“تخييم السماء” غير مسموح لأصحاب القلوب الضعيفة
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
مستعد للمغامرة؟ لم لا تجرب تخييم السماء في الجبال؟ قد تصبح أول إنسان يرى شروق الشمس، أولًا عليك أن تقضي الليلة حذرًا من “الوقوع” في النوم. وسيلة جديدة لضخ الأدرينالين في عروق المغامرين، في مخيمات معلقة بين السماء والأرض حرفيًا، لا يحول بين المخيمين والسقوط في الهاوية سوى حبل معلَّق بآخر.
واحدة من أخطر المغامرات التي يقدم عليها هواة الإثارة، ما يعرف بتخييم السماء أو الأرجوحة الخطيرة؛ مخيمات تنتصب في أرجوحات شبكية متدلية من حبال معلَّقة بين أطراف الجبال أو الوديان المرتفعة. نشاط شبه انتحاري اجتذب السائحين، حيث يمكنهم إضفاء نوع من الحماسة الخطيرة إلى رحلتهم وقضاء ليلة معلَّقين بين الجبال على ارتفاعات شاهقة، مطلِّين على مناظر طبيعية ساحرة بين الجبال والأشجار والسحب التي تعانقها أسِرَّتهم القماشية.
على عكس المتوقع لا يبدو المشاركون في هذا النشاط خائفين أو قلقين على الإطلاق؛ المقاطع المصورة التي انتشرت لتوثيق ذلك النشاط السياحي الجديد تعكس ارتياح غير مناسب للموقف. وكأنهم ولدوا على سفح الجبل، يربطون أحذيتهم بأكياس النوم ويعلقون مصابيح ليلية فوق رؤوسهم، ليقضوا الليلة متسامرين ويمضون ساعات النهار الطويلة في عزف الموسيقى. في الصباح يكون الاستيقاظ على شروق الشمس في مشهد لن تراه من أي مكان آخر في العالم، ليبدأ يوم جديد بإفطار سريري ونشاطات مثل المشي على الحبال أو الألعاب البهلوانية، وبالطبع كل هذا لا يتم إلا في الهواء الطلق بين السحب والسماء الصافية.
نوع جديد من السياحة ومهرجان سنوي لمحبيه
الصور التي انتشرت حول العالم عبر وسائل التواصل لتلك المخيمات وأثارت دهشة المدونين لم توضح مصدرها، وبعد البحث توصلنا إلى عدسة المصور “Sebastian Wahlhuetter” من جبل “بيانا” بشمال غرب إيطاليا الذي يصل ارتفاعه إلى أكثر من ألفي قدم؛ وبمزيد من التنقيب وجدنا توثيقا للتجربة من مدينة “ناغا” أحد أهم المراكز السياحية بالفلبين.
“كارا سانتوس“ مدونة فلبينية تهوى المغامرات غير المألوفة، تزور أغرب الأماكن وتمارس أنشطة متنوعة تشاركها مع متابعيها، أحدهم هو رحلتها المميزة إلى منتزه “جبل لاسورج” الوطني في ناغا- الفلبين للتخييم في السماء. الرحلة التي وصفتها عبر مدونتها بأنها مفعمة بالأدرينالين ولا تناسب الجميع ابتكرها متسلقي الجبال منذ سنوات، فهي طريقتهم المعتادة لاستراق ساعات النوم أثناء صعود الجبال المرتفعة والذي قد يستغرق أيام.
كانت سانتوس كالعديد من رواد مواقع التواصل الذين أثارت صور مخيمات السماء فضولهم، وبمجرد عثورها على شركة تنظم الرحلة في بلدها قررت أن تخوض المغامرة، وتشارك المتابعين صورها على ارتفاع 80 قدم معلِّقةً حياتها بحبل. جولة تمتد لأيام بين التخييم في السماء والينابيع الساخنة أصبحت جاذبًا كبيرًا للسائحين، الطبيعة الساحرة في هذا المكان لا يمكن مقاومتها ناهيك عن النشاط المميز.
الوصول إلى الأرجوحة المعلَّقة لم يكن بالأمر السهل، كما وصفت سانتوس لا يمكن الوصول للموقع إلا مشيًا على الأقدام وصعود 350 درجة، إضافةً إلى صعوبة التوازن عليها وكونها طريقة غير مريحة للنوم وقضاء الوقت. أمَّا رحلة العودة فأكثر صعوبة، شدة انحدار الطريق تجعله محفوفًا بالمخاطر، ولا مجال للغفلة أو التسرُّع معه وإلا يكون الثمن حياتك.
محبي تخييم السماء ينظمون قوافل سنوية يفضلون تسميتها “مهرجان الأراجيح”، يُقام المهرجان في أماكن جبلية مختلفة مثل تيجسنو كانيون بالبوسنة، حيث جاء المهرجان في إطار حملة لتشجيع تسلُّق الجبال بالبلاد، استمتع المغامرون بالاستلقاء في الهواء الطلق، وشاركوا العالم متعتهم الغريبة عبر مقاطع مصورة مدهشة وأحيانًا مثيرة للذعر.
الإقدام على تلك المغامرة ليس متاحًا للجميع، أولًا يجب إتقان التوازن على الحبال وأساليب التعامل مع الأرجوحة للدخول والخروج منها بسلام. وحتى بعد اتباع جميع إجراءات السلامة والخضوع للتدريب المناسب، تظل ممارسة شديدة الخطورة وأدنى خطأ خلالها يمكن أن يتسبب في كارثة، وهي كما وصفها موقع الطبيعة هي المنزل- الذي يضم محبي التخييم- نشاط غير آمن.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال