توت عنخ آمون.. “الطفل المعاق الذي حكم مصر حسب رغبة الآخرين
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الحضارة الفرعونية القديمة كانت وستظل واحدة من أهم وأعرق الحضارات في العالم، يسعى لدراستها العلماء من كافة أرجاء البلاد، ويسافر السياح مئات الأميال لمشاهدة عظمة وروعة ما تركه لنا أجدادنا الفراعنة، بالطبع لم تنكشف الأسرار كافة حتى الآن، ولكن ما تم كشفه جعل من بعض ملوك الماضي نجوم مشهورين في وقتنا الحاضر، تلمع أسماءهم وتسطع على سطور كتب التاريخ، مثل الملك مينا موحد القطرين، والملكة نفرتيتي، والملوك خوفو وخفرع ومن كاو رع، والملك توت عنخ آمون الجميع يستحقون شهرتهم لأعمالهم العظيمة الخالدة، ولكن ماذا فعل توت عنخ آمون ليستحق شهرته؟، فذلك الملك تحديدًا لم يفعل شيئًا طوال حياته القصيرة بإرادته، ونال شهرته نتيجة لما عُثر عليه في مقبرته، وليس لما فعله هو.
أمنحتب الرابع وولي عهده توت عنخ آمون
كانت الملكة نفرتيتي لا تُنجب سوى الفتيات، فقرر الملك أمنحتب الرابع أن يتزوج مرة أخرى ليُنجب وريثًا للعرش، ووقع الاختيار على الأميرة “كيا”، والتي أنجبت بعد 9 أشهر فقط ولي العهد “توت عنخ آتون”، في ذلك الوقت كان أمنحتب الرابع يدعو لتوحيد الآلهة، والتخلي عن التعددية في العبادة، وتوحيد جميع الآلهة في إله واحد وهو “آتون”، وغير اسمه إلى “اخناتون” بمعنى الصورة الحية للإله آتون، وترك مدينة طيبة، وانتقل إلى الصحراء، وقام ببناء مدينة كاملة أسماها “أخيتاتون”، واعتكف في قصره، وترك كل شئون الدنيا والدولة، ووصل الأمر إلى أنه حتى رفض استقبال رسائل الكهنة، والقادة العسكريين، حتى فاض الكيل ونفد صبرهم، فاتفقوا جميعًا، واتحدوا مع زوجته نفرتيتي، وقاموا بانقلاب، وعزلوا أمنحتب، وقاموا بتنصيب ابنه الصغير توت عنخ آتون، الذي كان يبلغ من العمر تسع سنوات فقط، وقامت الملكة نفرتيتي بتزويجه لإحدى أخوته من بناتها، لضمان بقاء العرش تحت سيطرتها.
توت عنخ آمون على عرش مصر
كان توت عنخ آتون مجرد طفل صغير، لا يفقه شيئًا من أمور السياسية، وإدارة الدولة، واستغل الوزيرين آي وحور محب، ذلك الوضع، فأمروه برفع الحظر عن عبادة الآلهة الأخرى، وعودة الإله آمون، وقاموا بتغيير اسمه إلى توت عنخ آمون، وتغيير اسم زوجته لـ عنخ إس إن آمون، وقاموا بتدمير مدينة أخيتاتون، وكل ما يخص الملك اخناتون، وعادوا إلى مدينة طيبة مرة أخرى.
مؤسسة حياة كريمة تعلن عن تنفيذ مبادرة التصالح حياة بمحافظتي قنا والأقصر
وفاة توت عنخ آمون
حملت زوجته مرة واحدة وأنجبت تؤامًا، قبل ميعاد ولادتهم، فتوفوا على الفور، ولم يستطع توت عنخ آمون أن ينجب مرة أخرى حيث توفى بعدها بفترة قصيرة للغاية، وتولى الحكم من بعده الوزير حور محب، الذي لم يكتفي بأخذ العرش فقط، ولكنه تزوج من أرملة توت عنخ آمون، وأذاقها الويل والمرار.
وهكذا انتهت حياة توت عنخ آمون، التي لم يفعل فيها أي شيء يستحق أن يذكره التاريخ لأجله، ولكنه سر شهرته يكمن فيما وجدوه بعد فتح مقبرته.
ماذا يمكن لعلم التنجيم أن يخبرنا عن 2021؟
اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
في عام 1922م، كان عالم الآثار هاورد كارتر في رحلة استكشافية بمنطقة وادي الملوك بالأقصر، والتي تضم مقابر العديد من الملوك القدماء، وأثناء عمل العمال، سقطت قدم إحدى الأطفال في حفرة، كان ذلك الطفل يحضر للمقابر يوميًا مع والده الذي كان أحد هؤلاء العمال، وعندما هم الأخرون لمساعدته، وجدوا أسفل التراب بداية سلالم لمقبرة مبنية تحت مقبرة الملك رمسيس السادس، وحضر كارتر على الفور، وبمجرد رؤيته لمدخل المقبرة، أدرك أنهم توصلوا لاكتشاف عظيم، كانت المنقوشات والرسومات على الحوائط تحكي عن رحلة موت شاب صغير، ووجد صندوق خشبي مطعم بالذهب، لم يدرك كارتر وقتها أنه أول بسري تطأ قدمه تلك المقبرة منذ غلقها من 4000 عام، وكان كل شيء في المقبرة كامل على وضعه مثلما تركوه قبل غلقها. رفع كارتر الغطاء الخشبي، ووجد أسفله صندوقين أخريين، حتى وصل للتابوت الذهبي الرئيسي الذي كان على هيئة تمثال من الذهب، كان توت عنخ آمون لا يزال مجهولًا حتى ذلك الوقت.
قام كارتر وفريقه بقطع الكفن الذهبي لنصفين، بعدما فشلوا في الوصول للمومياء، التي كانت على حالها تمامًا، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج، الذين كانوا جميعًا من الذهب الخالص.
هاني شنودة وسيد مكاوي .. لماذا اختلف الاثنين حول جيلهما ؟
كانت المقبرة مليئة بالآثار والمقتنيات التي وصل عددها لـ 358 قطعة، وثلاث توابيت، وعدد كبير من الأثاث وأدوات الصيد والمعدات الحربية، وبوق توت عنخ آمون، وكرسي العرش الخاص به، والذي يعد العرش الوحيد الذي عُثر عليه، وما يقرب من 100 عكاز وعصا خشبية.
حقائق عن توت عنخ آمون
كانت المومياء بها العديد من الجروح، والكسور، مما وضعه في دائرة الاغتيالات، حيث شكوا أنه قُتل بعدما وجدوا فتحة كبيرة في جمجمة رأسه من الخلف، وكسر في قدمه اليسرى، وظلت قصة اغتياله هي الحكاية الأساسية لحياته، حتى عام 2005م، عندما تم فحص المومياء بأجهزة حديثة متطورة، لتؤكد أن وفاته طبيعية تمامًا، ولم يتعرض للاغتيال، وأن تلك الفتحة في دماغه حدثت وقت تحنيطه بعد موته.
وأوضحت الفحوصات أيضًا، أن ذلك الكسر في قدمه، حدث أثناء رحلة صيد، ولم يتم علاجه بطريقة صحيحة، مما تسبب في حدوث غرغرينا أدت إلى تسمم بالدم، وكشفوا أيضًا أنه كان مُصابًا بمتلازمة مارفان، التي كانت السبب الرئيسي في عدم تناسق جسده وطول أطرافه وحجم جمجمته الكبير جدًا، مما جعله قعيد ويستخدم العكاز في انتقالاته، كل تلك الأمراض بالإضافة إلى اصابته بالملاريا، كان كفيلًا لإنهاء حياته دون تدخل أحد.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال