بعيدًا عن قصة مصطفى وسماح “كيف نظر الإسلام لفكرة تجريس العلاقات ؟”

بدأت السوشيال ميديا في ترند جديد هو مصطفى وسماح بنت الحاج شهاب، حيث قام شاب يدعى مصطفى بمهاجمة منزل فتاة تدعى سماح اثناء عقد قرانها، ووقف في منتصف الشارع وهو يمسك ميكروفون وصاح ساردًا تفاصيل علاقتهم التي استغرقت أربع سنوات.

بعد ساعات من نشر الفيديو ظهر مصطفى وكشف عن حقيقته وتفاصيل ما قام به إذ أشار إلى أنه ممثل وكان يقلد مشهد من فيلم صايع بحر، وأن ما جاء في الفيديو مجرد تقليد.

أثار تصرف الشاب استنكار الكثيرين في الحالتين، الأولى من باب أن الولد لم يتحلى بالمروءة والرجولة، وبعيدًا عن الآراء المجتمعية حول هذا التصرف المشين، تتطرق إلى مثل هذه التصرفات بالحكم؛ والثانية من حيث أنه كذب ولم يجيد الفكرة فضلاً عن أنه ظل مالا يقل عن 8 ساعات صامتًا.

بعيدًا عن حكاية مصطفى وسماح .. العاقبة السيئة لما فضح الناس

بعيدًا عن تفاصيل الموضوع برمته لكن الفيديو الأول طرح تساؤلاً حول التصرف نفسه ومدى جوازه شرعًا، والحقيقة أن التشريع الإسلامي يكتظ بالأدلة التي تتوعد بسوء المصير لمن تتبع عورات الناس أو شَهَّر بهم تحت أي سبب حتى وإن صدق.

اقرأ أيضًا 
“متخليهوش يضحك عليكي باسم الغيرة” الدين يحرم تجسس الخاطب على مخطوبته

في تراثها استعرضت دار الإفتاء المصرية نماذج من تلك الأدلة، مستهلةً استعرضها بقولها “نَشْر الفضائح الأخلاقية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الانتقام والتشفي تعليقًا أو مشاركةً أو إعجابً حول ما نُشِر فيه إشاعة للفاحشة في المجتمع وهي جريمة حذر منها الحق سبحانه وتعالي وذلك في قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ والآية عامة في الذين يلتمسون العورات، ويهتكون الستور، ويشيعون الفواحش.

وتوعد النبي صلى الله عليه وسلم لمرتكب هذا الجرم عقوبة عظيمة فقال “أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمةٍ هو منها بريء يشينه بها في الدنيا، كان حقًا على الله أن يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال، وهذه عاقبة الذين يشنعون على إخوانهم ويُسَمَّعون بهم”.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»، وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».

إقرأ أيضا

إلى تامر أمين .. تعرف إيه عن التقدم؟!

التصرف الذي قام به مصطفى يُعَدُّ من الغيبة المحرمة التي تكلم عنها الإمام النووي في كتاب الأذكار حيث قال “فأما الغيبة: فهي ذكرك الإنسان بما فيه مما يكره، سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو خلقه أو ماله أو ولده أو والده أو زوجه أو خادمه أو مملوكه أو عمامته أو ثوبه أو مشيته وحركته وبشاشته وخلاعته وعبوسه وطلاقته أو غير ذلك مما يتعلق به؛ سواء ذكرته بلفظك أو كتابك، أو رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك أو نحو ذلك”؛ كذلك فإن بن أبي حاتم روى عن عطاء رضي الله عنه‏ قوله “من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقًا”.

معنىً آخر أكدته دار الإفتاء حيث أكدت أن الإسلام أمر أتباعه بأن يتحلوا بالستر وغض الطرف عن عثرات الناس وعدم تتبع عوراتهم وعدم التشهير بهم؛ عونًا لهم على التوبة وإصلاح النفس، ففي الحديث الشريف عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

وليس من صفات المسلم السوي أن يكون خائنًا للعهد ولا بالأمر الالهي  “وأوفوا بالعهد أن العهد كان مسؤولا”، فلا يجوز قطعًا لمن استؤمن على شيء يكشفه لغيره.