ثواب لا يتناهى .. عن حكم صلاة التسابيح في المذاهب الأربعة

صلاة التسابيح واحدة من الصلوات التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم إنها مكفرة للذنوب مفرجة للكروب ميسرة لكل عسير يُقضى بها الحاجات ويؤمن بها الروعات ويستر بها العورات، وجاءت تسميتها بهذا الاسم نظرًا لكثرة التسبيح فيها أثناء الصلاة ، حيث يصل عدد التسبيحات بها 300 تسبيحة في أربع ركعات فقط، إلا أن هذه الصلاة كانت محل خلاف بين الفقهاء والمحدثين هل هي صحيحة أم من البدع ولا أصل لها في الإسلام .

حكم صلاة التسابيح عند أهل الفقه وما مدى صحة نسبها إلى النبي 

يرجع الخلاف بين الفقهاء حول صلاة التسابيح بسبب الخلاف في صحة الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن ماجة أبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس : يا عماه ألا أعطيك ؟ ألا أمنحك ؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده وصغيره وكبيره وسره وعلانيته ، عشر خصال ، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ، فإن فرغت من القرآن قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرًا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا فتقولها وأنت ساجد عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا ، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرًا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة ، تفعل ذلك في الأربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل ، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.

خلاف المحدثين 

هذا الحديث الوارد عن ” ابن عباس” اختلف فيه الحكم عليه المحدثين فمنهم من صححه وهم الجمهور ومنهم؛ الخطيب البغدادي، وأبو موسى  المديني، والسيوطي، وابن حجر العسقلاني ، والدارقطني ، والألباني ، أما من ضعفوا الحديث فمنهم ابن تيمة ، وابن الجوزي”.

ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في أجوبته الملحقة بالجزأ الثالث من كتاب مشكاة المصابيح للإمام التبريزي :”أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها “.

وقال الألباني أيضًا حول حديث صلاة التسابيح فقال:”  فإنه قد تبين بعد تتبع طرقه أنه ليس له إسناد ثابت، ولكنه صحيح بمجموع طرقه، وقد صححه – أو على الأقل حسنه – جمع من الحفاظ: كالآجري، وابن منده، والخطيب، وأبي بكر السمعاني، والمنذري، وابن الصلاح، والنووي، والسبكي، وغيرهم، ومنهم البيهقي، فقد ساقه في شعب الإيمان بإسناد ضعيف من حديث أبي رافع، ثم قال: وكان عبد الله بن المبارك يفعلها، وتداولها الصالحون بعضهم من بعض، وفيه تقوية للحديث المرفوع.

وقال الحاكم  في المستدرك: “ومما يستدل به على صحة هذا الحديث استعمال الأئمة من أتباع التابعين إلى عصرنا هذا إياه، ومواظبتهم عليه، وتعليمه للناس، ومنهم: عبد الله بن المبارك .. ولا يتهم عبد الله أن يعلم ما لم يصح عنده، ووافقه الذهبي، وقلت: ومن كلام هؤلاء الأئمة الأعلام في إثبات هذا الأصل العظيم – ألا وهو تقوية الحديث بالطرق والشواهد – وتطبيقهم إياه في النماذج المذكورة فهو أكبر دليل على جهل هؤلاء المضعفين لهذا الحديث ”  .

صلاة التسابيح ثواب لايتناهى

ذهب جمهور  الفقهاء بناءً على صحة الحديث إلى استحبابها، قال ابن عابدين: وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى، ومن ثم قال بعض المحققين : لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك انتهى”

وقال الصاوي في حاشيته : وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم، وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب”.

ومنه الفقهاء من شكك فيها كالحنابلة ، حيث ذهبوا إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال”، هذا عن حكم صلاة التسابيح عند أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة .

إقرأ أيضا

مجلة حرف ..جرأة في تناول الموضوعات وخطوة مهمة نحو صحافة جادة

كيف أصلى صلاة التسابيح 

وبحسب ما قاله المركز الإعلامي لدار الإفتاء المصرية فإن صلاة التسابيح تصلى أربع ركعات ، أي بتسليمة واحدة ، وليس بها تشهد أوسط ، بل كلها متصلة ببعضها ، وفيها يقرأ العبد سورة الفاتحة وأى سورة من آيات القرآن الكريم ، وبعد الانتهاء من القراءة ، يبدأ العبد بالتسبيح بسبحان الله والحمد لله ولااله الا الله ، والله اكبر ، خمس عشر مرة لكل واحدة وبعدها يركع المصلى وبعد التسبيح المعتاد يقول في ركوعه التسبيحات السابقة عشرة مرات .

يرفع المصلى رأسه من الركوع قائلًا ” سمع الله لمن حمده، وبعدها يقول التسبيحات السابقة عشرة مرات، وفى السجود تقال هذه التسبيحات بعد التسبيح المعتاد في كل سجدة وبين السجدين عشرة مرات، وبذلك يكون عدد التسبيحات فى كل ركعة 75 تسبيحة، ليصبح عدد التسبيحات في الاربع ركعات 300 تسبيحة .

وعن وقت تأدية صلاة التسابيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس رضى الله عنه إن استطعت ان تصلى صلاة التسابيح مرة كل يوم فافعل ، فإن لم تستطع ففى كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة ، فان لم تفعل ففى كل سنة مرة ، وإن لم تفعل ففى عمرك مرة ” ، ومن الممكن أن تصلى صلاة التسابيح في جماعة أو على انفراد .