تدمير تمثال بوذا باميان .. الخدمة الجليلة التي قدمتها حركة طالبان للعالم
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في أوائل الألفينات، قامت حكومة طالبان كعادتها بعمل تخريبي في أفغانستان، وتم تدمير تمثالان عملاقان يعرفا باسم بوذا باميان ولكن لم يعلم المدمرون أنهم قدموا خدمة جليلة للعلم والتاريخ بفعلتهم تلك.
تمثالا مدينة باميان
كانت مدينة باميان الأفغانية مركزًا بوذيًا منذ القرن الثاني الميلادي، واستمرت كموطن للبوذية حتى دخول الإسلام لأفغانستان في القرن السابع ميلاديًا، وكانت مدينة باميان تقع في موقع هام للغاية بطريق الحرير التجاري، لذا كان يقام بها عشرات الاحتفالات التي تستقطب المسافرين لإنعاش حركة التجارة بالبلدة، وكان يأتي لها البوذيين من كل حدب وصوب لزيارة المعابد البوذية المتواجدة بها.
اقرأ أيضًا
هل شاهدت لوحة القصر الرئاسي في أفغانستان التي جلس عندها رجال طالبان .. دعني أخبرك قصتها
ومن أهم المزارات الدينية في تلك المدينة “تمثالا بوذا”، اللذان كانا يعدان أكبر تمثالي بوذا منتصبين في العالم، كان يبلغ طول أحدهما 35 مترًا بينما يبلغ طول الآخر 53 مترًا، وتم نحتهما بدقة شديدة في جبل في القرن الخامس الميلادي، وكان بهما الكثير من التفاصيل الدقيقة المميزة.
تدمير التمثالان
عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، في التسعينيات من القرن الماضي، طلت علينا قوة سياسية جديدة تُدعى “حركة طالبان”، وعلى الرغم من وعودهم بإحلال السلام والأمن، إلا أنهم أفشوا الرعب والذعر بين الناس، حيث اتخذوا من أنفسهم حراس للدين، واتخذوا من الشريعة حجة لجرائمهم وإرهاب الناس.
عام 1999م، تسلمت حركة طالبان في أفغانستان مقاليد السلطة في البلد، وحينذاك أكد المسئولون أنه لن يتم المساس بتمثالي مدينة باميان، غير أنه بعد عامين فقط من توليهم الحكم، صدر قرار تدمير التمثالان لأنهما أوثان!
وبدأت المهمة في شهر مارس عام 2001م، حيث تم توجيه مدفعيات لإطلاق القذائف على التمثالين، وأحدثت القذائف ضررًا بالغًا بالتماثيل، ولكن فشلت تلك الطريقة في تدميرهما، وصرح المسئولون أن هدم التماثيل لن يكون مهمة سهلة نظرًا لصلابتهما الشديدة لارتباطهم بالجبل، لذا لجأت حكومة طالبان لزرع الديناميت في الثقوب التي أحدثتها القذائف، وتم تفجير الألغام ودمرت التمثالان.
قبل التدمير خرج “الملا عمر” زعيم حكومة طالبان، وصرح أن “عملية التدمير لا علاقة لها بالأمور الدينية، ولن يتم تدميرهما لأنهما أصنام مثلما يُشاع، فلم يعد هناك بوذيين في أفغانستان ولا يتم عبادة التماثيل، ولكن سيتم تدميرهما لأن تكلفة صيانتهما تشكل عبء على الحكومة، بينما يعاني الأطفال من المجاعات”، وبالطبع لم تكن تلك التصريحات سوى كذبة زائفة، حيث خرج مسؤولون آخرون وأكدوا أن تدمير التمثالان أمر ديني بحث، لأنه لا يجب أن تنتصب الأصنام في بلاد الإسلام.
اكتشافات ما بعد التدمير
قدمت حكومة طالبان خدمة للعالم بأكمله بهذا التدمير، حيث تم اكتشاف ما يزيد عن الخمسين كهفًا خلف التماثيل، وبهذه الكهوف وُجد العديد من الاكتشافات التاريخية الهامة، مثل:
- أقدم لوحة زيتية في العالم، وعُرف أن هذه الكهوف كانت تُستخدم في القديم كمنازل للرهبان البوذيين، واللوحات الزيتية التي وُجدت لها هي الأقدم في التاريخ، حتى سبقت اللوحات الزيتية الأوروبية بمئات السنوات.
- عُثر بداخل الكهوف أيضًا على ترجمة لكتاب “Pratītyasamutpāda Sutra” السنسكريتي، وذلك الكتاب يُعد الوثيقة الأهم الاي تشرح المعتقدات الأساسية، وقد تمت كتابة تلك المعتقدات على لحاف الشجر.
- كذلك وجد علماء الآثار ختم قديم للغاية من الصلصال الطيني، وبجواره صفيحة معدنية بها رسمة لثعبان وطائر وزهرة، وأوضح العلماء أن تلك الموجودات تشير للأشخاص الذين مولوا بناء التماثيل العملاقة قديمًا.
- بالإضافة لما سبق، وجد العلماء تمثال بوذا آخر يصل طوله لعشرين متر تقريبًا، ومئات الكتب التاريخية الهامة، والعديد من آثار البوذيين الذين كانوا يعيشون في تلك الكهوف.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال