بعد إخفاقات الدورات السابقة.. بغداد تُطلق فعاليات دورة استثنائية لمعرض الكتاب الدولي

رغم تعرض بلاد الرافدين لظروف عاتية مليئة بالحروب وعدم الاستقرار في ظل تفجيراتٍ واغتيالات غادرة، إلا أنها قررت التغاضي عن كل ما يحاوطها من أزمات وأن تكون الثقافة هي محور اهتمامها، ونتاجًا لهذا الهدف اهتمت السلطات في العراق بمتابعة الاستعدادات لإقامة أضخم معرض دولي للكتاب في بغداد ليظهر في صورة بهية.

وها هي انطلقت فعاليات المعرض الدولي للكتاب في دورته 24، لعام 2023، على أرض “مدينة المعارض الدولية” بوسط العاصمة العراقية بغداد، ومن المقرر أن تستمر قرابة 10 أيام ابتداءً من 18 وحتى 27 سبتمبر، ومع استمرار فعاليات المعرض أتضح أن هذه الدورة أُريد لها أن تكون استثنائية وفريدة بعد إخفاقات الأعوام السابقة منذ جائحة كورونا.

تفادي الإخفاقات

ففي عام 2020 أقيم المعرض دون ضيف شرف، علاوة على اشتعال المشاكل حينها بين إدارة المعرض وبعض دور النشر العراقية وعدد من دور النشر العربية، فكان قرارهما بمقاطعة دورات المعرض، وأما الدورتين السابقتين فقد أصيبا بتراجع حاد في الإقبال وكان السبب في ذلك هو رعاية المعرض من قِبل شخصيات حزبية وسياسية حولها الكثير من الخلافات.

التميز كان واضحًا حيث شارك في معرض الكتاب الدولي ببغداد هذا العام ما يقرب من 350 دار نشر عراقية وعربية وأجنبية متمثلة في 16 دولة منها: مصر، المغرب، الجزائر، السودان، فلسطين، سوريا، لبنان، البحرين، السعودية، الإمارات، قطر، إيران، وتركيا.

المملكة المغربية تحل بصفتها ضيفة الشرف للدورة 24 بمعرض الكتاب الدولي ببغداد، وتعد هي المشاركة الأولى من نوعها، ووقع الاختيار على المغرب لسبب غاية في الدقة وهو عبقرية الثقافة المغربية في الجمع بين الحداثة والتراث الأصيل، بالإضافة إلى جمع الآلاف من الكتب والمؤلفات التي أثرت بشكلٍ ما في الثقافة العربية والعالمية، وضمها إلى جناح الوفد المغربي.

ومن بين النقاط الهامة التي لم تتغافل عنها إدارة معرض الكتاب هو استضافة عدد من كبار الكُتاب والفنانين والصحفيين العرب، من بينهم الشاعر العُماني زهران القاسمي، المُفكر المغربي سعيد ناشيد، المترجم المغربي سعيد بنكراد، الفنانة السورية فايا يونان، الإعلامي المصري محمود سعد، الكاتب المصري أحمد عاطف.

معرض بغداد الدولي للكتاب ما بين ابتكار ومنافسة

أولى معرض الكتاب الدولي ببغداد اهتمامًا بالغًا بالشباب والأطفال لذا أُقيمت لهم عدد من الفعاليات الخاصة، إضافةً إلى مجموعة من البرامج والفعاليات بما في ذلك المحاضرات وورش العمل والندوات التي تسعى لزيادة الحصيلة الثقافية، والحث على الرجوع إلى ثقافة قراءة الكتب ومداعبة أوراقها، وتفحصها والنهل من علومها،

كذا تقديم عدد من النماذج المشرفة لسماع مسيرتها والاقتداء بها كالكاتب المصري القدير “عمر طاهر” الذي كان ضيفًا في إحدى الندوات المقامة بالمعرض متحدثًا عن أبرز المحطات في مسيرته المُشرقة التي كان نتاجها 30 عملًا ما بين مقالات وسيناريوهات وأشعار وروايات، وأقيمت الندوة بإدارة الكاتب مصطفى بهجت متناولين عددًا من الموضوعات الهامة في سبيل حياة ثقافية وفنية أفضل.

أضيف عدد من الفعاليات المبتكرة من شأنها إثراء المعرض، وهي تخصيص جناح مجاني لعرض كتب المؤلفين المطبوعة على نفقاتهم الخاصة والغير تابعة لإحدى دور نشر المعروفة، وإدارة المعرض هي من ستقوم بمهمة التسويق لهذه الكتب وبيعها، وتبعًا لأهمية دور الفن في مثل هذه المعارض الثقافية فقد تم تخصيص جناح مجاني أيضًا لعرض لوحات الفنانين العراقيين، والذي من شأنه دعم هؤلاء الفنانين ونشر أعمالهم الجديدة.

إقرأ أيضا

لماذا جنوب أفريقيا وليس أي دولة عروبية؟

كل هذه الفعاليات تعمل على رفع قيمة المعرض والذي من الواجب أن ينافس المعرض هذه المنافسة الشرسة ويثبت جدارته، بعد أن بدأت مؤسسة “المدى للثقافة والفنون” بتنظيم جديد لمعرض كتاب سنوي أطلق عليه اسم”معرض العراق للكتاب“، ما أدى إلى خلق نوعًا من الجو التنافسي بين المؤسستين في سبيل التفوق.

معرض الكتاب كجرعة عافية

يهدف المعرض لفتح آفاق مستنيرة بنور العلم والقراءة فحسبما صرح رئيس الحكومة العراقية ” كثرت الشكاوي من قلة القراءة واقتحام السوشيال ميديا لحياتنا وسحب البساط من الكتاب الورقي، فمعرض بغداد الدولي للكتاب يمثل جرعة من العافية للكتاب والقراءة والمعرفة”.