تجارب مهمة في مشهد الراب والهيب هوب العربي
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
سيطرة موسيقى الراب والهيب هوب على مشهد الموسيقى في العالم العربي، خرجت من هامشها الضيق لتحقق انتشارًا كاسحًا بين فئات الشباب المختلفة حيث وجدت ضالتها في تلك الأنماط الموسيقية التي تخاطبه بنفس لغته وتحاول أن تعبر عنه وعن أحلامه وطموحاته وتعكس مشاهد من تحدياته ومشاكله مع الحياة وبالتالي هجرت أغنيات البوب شبه الرسمية بموضوعاتها التقليدية التي تتمحور حول الأغاني العاطفية ولم تتحرك خطوة واحدة لتجديد دمائها.
أما المشهد المصري ورغم البدايات القوية التي شهدها الراب والهيب هوب إلا أن العادة المتأصلة في الموسيقى المصرية هي حلب وتسليع أي تيار موسيقي منشر، وأدى ذلك إلى تحول مشهد الراب المصري إلى النزعة التجارية بعد السيطرة شبه الكاملة على الساحة الغنائية، أصبح الرابرز المصريين واجهة رئيسية للإعلانات التجارية لم يحدث تطوير في مشروعهم الموسيقي بفرض وجوده من الأساس واتجه بعضهم لتغيير شكل إنتاجه الموسيقى باقتحام البوب المصري مثل ويجز في بعض إصدارته الأخيرة أشهرها تراك “البخت” أو الدخول في شراكة فنية مع بعض مطربي البوب، لكن الجزئية الأهم هي الرعونة والاستسهال في صناعة اغنية راب متقنة في ظل الانشغال بالدعاية للشركات الكبرى وتفرغ أغلبهم لحرب الدسات بينهم والإصرار على التمحور حول ذواتهم المنتفخة والمباهاة والتفاخر بالمشاهدات وتفريغ موضوعات أغانيهم من أي مضمون جدي يعبر عنهم، فقط الحفاظ على المظهر الخارجي لمطرب الراب المستورد من الغرب مع رص أي كلمات دوم معنى واضح أو فكرة معينة، كل هذا أفقد المشهد المصري هويته وحيويته بالإضافة إلى المطاردة المستمرة من نقابة الموسيقيين لتلك الفئة وإجبارهم على الغناء بمصاحبة فرقة موسيقية وهو ما فضح زيف تجارب بعضهم حيث فقدوا السيطرة تمامًا على أصواتهم غير المدربة على الغناء مثلما حصل مع مروان بابلو في أحدى الحفلات.
على العكس تمامًا يأتي مشهد الراب العربي بأفكار ناضجة جدًا جريئة ومتنوعة مع ثراء في المحتوى الموسيقي والأهم هو الاشتباك مع الواقع أكثر سواء كان واقع محلي أو واقع عربي كقضية فلسطين على سبيل المثال,لذا سنحاول أن نطل على بعض تلك التجارب التي تترجم لنا الهدف الأساسي من الغناء.
أمجد النور
يعرف السوداني أمجد النور بأنه صانع أفلام وثائقية ومقدم برنامج رسالة إلى الأرض على قناة الجزيرة، ويمارس بعض من شغفه الموسيقي بإصدار بعض الأغنيات، يمتاز النور بلغته العربية الفصحى البسيطة الخالية من التعقيد التي يفهمها العامة وهي الطريقة الأسهل لتوصيل رسائله عبرها، وعادة ما يتم تناول قضايا سياسية أو اجتماعية فيها، توسعت شهرته عربيًا بعد الحرب على غزة عندما أنتج أغنية “شوجر دادي” التي سخرت من الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني أثناء الحرب.
بو كلثوم
يعد السوري بو كلثوم أحد أهم مطربي الراب في المشهد العربي، بدأ من داخل سوريا قبل بداية الثورة، كانت بداياته حذرة بعض الشيء حاول فيها تمرير بعض الأفكار التي تنتقد الأوضاع المعيشية في سوريا بشكل غير مباشر، في عام 2013 خرج إلى هولندا ليبدأ مسيرة مختلفة حيث لا قيود على محتواه، في تراكه الأخير “لا يمت” يخرج بو كلثوم من الأفق الضيق الذاتي ليصنع تراك يسهل إسقاطه على الواقع العربي كله.
الفرعي
طارق ابو كويك او كما يعرف بـ الفرعى أردني من أصل فلسطيني أحد أعمدة مشهد الراب و الهيب هوب العربي، يمتلك الفرعي ميزات عديدة أهمها هي اخلاصة للموسيقى كلها كفكرة حيث يدمج بين عدة قوالب موسيقية في أغنياته ويختار القالب المناسب للتعبير عن فكرته، يغني فولك وهيب هوب ورو ك مثلما فعل في أغلب ألبوماته، يمتلك أدواته جيدًا كمطرب وعازف ومنتج موسيقي يدمج بين الأفكار الذاتية والأفكار العامة في أغنياته ويعبر عن أزمات جيله بشكل يبتعد عن تفخيم الذات.
بو ناصر الطفار
يعتبر اللبناني مروان بو ناصر أو كما يعرف بـ بو ناصر الطفار أحد اجرأ الرابرز في المشهد العربي، يؤمن الطفار أن الراب فن شارع بالأساس وأن هدفه ليس التعبير عن أحد بل تشجيع الأخرين للحديث عن أنفسهم، بدأ أول اصدارته الموسيقية عام 2009 من خلال أغنية “مدينة الشهداء” ثم أغنية “الوسخ التجاري” التي صدرت في ألبومه الأيقوني “أصحاب الأرض”، أطلق برنامج بعنوان “البوتقة” وهو عبارة عن حوارات مع العديد من مطربي الراب بغرض التعرف عليهم وجمعهم في بوتقة واحدة
اّل جراندي توتو
راج اسم مغني الراب المغربي “طه فحصي” المعروف بأسم “اّل جراندي توتو” عربيًا بعد احتلال أغاني ألبومه “27” مراكز متقدمة في قوائم بيلبورد عربية التي بدأت أواخر عام 2023، بدأ فحصي مسيرته منذ عام 2016 في تراك “حلمة أدو” الذي وضع قدمه في مشهد الراب والهيب هوب المغربي وصولًا إلى تراك “مغير” الذي فتح له آفاق الشهرة أكثر حيث تعاون مع آخرين منهم المصري “ويجز” في تراك “مش خالصة” ومطربة البوب المغربية منال بنشيخة في تراك “”Slay” وكان أول رابرر عربي يظهر على مسرح الأولمبيا في باريس
الهدف من الغناء
لو عقدنا مقارنة بين المشهد المصري والعربي سنجد أن الفارق الجوهري في المشهدين هو قضية الغناء نفسها، حيث يكثر الدخلاء في المشهد المصري حيث وجدوا في الراب والهيب هوب فرصة جيدة وسريعة للشهرة وجني الأموال والترقي الطبقي وهو هدف واضح جدًا و أن كان غير معلنًا من أغلبهم، إما الراب العربي فهو الأرض الخصبة الوحيدة للتمرد على القوالب الموسيقية السائدة ومحاولة اقتناص فرصًا للتعبير بأريحية دون قيود من شركات الإنتاج أو تحكمات شركات العلاقات العامة التي تتحكم في المشهد المصري أكثر، لذا لم يكن غريبًا أن يذهب المستمع المصري إلى بعض التجارب الأخرى في مشهد الراب العربي حيث وجدوا ما افتقدوه.
بعد حفل مروان بابلو هل بدأت كرة الثلج في التدحرج؟
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال