تراتيل الكنائس ورموز المسيحية في أغاني القضية الفلسطينية
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
انحصر الدفاع عن القضية الفلسطينية خلال العقدين الماضيين في حركات المقاومة الإسلامية، وأفضت الصورة في أذهان الأجيال الجديدة في المجتمع العربي إلى أن القضية الفلسطينية هي؛ قضية إسلامية أكثر منها قضية قومية عربية. هذه الصورة التي تصدرت المشهد ـ حتى وإن كانت غير حقيقيةـ، لدى المجتمعات الغربية، وباتت حركات المقاومة حركات إرهابية مقرونة بالإسلام، وبات الدفاع عن حق الفلسطينيين في الأرض إرهابًا والمحتل له حق الدفاع عن نفسه!.
إن تراجع الدور المسيحي في القضية الفلسطينية يعود إلى تناقص عدد المسيحين في فلسطين ( القدس الشرقية ـ الضفة الغربية ـ غزة) إذ أصبح تعدادهم أقل من 1 % من عدد السكان، ويعود ذلك إلى الهجرات إلى الدول الغربية نتيجة القصف المستمر لفلسطين، وسوء الأحوال الاقتصادية ـ حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ـ، لذلك تراجع وجودهم على الأرض نتيجة تراجع تعدادهم.
ويعبر الحاضر والتاريخ عن موقف المسيحين في القضية الفلسطينية كونها قضية عربية قومية لا إسلامية في الأصل، وإن تراجعها من هذا المنظور يعود إلى تراجع الحركات القومية العربية، ولعل ظهور الأب الفلسطيني “أنطونيوس حنانيا” خلال الأحداث الجارية، يؤكد إن القضية الفلسطينية قضية قومية، إذ قال في حديثه إن القضية هي قضيتنا، ولعل ما فعلته قوات الاحتلال في تابوت الصحافية” شيرين أبو عاقلة” يؤكد على جُرم قوات الاحتلال مع المسيحين والمسلمين في فلسطين.
ولعل القوى الناعمة هي المعبر الحقيقي عن كون القضية الفلسطينية قضية قومية عربية لا هي إسلامية ولا هي مسيحية، بل هما معًا، ويظهر ذلك في الأِشعار والأغاني التي استخدمت الرمزية المسيحية للتعبير عن فلسطين، ويليها رمزية إسلامية تعبر عن مسرى رسول الإسلام.
أغنية المسيح لعبد الحليم حافظ
دائمًا ما كان الفن هو السلاح الأقوى للتعريف بالقضية الفلسطينية، والقومية العربية عمومًا لذلك استغل الراحل ” عبد الحليم حافظ” حفلته في قاعة ” ألبرت هول” بلندن، أمام 8 ألاف متفرج بإطلاق أغنيته المسيح، وكان هذا بعد نكسة 1967م.
قدم ” عبد الرحمن الأبنودي” كلمات أغنية المسيح، وعبر فيها عن قصة آلام المسيح وصلبه في فلسطين، واستخدم هذه القصة وأسقطها على الفلسطينيين لا سيما مدينة القدس التي شهدت ميلاد المسيح ومأساته كما شهدت على مأساة أهالي فلسطين وما يعانونه من اليهود.
وحتى تكتمل الرمزية المسيحية قام الموزع “علي إسماعيل” باستخدام الجرس الأنبوبي “Tubular bells” ليحاكي أجراس الكنيسة، وكأنه يهيأ المسرح ليصبح كنيسة.
على أرضها طبع المسيح قدمه
على أرضها نزف المسيح ألمه
في القدس في طريق الآلام
وفي الخليل رنت تراتيل الكنايس
في الخلا صبح الوجود إنجيل
أجراس العودة
الكثير من أغاني القضية الفلسطينية حملت اسم” أجراس العودة” لعل أهمها التي ألفها الشاعر اللبناني ” سعيد عقل” ولحنها الأخوان رحباني، وغنتها السيدة فيروز.
ثم أجراس العودة التي كتبها الشاعر السوري” عماد الدين طه” ولحنها وغناها الفنان التونسي” لطفي بوشناق” وغناها إبان صفقة القرن ، الأغنيتان حملت نفس الاسم ولم تنخرط كلماتها في الموروث المسيحي، لكن كلمة أجراس في عنوان كل أغنية هي رمزية كاملة مسيحية، فقد ارتبط الجرس بالكنيسة فهو وسيلة الإعلان عن الصلاة والقداس والأفراح والمآتم، هو وسيلة تعبيرية عمّا يحدث داخل الكنيسة.
وعن حزن الأمهات الثكلى على فراق أبنائهم المدافعون عن الأرض استخدم الشعراء حزن السيدة مريم العذراء على فراق ولدها ” المسيح”، فمثلا في أغنية “زهرة المدائن” التي ألفها ولحنها الأخوان رحباني، وغنتها السيدة فيروز، التي من بين كلماتها “الطفل في المغارة وأمه مريم، وجهان يبكيان لأجل من تشردوا، لأجل أطفال بلا منازل، لأجل من دافع واستشهد في المداخل”.
وفي مقطع الفنانة ” هدى سلطان” في أوبرت” القدس هترجع لينا” قالت :” ولما ارتعش الجسد الطفل ،وبقى في إيدين الله، بكت العذراء الأم وصرخت قالت يا ولداه، عاش الظلم المر الغادر، سقط العدل وناح” ، وفي هذا المقطع أيضًا إشارة إلى حزن السيدة مريم العذراء على فراق سيدنا المسيح عيسى .
القضية الفلسطينية قضية قومية، لا دينية وإن تصدر المشهد مؤخرًا على أنها قضية إسلامية، لكنها قضية تهم كل مواطن عربي من البداية وإلى النهاية، وأثبتتها القوى الناعمة مرارًا.
اقرأ أيضا: تهجير الشمال وقصف الجنوب.. فلسطينيون للميزان: الاحتلال لم يترك شبرًا أمنًا في غزة
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال