برنامج قلبي اطمأن.. قربان للشهرة أمام دمعة المسكين وانكساره
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
منذ الحلقات الأولى لبرنامج «قلبي اطمأن» لم يطمئن قلبي لما يلقاه هذا البرنامج من حفاوة، شاهدت حلقاته منذ البداية إلى الآن لم أرى فيها سوى الإذلال وإهدار كرامة لأولائك المساكين الذين يظهرون على الشاشات و يراهم العالم العربي في أوج ضعفهم.
كسرة هؤلاء المساكين وهم يتقاضون الصدقاتِ ويبكون لها.. عورة ضعفهم و انكسارهم، لا تحِس المشاهد مطلقًا على أي شيء سوى أن يكون بلا رحمة بلا حسّ يرى مساكين معذبَون، و نطعًا يضع لهم من مال الله الذي في يده دون رأفة!.
هل يُعقل أن يُفضح شخص على الفضائيات، يقول اسمه ويشرح حالته وظروفه التي يعاني منها ويأخذ صدقة ؟! هل هذه هي الصدقة التي حثنا الإسلام عليها؟! .
لما لم نسأل أنفسنا مثلا ما شعور هذا الرجل وما شعور أبناءه في مدارسهم و بين أقرانهم و ذويهم و هم يرون والدهم يمد يدَه ويأخذ صدقات؟!.
ثم يظهر أشخاص يحتجون بآيات الله على ما يفعله ذلك الـ«غيث» و يجيزونه، وهم غير فاهمين لا للآيات ولا لموضعها قوله تعالى: «إن تُبدوا الصدقاتِ فنعمَّا هي» هذه مُتعلِّقٌ بالمُتصدِّق لا الفقير، يعني لا يخفِ أحدُكم وجهه ويصوّر مَن يتصدق عليه صوتًا وصورة وهو يتسلَّم منه صدقتَه ثم يقول إبداء الصدقات مباح! ، ففي القرون الأولى من الإسلام؛ كانت الصدقات تُعطى للمساكين من جحر صغير في جدار لا يتسع الجحر لأكثر من يد المسكين فلا يرى المُتصدق وجه من يعطيه المال، ولا يعرفه، كانوا ينفقون من أجل الإنفاق في سبيل الله لا من أجل شهرة أو من أجل سياسات الدول مثلا!!.
ومن آداب الصدقات في الإسلام، فإن الله سبحانه وتعالى يقول من فوق سبع سموات« : الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274] .
وقال : الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274].
يحثنا المولى أنه يجب الابتعاد عن إتْباع الصدقة بالمَنّ على المتصدَّق عليه و إيذائه وإشعاره بالإهانة، كما أن أداء الصَّدَقة يجب أن يكون سرًا لا أمامَ أعين الناس، و هذا غير ما يفعله برنامج قلبي اطمأن مطلقا.
رحمَ اللهُ المساكين؛ ما زالَ يتخذُهم الأفرادُ والمؤسساتُ قرابينَ للشهرةِ واستدرارِ الإعجابِ، أمام عاطفة وبصيرة عمياء من المتفرج تدغدغها دمعة المحتاج وانكساره!.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال