستوري” على علمانية الدولة وفيدرالية النظام.
لجان المقاومة
أو حجر الزاوية في الحراك الشعبي السوداني، هي كيانات شديدة المحلية والديناميكية، كل لجنة عندها سلطة شبه مطلقة في حيز جغرافي ضيق جدًا، بالإضافة لقيادة متغيرة بشكل سريع ومش منفصلة أبدًا عن القواعد، بالعكس دي بتمارس قيادتها من موقعها القاعدي نفسه، أسلوب ووضع بيسهل عملية مسائلتها ومحاسبتها وحتى عزلها أو إعادة انتخابها، كل ده بشكل نافذ وسريع وحيوي.
اللجان دي هي القلب النابض للشارع السوداني.. وعقله، في موقعها كقلب بتحافظ على حيويته الدائمة وبتحفظه من الركود.. كمان بتحجم أمكانية جنوح القيادة بعيد عن طموحات القواعد. بس على مستوى دور العقل.. الحالة النابضة بالحياة والشبابية دي بتسبب بطأ في تكون تراكم سياسي بنفس مستوى التراكم الحركي، الأمر اللي جعل اللجان بمثابة صوت الرومانسية السياسية في مشهد شديد التعقيد.. والعنف.
صوت يزيده المشهد تعقيد على تعقيده، عن طريق رؤية صفرية للحل.. رؤية يسهل تبنيها بس يصعب وضع خطوات سياسية عملية لتنفيذها.
لجان المقاومة منوط بيها تنظيم أمور الحياة داخل كل شارع من شوارع كل حي من أحياء السودان، وتدعو بقوة وبترتب بشكل عملي خطوات الحراك الشعبي في اليوم الموعود، رافعة شعارات ثورية شديدة النقاء.. بداية من الإطاحة بقيادات المؤسسة العسكرية مرورًا بمحاسبة رموز النظام السابق وعزل كل من تعاون معاه عن المشهد السياسي وصولًا لبناء سودان واحد يسع الجميع.
بس في النهاية بترفع كل الطموحات في صورة مطالب منتظر من القيادة السودانية الاقتناع بيها وتنفيذها، بداية من تخليها الطوعي عن السلطة مرورًا بتقديم رموزها للمحاكمة وصولًا لإعادة الأرصدة والأموال المهربة وتسليمها للسلطة المدنية.. الرومانسية.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال