ثلاثون عاما فى صحبة بكاري
-
عبير إلهامي
رئيس تحرير سابق لجريدة الحسينية المحلية وخريجة صحافة الزقازيق ومعهد السينما وتكتب فى مجلة سينمائية فصلية اسمها scene
كاتب نجم جديد
يقول علماء النفس أن سحر الموسيقى على الذاكرة عجيب فهو قادر على إرجاعنا أطفالا فى لحظة إذا ماسمعنا مقطعا بعينه يكون مثل آلة الزمن بنا إلى الأجواء التى كنا نسمع فيها هذه الأغنية وحين عرفت تلك المعلومة استغللتها كثيرا فى حروبى القاهرية .. فكنت فى كل مأزق يتطلب منى بكاء .. أشعلت أغانى طفولتي من الرسوم المتحركة لتهدأ من روعى. . حين كنت أمتحن امتحانين متوالين فى المعهد والجامعة .. حين كنت أبكى على رصيف شقة صديقتى التى طردتنى وحيدة بجوار أشيائي. . حين كنت أنتظر فى البرد حتى ال12 ليلا حتى تنام زميلاتي فى بيت المغتربات كى لايتفنن فى مضايقتى .. حين ينصب على صاحب العمل ولايعطينى حقى ثم حين تضيع نقودى واضطر للذهاب للمنزل مشيا .. وحين أحاول الحديث لاهلى فيرفضون حتى أترك المعهد أولا .. حتى حين كنت مجبرة على مقابلة العرسان فى الصالون كى أرضيهم واقنعهم ان السينما لم تغيرنى او تحولنى كائن النطاط على معيشتى الشرقاوية .. كان فى خلفية كل هذه المشاهد البائسة أغنية طفولة وكان أقربهم لقلبى بكاااار .
كنا فى توقيت الإفطار مطلوب منى تحضير العصير فقط وكان التلفاز يذيع مسلسل بكار وقت الإفطار عقب الاذان مباشرة مع تلك الكلمات الخالدة التليفزيون المصرى يقدم مع حركتى بوضع شفشق العصير عالصينية ثم رائعة د.منى أبو النصر متزامنا مع صوت الكوبايات الفارغة المتراصة فى قعقعتى السريعة ويكمل التلفاز مسلسل بكاااار حينها أكون انا والعصير فى رجرجة سائله ولقلقة زجاجه نهرول فى الطريق لالحق بأول الأغنية .
وجاء الإخوان بمعاركهم السخيفة مع الفن ولم أصدق نفسى وأنا أحاول أن أشرح لهم أن أغنية مسلسل بكار كانت سببا فى انتماء جيل كامل لبلاده حتى صنع ثورة .. وأنها هى العقد المرمر الذى صنعه شباب الثورة لماذا ترميه أرضا الآن .. كنت أريد مواساة من غبائهم ومن تصديقنا وعودهم ورميت نفسى مجددا فى أحضان مسلسل بكار وانا أتخيل أن رشيدة هى الأصلح فى حكم مصر فهي تقول كلمة واحدة طوال الوقت غالبا ستكون شرعية شرعية وهي تقفز هاربة فى المواقف الخطرة وهى ذات اسم ملىء بالحكمة .. لماذا لانجرب ياترى الحكم الرشدوى على الأقل سيكون بكار هو مرشدها الأمين .. وهكذا تحولت أفكارى لمسرحية جاهزة لحكايات المسرح التجريبى.
وكبرت مجددا بوقاحة ولكن ليس بجسمى هذه المرة بل بعقلى ودرست السينما وجردت كل الأشياء من معانيها الرومانسية الحالمة وبدأت أرى بكار بمجرد نظرة فنية إحترافية .. شخصية كرتونية ناجحة نجحت لأنها تجانست مع المكان “النوبة” فاستخدمت مفرداته استخداما دراميا وهو التفاعلية مع الآثار وتصدت لقضايا قومية مثل سرقة الآثار والاسراف فى المياه .. الخ ولست أدرى هل هذه النظرة التي جعلتنى أرى بكارى وهم يكتبون له النص ويرسمون لمعة عيناه وضحكة قلبه اللى بتضوى الف نهار ستجعلنى أتعامل معه كشخصية فنية بلا روح دون صانعيها أم أن صديقى بكار سيظل دوما بجوارى فى كل ماعلمنى إياه طوال طفولتنا معا .
—
الكاتب
-
عبير إلهامي
رئيس تحرير سابق لجريدة الحسينية المحلية وخريجة صحافة الزقازيق ومعهد السينما وتكتب فى مجلة سينمائية فصلية اسمها scene
كاتب نجم جديد
جميل جداً ماشاء الله عليكي
أول مرة أقرألك مقال بس عجبني اوي الحقيقة
تسلم ايدك يا جميلة ^_^