همتك نعدل الكفة
1٬675   مشاهدة  

تراجان والمسيحية “لماذا كان الأعنف في أباطرة الرومان رغم أنه غير دموي”

تراجان والمسيحية


بين تراجان والمسيحية عداء كبير لم يسلم منه قس أو راهب أو متدين أو حتى مُحِب، ومكمن قسوة تراجان أنه لم يكن دمويًا على الإطلاق وإنما حارب المسيحية بأسلوب أكثر عنفًا وأقل تكلفةً في المال والأرواح.

سيرة تراجان ونشأته

تراجان
تراجان

ولد تراجان في 18 سبتمبر 53م في مدينة يتاليكا في أسبانيا لأبوين رومانيين، كان أبوه عضوًا في مجلس الشيوخ، ثم أصبح فيما بعد حاكمًا لسوريا في سنة 77م التي كانت إقليمًا مهمًّا في الإمبراطورية الرومانية.

وارتقى ” تراجان” في صفوف الجيش وشارك الامبراطور “دوميتيان نيرفا” في الحروب، ثم أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ، وشغل مناصب عسكرية في أسبانيا وسوريا وألمانيا، وفي سنة 97م تبنّى الإمبراطور “دوميتيان نيرفا” “تراجان” بوصفه وريثًا له ووليًا لعهده، وحينما تُوفي ” نيرفا” سنة 98م، تولى الحكم الإمبراطور ” تراجان” يوم 27 يناير سنة 98م، وهو أول الأباطرة الرومان الذين ينحدرون من سكان الولايات.

تراجان حاكمًا لمصر .. ماذا قدم لها ؟

صورة للإمبراطور تراجان
صورة للإمبراطور تراجان

تم في عهده مشروعان خطيران في مصر:
أولهما تجديد الخليج البطليموسى الذى يصل النيل بالبحر الأحمر، وكان قد تم إهماله وانهارت جوانبه فرممه تراجان وزاد طوله كثيرًا حتى أوصله إلى “بابليون” بعد مروره بمدينة “عين شمس”، ولا شك أنه الخليج الحالي بعينه، وقد رمم مرة ثانية وزيد طوله قليلاً في العهد الإسلامي.

والمشروع الثاني بناء قلعة بابليون العظيمة وهى المعروفة بقاياها الآن بقصر الشمع، وهو لهذا العهد يشتمل على ست من أقدم الكنائس المسيحية في القاهرة، أما عند إنشاء هذه القلعة فلم يكن داخل أسوارها إلا كنيسة واحدة وهى المعروفة الآن باسم كنيسة أبي سرجة.

وفي عهد “تراجان” زاد الاهتمام بالديانة المصرية، وقد شيدت إحدى السيدات معبدًا في دندرة باسم الربة أفروديت، وهو اسم للإمبراطورة أفلوطينا زوجة “تراجان” باعتبارها ربة مؤلهه مع حتحور الربة المصرية.

ولعل ما سمعه “تراجان” من سوء الحكم في مصر حفزه على الاهتمام بأحوال هذه الولاية، فما أن آلت بمصر المجاعة التي وقعت عام 99م بسبب انخفاض فيضان النيل، اهتم “تراجان” بالأمر كل الاهتمام، فأرسل إلى مصر أسطولاً محملاً بالغلال مما كان محفوظاً لحاجة روما، وبذلك خفف من ضائقة البلاد.

تراجان والمسيحية.. المواجهة المقننة

تراجان
تراجان

يذهب بعض المؤرخون إلى أن تراجان قام بإعلان أن المسيحية ديانة محرمة، ولكى يضع حدًا لانتشارها، حكم على كثيرين منهم بالموت، وأرسل بعضًا آخر إلى المحكمة الإمبراطورية بروما.

وتظهر روحه العدائية تجاه المسيحيين من رسالة له ردًا على رسالة أرسلها له بليني حاكم ولاية بيثينية بآسيا الصغرى، كان بليني هذا يرى المسيحية خرافة دنيئة متطرفة، وأرسل للإمبراطور “تراجان” يخبره بأن هذه الخرافة تزداد انتشارًا باستمرار، وأنها أصبح لها سلطان على الناس من كل سن ومركز وجنس حتى المعابد الوثنية هجرت، وكسدت تجارة الأشياء التي تقدم قرابين للآلهة، ولكى يضع حدًا لهذا الانتشار المضطرد، حكم على كثير من المسيحيين بالموت، وارسل بعضاً آخر ممن كانوا يتمتعون بحقوق المواطنة الرومانية إلى المحكمة الإمبراطورية بروما، لكنه سأل الإمبراطور مزيدًا من التعليمات بخصوص طريقة معاملة المسيحيين وهل يراعي كبر السن، أم لا.

إقرأ أيضا
عربستان

وقد أجاب “تراجان” على هذه الاستفسارات برسالة جاء فيها:” لقد سلكت يا صديقي الطريق السوي فيما يختص بالمسيحيين، لذ لا يمكن وضع قاعدة عامة تطبق على كل الحالات في هذا الصدد، لا ينبغي السعي في طلبهم، لكن إذا أشتكى عليهم وجدوا مذنبين فلابد من معاقبتهم، ومع ذلك فإذا أنكر أحد أنه مسيحي وبرهن على ذلك عمليًا بالتضحية لآلهتنا فليصفح عنه بناًء على توبته”، وبناء على قرار الدولة هذا تعرض المسيحيين لاضطهادات عنيفة.

ثورة اليهود

تراجان
تراجان

لم تختلف علاقة تراجان والمسيحية عن علاقته باليهودية، فيبدو أن شيئاً ما قد حدث بين اليهود والإغريق بالإسكندرية في عهد الإمبراطور “تراجان” إذ أن إحدى برديات أعمال شهداء الإسكندرية تتحدث عن وصول وفد إسكندري وآخر يهودي إلى روما قبل أن يبارحها هذا الإمبراطور إلى بارثيا في خريف عام 113م، وكان الوفد السكندري يتألف من أحد عشر عضوًا، وكان الوفد اليهودي يضم سبعة أعضاء، وفي أيامه عاد اليهود إلى أورشليم، وقرروا الخروج عن طاعته، فأرسل جيشاً لمحاربتهم، وظلت الحرب بينهم زمانًا طويلاً، وقد حارب اليهود عددًا كبير من المدن التي تتبع روما، حتى وصلوا إلى مِصر والإسكندرية وقاتلوا ما فيها من جيوش رومانية وتغلبوا عليها وطردوا حاكم مِصر، فأرسل “تراجان” حاكماً آخر وزوده بجيش عظيم، وظلت الحرب تدور خصوصًا لقيام الفتن والنزاع بين يهودي الإسكندرية ويونانيّها لعداوة شديدة قديمة بينهما، وتفاقمت الخلافات حتى آل الأمر على قيام اليهود على الدولة الرومانية وإشهارهم بالعصيان في مصر، فحاول الوالي الروماني أن يقمع ثورتهم فلم يتغلب على الثائرين وكانوا تحت قيادة رجل أسمه لوكاس من يهود قورينة فظل في هذا الأقليم مدة سنتين يحارب الرومان وعاثوا في الأرض فسادًا حتى أصبحت ولاية ليبيا تئن من أهوال هذه الحرب الداخلية إلى أن أرسل الإمبراطور أخيراً القائد مارسيوس توربو بجيش جرار إلى مصر لمحاربتهم وبعد قتال عنيف جرى في عدة مواقع إنهزم اليهود شر هزيمة وقتل ألوف منهم وجردوا عقب هزيمتهم من امتيازاتهم الوطنية تجريدًا شرعيًا، وبهذه الهزيمة ضاعت آمالهم وخابت أحلامهم فيما ينتظرون من عودة الحرية ووطنهم إليهم ومن ذلك العهد أصبحوا يعتنقون المسيحية أفواجًا أفواجًا.

وفاة تراجان
وفي عام 117م توفي “تراجان”، واختلفت الأقاويل حول موته ما إذا كان قد مات بالسم أو بالسكتة الدماغية أو بمرض بالقلب.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان