بالطو .. يجيبنا حول قدرتنا لتغيير الواقع

             يتعطش الجمهور لدراما تشبه حياته، تعكس واقعه وتسلط الضوء على معاناته بعيدًا عن حياة (الكومباوند) التي بالتأكيد هي جزء من الحياة عامة، ولكن لا تشبه المواطن البسيط.

جاء مسلسل بالطو كي يحقق المعادلة الصعبة بين مسلسل يناقش مشكلات بالمجتمع لابد من مواجهتها، وبين جعل المسلسل في إطار كوميدي خفيف على المتفرج اُستخدم فيه كوميديا الموقف.

أقرأ أيضا…محمد رمضان موهبة حقيقية أم خطة تسويقية

وبعيدًا عن عوامل نجاح المسلسل التي تحتاج مقالًا آخر، فقد ناقش مسلسل بالطو في لقطات بآخر حلقة منه  موضوع كان يشغلني في العشرينات من عمري ، وهو مدى قدرتنا على تغيير الواقع.

كان  عاطف والذي جسد شخصيته الممثل الصاعد الموهوب عصام عمر، محاصرًا منذ خطواته الأولى بطرشوخ الليف بفكرة تغيير الواقع وتحديه.

ولعل كل من كان خريجا جديدا من الجامعة تملكه الحماس لتغيير الواقع مثلي، فكنت كنتس عكس عاطف الذي ذهب للوحدة الصحية بيأس شديد ورغبة في ترك المكان.

فقد كنت من هؤلاء الذين ظنوا أنهم يستطيعون تغيير العالم، حتى قابلت جملة للكاتب عمر طاهر يقول فيها “مش مهم انك تغير الكون…المهم انك تخلي الكون ما يغركش” 

وعرفت أن هذا هو التحدي الأهم، وأننا لسنا بعالم أسطوري لابد فيه أن ينتصر الخير على الشر.

الدنيا ليست دارًا للعدل كالآخرة، وكما قال عاطف للرجل المجهول الذي (يفضفض) له أنه كان يتمنى لو كان البطل الذي ينتصر على الشر، ولكن الشر استمر في طرشوخ الليف في صورة الشيخ مرزوق الذي جسده دوره في أداء رائع للممثل القدير محمود البزاوي.

الواقع يستدعي منا أن نصبح مثل الدكتور عاطف في مسلسل بالطو؛ أن نحاول تغيير الواقع في حدود طاقتنا وإمكانتنا فقط، كما ساعد أهل القرية المصابين بعد الحادثة التي حدثت فيها.

الواقع يستدعي منا وعي كافي بحدود قدراتنا كي لا يمتص طاقتنا كلها دون جدوى.

إقرأ أيضا

لماذا كان يوسف إدريس ضد المسلسلات الدينية في دراما رمضان 1986م

لو خددنا هدفًا كبيرًا كتغيير الواقع كله والانتصار على تحدياته طوال الوقت لأصبانا اليأس ونالت منا الحسرة.

ولكن بالطو علمنا درسًا أن التغيير يبدأ من داخلنا ثم الوعي بما يمكننا تقديمه دون الضغط على روحنا التي خلقها الله لتكريمها لا لإهانتها بضغوط فوق طاقتها.