بين الإتقان والمبالغة.. “وعود سخية” مسلسل اختلف عليه الجمهور
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
انتهى مسلسل وعود سخية بعد 15 حلقة من السعي خلف الانتقام، تباينت خلالهم ردود أفعال الجمهور نحو أداء حنان مطاوع، والذي اختلط فيه الإتقان بالمبالغة. بينما أثني متابعون على عدة شخصيات رئيسية في العمل مثل رجبية ومنصور، خاصةً حمادة الذي تميز بحضور خفيف يشبه أدوار عمرو عبد الجليل خفيفة الظل.
انتهى وعود سخية نهاية غريبة رغم نمطيتها؛ فقد تراجعت البطلة عن انتقامها قبل أن يقتلها حبيبها السابق منصور، بعد أن عرف كيف خدعته بالاتفاق مع صديقه حمادة وكانت سببًا في أذيته. كان يمكن أن تنكشف خطط سخية بمئات الأشكال، وتتوقف دائرة الانتقام بسبب أكثر منطقية، بدلًا من استمرار المكائد في النجاح بتفصيل سياق الأحداث على مقاسها.
اقرأ أيضًا
مسلسل “وعود سخية”.. الوقوع في بئر المبالغة
لكن المبالغة أفسدت النهاية كما فعلت في العمل ككل، وكانت نقطة الضعف الأكبر في قصة درامية نمطية، لم تتميز سوى بأداء أبطالها. الذين قابلهم الجمهور بردود أفعال أفضل من المتوقع، حيث تحدث البعض عن مواهب شابة بدأت تأخذ مساحتها على الشاشة. في حين تحول أداء بطلة العمل “حنان مطاوع” في دور “سخية” من الإتقان إلى المبالغة، وأصبح الجمهور في حيرة من أمره بين حب أو كره البطلة والعمل.
متابعون شبهوا أداء حنان مطاوع بنادية الجندي في المدبح
في الواقع قدمت حنان مطاوع دورًا مختلفًا عن أعمالها السابقة، تميز بعدة تحولات نفسية بين المسالمة والانتقام. تميزت الحلقات الأولى بأداء مناسب لطبيعة الشخصية والقصة، والانتقال بين الأطوار النفسية كان متقنًا بفضل موهبة البطلة الطبيعية؛ رغم ازدحام الأحداث وتطورها بسرعة.
عاش المتابعون مع سخية أربع محطات في تحولها، من الشقاوة المسالمة المعروفة عن بنت الحارة الشعبية، ثم صدمة التعرض للظلم، مرورًا باتخاذ قرار السعي خلف الانتقام، حتى مرحلة العدول عن الثأر بعد تحول البطلة إلى نوع من البشر كان سببًا في تعاستها.
اقرأ أيضًا
مسلسل “وعود سخية”.. حنان مطاوع وشخصية بأربعة أرواح
سرعان ما تحول الإتقان الذي كان محل إعجاب المتابع إلى مبالغة في الأداء، مزيج من الصراخ والعويل عند الحاجة والجمل المقفاة بداعي وبدون. وهو ما دفع متابعي المسلسل إلى تشبيه سخية شخصية المعلمة أفكار التي أدتها نادية الجندي في فيلم المدبح؛ بسبب الإمعان في إبراز النمط الشعبي بالاعتماد على الكليشيهات.
أحمد كشك بشخصية “حمادة” أعاد للأذهان قفشات عمرو عبد الجليل
أمَّا الشخصيات الثانوية في العمل فقد وجدت ردود فعل إيجابية، لاحظنا منها تفاعل الجمهور مع نور محمود في دور منصور وأحمد كشك في دور حمادة، إضافةً إلى سمر علام في دور رجيبة. لكن أداء نور محمود لشخصية منصور لم يخلو من السلبيات. رغم حرصه على استخدام ملامح وجه معبرة عن كل حالة تمر بها الشخصية؛ إلا أن مشاهد كثيرة اعتمدت على الصوت العالي والصياح، باستخدام لغة جسد منفعلة ونظرات جاحظة.
كما أثنى الكثيرون على دور حمادة الذي قام به الممثل أحمد كشك، رغم تكرار النمط نفسه من الأداء في مسلسل “بابا المجال” بشخصية الصبي شرارة. حمادة كان مثال للرجل الفاسد في الحارة، الذي يتغير ولائه على حسب اليد التي تلقي إليه بالفتات ليقوم بالعمل القذر بدلًا منها. ومن زاوية أخرى اتسم بخفة دم طبيعية، معتمدًا على كوميديا الموقف التي تميز بها عمرو عبد الجليل.
زمان قالوا الممثل القادر على إضحاك المشاهد يمكنه إبكائه بسهولة، تمامًا كما فعل أحمد كشك حين أبكى المشاهدين بلقطات ما بعد وفاة ابنه عبد العزيز في نهاية المسلسل. رأينا الوجه الآخر لحمادة المكلوم بوفاة طفله، الضربة التي قصمت ظهره وأعادته للواقع الذي غض الطرف عنه سعيًا خلف ملذاته.
أخطاء مسلسل وعود سخية.. مشاهد قتلت الواقع
اعتمد مسلسل وعود سخية على ديكور لا خلاف على مناسبته للقصة وطبيعة العمل؛ لكن الأخطاء غير المقصودة أفسدت الواقعية، بل ضربتها في مقتل. جدير بالذكر أن القصص الجانبية لعائلة يوسف نجت من تلك السقطات، وتميزت بتداخل خفيف مع سياق الأحداث الرئيسية لم يتسم بالمبالغة.
أبرز اللقطات غير المنطقية في المسلسل جاءت خلال فرح رجبية على منصور، تحديدًا في مشهد الحنة المنزلية ورقص العروسة على أغنية “على ورق الفل” التي رددتها مع خمسة أو ستة معازيم. لا ندري لماذا اعتبر المخرج أن الحنة في الحارة خالية من الأغاني العادية! خطأ آخر في شقة رجبية ومنصور التي ظهرت حوائطها مهترئة؛ أي عريس كان سيكلف خاطره بطبقة دهان قبل الفرح.
في سياق الأحداث أوهمت سخية الجميع بحملها من المعلم فهيم، وكانت في حاجة إلى ورقة تثبت حملها وتعرضها للإجهاض؛ لتتهم فرج ابن المعلم فهيم. بالطبع ذهبت إلى موظف فاسد في مستشفى، لتعرض عليه الأموال مقابل التقرير الطبي. في مشهد عبثي من ممر إحدى المستشفيات، تسلمه المبلغ على مهل أمام المارة. أي رشوة تلك التي تحدث في مكان عام أمام الناس!
الحلقتين الأخيرتين من مسلسل وعود سخية كثر خلالهما التلقين، حيث اعتمد صناع العمل على إلقاء الحكم بشكل مباشر، بدلًا من ترك المشاهد ليقرأ ما بين السطور. ولم يخلو التلقين من مصطلحات غربية مثل “ريحة الانتقام” التي تحدثت عنها البطلة وهي تناجي ربها في الجامع،ناهيك عن استخدامها لمفاهيم بعيدة عن عقلية الشخصية التي لم تفهم معنى الإرادة في مشهد سابق.
اقرأ أيضًا
مسلسل “وعود سخية”.. تراجيديا الواقع بطعم موهبة حنان مطاوع
رغم السلبيات العديدة لم يتفق الجمهور على رأي محدد تجاه المسلسل، البعض أحب حنان مطاوع في ثوبها الجديد، واعتبر دورها في وعود سخية أهم من دور صافية في مسلسل “سره الباتع“. في مقابل انتقادات للأداء، حذروا خلالها الفنانة من السقوط في دائرة المبالغة. كما أحب البعض العديد من شخصيات العمل؛ رغم أخطاء كثيرة ظهرت في أدائهم. في النهاية لم يتفق الناس على كره المسلسل، ولم يجتمعوا على حبه.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال