جنود إبليس
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
في البدء كان خلق آدم وزوجه، الشهيرة بـ حواء.. ثم المشهد الكوني المؤسس للعالم “من رؤية الإسلام” بصدور الأمر الإلهي للملايكة إنهم يسجدوا لآدم، فسجدوا إلا إبليس آبى واستكبر. مشهد تم سرده في القرآن أكتر من مرة بصيغ متنوعة بس متقاربة جدًا.. زي:
رهان إبليس
رغم الاختلاف الطفيف في سرد المشهد تفضل الخلاصة واحدة، الإله “الله” خد قرار بخلق البشر في الأرض.. وبلغ الملايكة بقراره، فما كان منهم إلا الاستفسار ليه يتم خلق جنس هيفسد ويسفك الدماء؟ فكانت الإجابة الربانية بأن الخالق يعلم ما لا يعلمه الخلق. وبالفعل خلق الرب آدم من طين وأمر الملايكة يسجدوا له، فكل الملايكة نفذت إلا إبليس رفض، لإنه مخلوق من نار وهي عنصر أعلى من الطين، حسب الرؤية البدائية للعناصر الكون (النار، الهوا، الميه/الرطوبة، التراب).
موقف إبليس دخله في صدام مع الله، اللي لعنه وطرده من جنته جزاء تكبره وعصيانه، فما كان من إبليس إلا إنه ساق فيها ودخل معاه تحدي، زتونة التحدي إنه هيغوي آدم وسلالته ويضللهم عن عبادة خالقهم.. وبالمقابل طلب أن عمره يتمد ليوم الدين، فكان له ما أراد.. بس بالمقابل توعده الخالق بعذاب آبدي رهيب هو واللي هيسمعوا كلامه، وهتكون الجنة ونعيمها لكل آبناء آدم اللي هيطيعوا خالقهم ويعصوا أبليس.
صحيح أبليس كسب حياة شبه أبدية.. بالمقابل نال لعنة وعذاب أزليين حرفيًا، والأهم أن مهما بني آدم سمعوا كلامه وعصوا ربهم هيفضل باب التوبة مفتوح قصاد كل واحد منهم، ده غير أن السيئة بتتسجل سيئة أما الحسنة فبعشر أمثالها، يعني خسارة إبليس للرهان مضمونة خصوصًا لما نعرف كمان أن “كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا”.
جنود الرب
أستخدم الإله قدرته اللامحدودة في تعريف البشر بذاته وهدايتهم لعبادته، فبعت لهم أنبيا كتير “مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ” وكل رسول له معجزة “وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ”. ده غير عباد صالحين: “فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا”.. بيكون أحيانًا عندهم من العلم الإلهي أكتر من الرسل “قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا”.
أبعاد الصراع
مفهوم أن بناء عن التحدي ده البشر هيتقسموا لـ3 أجزاء رئيسية، مؤمنين “ماشيين في نور الله” وكفار “غواهم إبليس” وناس “بين البنين”، مفهوم كمان أن كل فريق من الأتنين هيحاول يكسب أعضاء من الفريق التالت.. بس الغريب أن الواقع بيقول عكس كده سيكة، معسكر إبليس مصعبين الخطيئة جدًا.. ومعظم المعاصي خطيرة أو غالية، تقريبًا مافيش طريقة مجانية وآمنة لإتباع إبليس إلا الأمتناع عن العبادات.. والشتيمة من بعيد.
ع الناحية التانية كل العبادات، عدا الحج والزكاة، متاحين مجانًا، والمعاصي تمنها غالي وليها عقوبات قاسية.. صحيح أغلبها ماعدش بيتنفذ بس الكبائر منها ينفع تزعل، عندنا مثلًا الزنا أه ماعدش فيه جلد بس بوليس الأداب والتشهير والرمي من البلكونات موجودين، صحيح كمان السجن حل محل قطع الأيد.. بس التلطيش لحد باب القسم لسه موجود..
جنود إبليس
لما نبص للحسبة من زاوية تانية هنلاقي أن المتشددين من أنصار الرب موقفهم مُربك، يعني مثلًا إذا واحد منهم دخل قتل مجموعة من العصاة وقت ارتكابهم المعصية.. في نادي قمار أو بار.. إلخ، فيبقى كده حسم أمر مجموعة من البشر كان وارد يتوبوا، ده غير أن ماحدش يعرف حسبة عداد الحسنات والسيئات مسجلة لكل شخص إيه.. خصوصًا أن الحسنات بتتضاعف والسيئات لأ، بالتالي كل قتيل في عملية من النوع ده بيتعد مكسب لإبليس.
الكلام ده ينطبق كمان ع العقوبات “غير المذكورة فـ القرآن” زي رجم الزناة وقتل المرتد ورمي المثليين من فوق الجبال وسحل الشيعة وتفجير البارات والكنايس وأتوبيسات السياحة وأقسام الشرطة ومواقع الجيش وضرب رسامين الكاريكاتير بالنار.. إلخ، لأن لو افترضنا أن كل دول ماشيين في رِكَاب إبليس.. فالمفترض أن الله فاتح لهم باب التوبة في أي وقت.
رأي السُنة
عارف أن فيه حديثين منسوبين للنبي بيقولوا أن الغالبية الكاسحة من البشر مصيرهم جهنم:
يقولُ اللهُ تعالَى: يا آدمُ!
فيَقولُ: لبَّيْكَ وسعديْكَ والخيرُ في يديْكَ
فيقولُ: أخْرِجْ بعْثَ النارِ
قال: وما بَعْثُ النارِ؟
قال: من كلِّ ألْفٍ تِسعُمائةٍ وتِسعةٌ وتِسعينَ (رواه أبو سعيد الخدري وصححه الألباني – درجته صحيح)
أَوَّلُ مَن يُدْعَى يَومَ القِيامَةِ آدَمُ، فَتَراءَى ذُرِّيَّتُهُ، فيُقالُ: هذا أبُوكُمْ آدَمُ،
فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ
فيَقولُ: أخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِن ذُرِّيَّتِكَ
فيَقولُ: يا رَبِّ، كَمْ أُخْرِجُ؟
فيَقولُ: أخْرِجْ مِن كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وتِسْعِينَ. (رواه أبو هريرة – ورد في صحيح البخاري – درجته صحيح)
بس في رأيي الكلام ده مش سليم، بمعنى أن ده كلام مايطلعش من النبي… لتلت أسباب:
- هل من المنطقي أو حتى من المتخيل أن الإله (العليم والرحيم) خلق كل الكون ده عشان يخلق فيه البشر.. وبعدين يبقى مصير الغالبية الكاسحة منهم هو العذاب الأبدي؟
- هل من المنطقي أو المقبول أو المتخيل أن مخلوق من مخلوقات الإله “وكمان ملعون” يتحداه ويكسب التحدي؟
- ده كلام من الأساس مش منطقي ويتنافى مع فكرة الدين، هل آدم مع نفسه كده هيطلع مين هيخش النار ولا اللي خلق آدم هو اللي هيحاسب كل بشري على أعماله؟
سؤال الحلقة
فيبقى السؤال: هي الناس دي بتحارب لصالح مين؟؟
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال