توفيق الحكيم.. الكريم في كلماته والبخيل في أمواله

كاتب وأديب عظيم استطاع من خلال التشابك التاريخي في روايته أن يعبر نطاق الزمن ويبث الحياة في حيوات انقضت، واستوعب بذكائه جميع المناهج الأدبية وأعاد تشكيلها على يديه وحولها إلى سبيكة رائعة جملت الحياة في عهده، إنه العبقري “ توفيق الحكيم ” الذي تحتاج أعماله لقارئ يحمل رؤية وجدانية وحس خاص متوقد ليعبر عوالم كتاباته.

ولكن مثلما كان مميزًا في أعماله فقد كان مميزًا في طرائفه وحكاياته مع البخل، حيث عُرف عنه بخله الشديد، وتقطيره في الإنفاق على نفسه، لدرجة جعلت منه موضع حديث أي اجتماع بين الأدباء، فكان غريبًا أن يكون أديبًا بحجم “الحكيم” جوادًا بكلماته ومعانيه، وبخيلًا في إنفاقه على ذاته وضيوفه، ونستعرض لكم أهم الشهادات من كبار الكتاب والصحفيين التي قيلت في “توفيق الحكيم” ومواقفه مع البخل.

شهادة طه حسين

خلال كلمة ألقاها في حفل استقبال توفيق الحكيم عضوًا بمجمع اللغة العربية قال الأديب طه حسين لزميله: “أنت جواد وتزعم أنك بخيل، وأنت ماهر ومداور وتزعم أنك ساذج وصاحب جد، وكذلك صورت نفسك للناس بصورة ليس بينها وبين الحق من أمرك صلة”.

وفي نهاية الحفل أكد طه حسين أن توفيق الحكيم ليس ببخيل، ولكنه كان يريد أن يراه الجميع هكذا، واستدل على ذلك بدعوة “الحكيم” له في أكثر من مرة لتناول الغداء في مطعم بصحبة زوجته والأستاذ حسين فوزي، وذلك على نفقته الخاصة، لكن توفيق الحكيم تحدث إليه معاتبًا بعد انتهاء الحفل: “لماذا قلت إني لست بخيلاً؟ ستسلط الناس عليَّ وسيأتون يطلبون المزيد”.

شهادة أنيس منصور

كتب الكاتب الكبير أنيس منصور مقال صحفي بعنوان “كانوا بخلاء.. وكانوا ظرفاء أيضًا!”، وتحدث فيه عن بخل توفيق الحكيم، قائلًا: “سألت طه حسين إن كان الحكيم بخيلًا فعلًا؟ فقال لا.. ولكنه يُحب أن يتحدث عنه الناس”، لافتًا إلى أن “الحكيم” كان يحب أن يتحدث عن بخله أمام الناس، ويضرب في ذلك الأمثلة.

وأوضح أنيس منصور في مقاله أن توفيق الحكيم كان يقوم بوضع أمواله في حافظة النظارة، أو بداخل أصغر جيب في البنطلون، وتابع: “أقسم بعضهم أن الحكيم كان يضع الفلوس في جوربه”، موضحًا أنه كان ثريًا لديه الكثير من الأموال، وقد كانت والدته تُدير قطعة أرض زراعية توزع ربحها على الأبناء، وتبيع ثمارها وخصوصا مخلفات الحمام والدجاج.

إقرأ أيضًا…سر شنب ابنة شاه إيران.. وهل تقدم لها 2000 عريس حقًا ؟؟

إقرأ أيضا

ليلة وردة في جدة، فخامة الأسماء وحدها لا تكفي

وذكر منصور أنه ذات يوم أُقيم حفل بمناسبة عيد ميلاد ” توفيق الحكيم “، وبدلًا من التحدث عن رشاقة قصصه، وحبكة مسرحياته، أصبح الحديث عن بخله.

شهادة محمد حسنين هيكل

أما عن الكاتب الصحفي ” محمد حسنين هيكل ” فقد أدلى شهادته فيما يتعلق بهذا الأمر في حديث سابق له، قائلًا: “كنا نتناول طعام الغذاء معًا كل يوم، يدعوني مرة، وأدعوه مرة ليتوازن الحساب، وكان دائمًا دقيقا في دفع الحساب”، وتابع: “كانت له قواعد أثارت عجبي، حيث وضع قانونًا للحساب بيننا، فإذا كانت الدعوة عليه يشترط هو اختيار المطعم، وأنا اختار نوع الطعام، وإذا كانت عليَّ أختار أنا المطعم، ويختار هو لي نوع الطعام الذي أطلبه، وهكذا يضمن في كل الظروف أن يتحكم في الفاتورة”.