“تذكرة ماتينيه”…كواليس ترشيحات الأوسكار
-
عبد الجواد
كاتب نجم جديد
أفصحت إدارة الأكاديمية المانحة لجوائز الأوسكار عبر بيان رسمي عن معايير تمنع ترشح الأفلام إلى فئة أفضل فيلم إذا كانت مواضيعها لا تعبر عن الأقليات و التنوع الجندري و العرقي مع إشتراطات أخرى تخص صناع الأفلام تفرض على كل فيلم نسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة من طاقمه مُختارين وفق تلك المعايير على أن يكون من بينهم إثنان من الصناع الأساسيين للعمل أو من ممثلين الشخصيات الرئيسية ، إضافة إلى ستة من المساعدين الرئيسيين وذلك لضمان مشاركة فعالة لمن تنطبق عليهم تلك المعايير و لتجنب لجوء الشركات المنتجة لإستيفاء تلك الشروط بتجميع أفراد تنطبق عليهم الإشتراطات و موكل إليهم أعمال غير ذات أهمية في صناعة الأفلام .
أي أن الأكاديمية قررت دعم الحريات و حقوق الأقليات بقرارات تقضي على حرية إبداع الأفكار و حرية إختيار المخرجين لشركائهم و مساعديهم في صناعة الأفلام .
تخيلوا معي وجود لجنة مكونة من أعضاء الأكاديمية تشاهد الأفلام ثم تعرضها على لجنة أخرى منبثقة عنها لكتابة تقارير عن مواضيع الأفلام ليتأكدوا من إلتزامها بالمعايير المحددة و إنها تحكي قصص عن كفاح أقليات أو مضطهدين بسبب التنوع الجندري و العرقي ، و تكليف لجنة أخرى مشكلة بقرار من رئيس اللجنة الرئيسية مهمتها فحص ملفات الأفلام لتحديد نسب المتنوعين جندرياً و عرقياً و المنتمين للأقليات من بين المشاركين في إنجاز الأفلام تلك ، سيجلس رئيس اللجنة الفرعية مع زملائه يراجعون أسماء أطقم عمل الأفلام و كتابة الصفة أمام كل إسم كالتالي :
س …. ذكر
– أوكيه
ص …. أنثى
– متأكد يا أكاديمي فلان ؟
– أكيد …صورتها آهي و مافيش أي حاجة ملاحظات مكتوبة جنب إسمها
– ماشي
ع ….. ميكسيكي
– وريني شهادة الميلاد ؟
– إتفضل
أ …… مثلي
– مرفق تقرير الطب الشرعي
– هايل .. اللي بعده
إقرأ أيضًا…لغز “ماري سيلست”..السفينة المهجورة في نصف المحيط الأطلسي
و هكذا يستمر العمل وصولاً لعملية حساب النسبة حتى يتم الإستقرار النهائي على الترشيحات ، بعدها تجتمع اللجنة الرئيسية مع اللجنتين الفرعيتين و يتم الإعلان عن الترشيحات إلى جوائز الأوسكار و تحدد اللجنة موعداً لتلقي التظلمات و بدون شك ستلجأ بعض شركات الإنتاج التي أُستُبعدت أفلامها من الترشيحات إلى الطعن في صحة بيانات المشاركين بالأفلام التي حصلت على فرص ترشح و سينفي شخص ما عن منافسه ميزة التنوع الجندري بينما سيلجأ المطعون في ميوله الجندرية إلى الطب الشرعي و يخضع للكشف ليحصل على شهادة تؤكد سلامة موقفه حتى لا يتم إستبعاد فيلمه من التنافس على جوائز الأوسكار و ربما يحدث العكس فقد يضطر ممثل أو مخرج إلى الإدعاء بالمثلية حتى ينال الجائزة .
عودة من الخيال إلى الواقع ، بالبحث عن الأفلام التي ترشحت و فازت بجوائز الأوسكار في السنوات القريبة الماضية سنكتشف بدون وجود قرار معلن من الأكاديمية إن تلك المعايير قد طُبقت بالفعل و إستفادت منها أفلاماً متواضعة ترشحت لجوائز الأوسكار ثم فازت ببعض الجوائز لا لسبب غير أنواع مواضيعها التي تناولت واحداً أو أكثر من هذه العناوين و بالتالي يمكننا تخيل التدهور المتوقع لمستوى الأفلام المتنافسة على جوائز الأوسكار في الأعوام القادمة بعد ذلك الإعلان المقيد لحرية الإبداع .
أصحاب المهن السينمائية هم الأولى بالدفاع عن الحريات العامة و الشخصية و الوقوف في صفٍ واحد بجوار المضطهدين و الفيلم السينمائي يُصنع ليخلق المتعة و أيضاً لينتصر لقيم الحرية و العدل لكن وفق أصول المهنة التي لا يجب أن تستسلم للمباشرة خاصة و أن هناك وسائط أخرى متعددة للتعبير عن الرأي من خلال المقالات و التحقيقات الصحفية و البرامج المرئية و المسموعة و الوقفات الإحتجاجية و غيرهم .
المبدع في أغلب البلدان يقاوم الخضوع لمعايير حكومية أو أمنية و يعاني من الرقابة و يجتهد لخداعها حتى يصنع أفلاماً ، لكنه في أمريكا بلد الحريات المزعومة سيخضع لقرارت الأكاديمية المهيمنة على السينما هناك و كذلك ستفعل شركات الإنتاج .
في الأيام القليلة القادمة سنقدم لكم تذاكر ماتينيه أخري لنُقيم معاً بعض الأفلام التي حصلت عن دون إستحقاق على جوائز الأوسكار خلال السنوات الماضية .
الكاتب
-
عبد الجواد
كاتب نجم جديد