همتك نعدل الكفة
749   مشاهدة  

جيل اللعنة

جيل اللعنة
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



حين كنا في الكتاتيب صغارا كنت في كُتاب اسمه العلم والإيمان، على اسم برنامج مصطفى محمود.. اللي كان واخد اسم البرنامج من الشعار الخاص بالرئيس المؤمن أنور الساداتدولة العلم والإيمان“، البرنامج ده كان بداية معرفتي بالحياة الطبيعية، بس الحمد الله ماكنش لوحده، كمان كان فيه عالم البحار تقديم العالم الكبير د. حامد جوهر، وجولة الكاميرا للإعلامية الكبيرة هند أبو السعود، وعالم الحيوان تعليق الصوت الذي لا ينسى محمود سلطان. وقتها كان التلفزيون عبارة عن قناتين مافيش غيرهم.. وبيقفلوا الساعة 12م، وبياخدوا استراحة ساعة العصاري.

مع أول خطواتي في سلم التعليم اتفرجت على اغتيال الرئيس المؤمن في زيه العسكري على أيد مجموعة عساكر بيقولوا أنهم مؤمنين أكتر منه، خدنا أجازة أسبوع بحاله من الحضانة.. قضيناها كلها في البيت، فما اسعدنيش الحظ أني أمشي في الشارع طوال فترة حكم الرئيس الراحل صوفي أبو طالب. تابعت من التلفزيون أخبار أول أستفتاء رئاسي على الرئيس حسني مبارك.

شوفت مظاهرات “السُنية” وهتافهم “أفغانستان.. أفغانستان”، سمعت أساطير المجاهدين من أول العصافير اللي شغالة معاهم لحد الدبابة اللي بتولع من رشة تراب، عند سن 9 سنين كان أول حظر تجول أوعى عليه، ساعتها بابا أصر ننزل قبل الحظر بدقايق عشان أشوف الدبابات عند سنترال الأوبرا.. ولما ماما أعترضت ع التصرف العجيب ده، حسم النقاش بطيبة: “هافرجه ع الدبابات يا جليلة… هيشوف دبابة تاني فين يا ولية”.

YouTube player

بعد شهر ماكنش حد أعرفه فاكر الدبابات، كلنا متسمرين قصاد التلفزيونات بنتابع ماتشات المنتخب في كاس الأمم، توتري وقت البلنتات مع الكاميرون كان أعلى كتير منه وأنا قصاد الدبابات، فرحة جون طاهر أبو زيد في الزاكي نسيتنا الفرحة بنهاية حظر التجول، وكانت أكبر من الفرحة بـ مصطفى عبده وهو بيرفع الكاس.

صيف نفس السنة، 86، أتفرجت على أول ساحر حقيقي في حياتي، ساحر أرجنتيني عنده أتب في صدره ومربي عفاريت فِرجليه.. واسمه مرادونا، وقتها كان المونديال بيتلعب في المكسيك.. وبيتذاع عادي على التلفزيون، 7 ماتشات عمل فيهم كل حاجة ورجع الأرجنتين حاضن كاس العالم.

مرادونا جاب 5 تجوان في البطولة.. فيهم أتنين مستحيل حد ينساهم لإنهم جزء رئيس من أسطورته، الأتنين في نفس الماتش، التاني أثبت إنه حريف بشكل خرافي.. جري بالكورة من نُص الملعب وبقى يقابل ويقعد كل اللي ييجي في سكته لغاية ما حط الكورة في الجون، أما الأولاني أثبت إنه لص شعبي باقتدار.. لما نط وحط الكورة بأيده من فوق شيلتون حارس أنجلترا، عشان يبقى أول إنسان أشوفه يغفل العالم ويقعد على عرشه والناس تحبه وتحتفي بخداعه وتجاوزه للقانون.

جيل اللعنة

بعد سنتين كنت تلميذ في الشتا وصبي جزمجي في الصيف.. اتفرجت على منتخب هولندا بيكسب أمم أوروبا، استمتعت بأول مثلث رعب كروي في حياتي خولييت.. فان باستن.. ريكارد واحتفلت معاهم بانتصارهم على أول جون كيبر بيمشي ع الحيط، دساييف.. أو زي ما أطلق عليه فاكهة التعليق الكروي ميمي الشربيني لقب “أمبراطور التلت خشبات”.

رقصت على قنبلة حميد الشاعري وعلي حميدةلولاكي، عشت الفخر الجماعي بفوز نجيب محفوظ بجايزة نوبل، قبل ما خالي يوضح لماما قدامنا إنهم أدوا له الجايزة عشان كافر وبينشر الكفر في رواياته.

السنة اللي بعدها الناس كلها كانت ظايطة بجون حسام حسن في الجزاير وتأهلنا لكاس العالم لأول مرة من أيام الكورة المربعة، وماقدرش خالي المرة دي يتهم الجوهري بالكفر ولا بنشر أي حاجة، نفس السنة دي أتأهلت أنا كمان من الإبتدائي للإعدادي وبقيت باركب مواصلات لوحدي لأول مرة بشكل رسمي، لحقت أشرب سباتس وألعب السلم والتعبان وليدو واستغماية والسبع طوبات، عاصرت ظهور بنك الحظ والأتاري.. الحجاب وسلسلة محلات السلام شوبينج سنتر.

جيل اللعنة

في سنة واحدة شوفت العجب.. لقاء قمة بين جورباتشوف وجورج بوش، بعدها باسبوع افتتاح مونديال 90، اتفرجت على منتخبنا بيلعب في كاس العالم وعلى أسود الكاميرون بيفترسوا مرادونا ورفاقه، رقصت مع ملايين الأفارقة والمستضعفين مع كل جون جابه روجيه ميلا، شوفت عدالة السماء وهي بتنزل على ستاد باليرمو.. ورينيه هيجيتا وهو بيجري ورا الأسد العجوز “ميلا” اللي مكر له على واحدة… وطار بالكاميرون لدور الـ8؛ عشان يبقى أول منتخب أفريقي يوصل هناك، وشوفت أخر بطولة تتسجل باسم “ألمانيا الغربية“.

شوفت الكوكب بيتفك ويتركب.. دول بتختفي ودول تانية بتظهر، الاتحاد السوفيتي انتهى.. يوغسلافيا أتفكت وألمانيا أتوحدت.. وناميبيا استقلت عن جنوب أفريقيا.

تابعت خروج نيلسون مانديلا من السجن، ومارجريت تاتشر من حكم إنجلترا، نهاية حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران وبداية غزو الكويت، اتفرجت على هد سور برلين وأكتمال النفق تحت بحر المانش، اختفى من الأخبار اسم الخمير الحمر وبدء الكلام عن تحرير الكويت، الجيش السوري اجتاح لبنان.. ورفعت المحجوب اتضرب بالنار ع الكورنيش.

أخبار عاصفة الصحراء كانت حديث الشوارع والقهاوي والمواصلات، سواقين الميكروباصات والقهوجية والموظفين وكل فئات الشعب العاملة بقت تتكلم عن الصواريخ الباتريوت والسكوود، عيشت تضاعف أعداد الجزمجية.. مع رجوع المصريين من العراق، عاصرت تحول طريقة الأدخار في المناطق الشعبية من لبس الدهب لتوظيف الأموال عند الريان والسعد اللي إعلاناتهم انتشرت في كل مكان.. اتفرجت ع الشعراوي وهو بيفتتح مشاريعهم ومحلاتهم.. وكمان وهو بيحضر ويبارك قرارات ممثلات كتير بالاعتزال زي لعيبة الكورة.

جيل اللعنة

حضرت تغير بوصلة الجهاد من كابول لـ سراييفو، بس المرة دي كنت باتفرج في دروس الدين -بعد العصر- على مدابح الصرب ضد مسلمين البوسنة، وكنت باتبرعلهم وباسمع عن جواز اللاجئات البوسنيات من الإخوة اللي الأكبر مني في السن، عاصرت اختفاء مصطلح “المجاهدين الأفغان” وانتشارت أخبار قضية “العائدون من أفغانستان”، اختفت حركة إيتا الإنفصالية وظهرت مسميات زي طالبان والقاعدة.

عشت زلزال 92 بفزعه البيور من الجري ع السلالم لانتشار حالات ناس بتنام في الشارع من باب الاحتياط.. لغاية الاحتفال الشعبي بنجاة أكثم من تحت الأنقاض.

إقرأ أيضا
حياة ماعز

حضرت نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ورجوع سينا كاملة لينا.. وبعدين طلع لسه فيه طابا، تابعت صعود ونهاية جمهورية أمبابة، أكتشاف الإيدز وأكتشاف وتطور علاجاته، طرح فكرة الاتحاد الأوروبي وتنفيذها ومؤخرًا انسحاب أنجلترا منه.

اتفرجت على أول كاس عالم على قنوات إمراتية مشفرة وصولا للاحتكار القطري لكل حاجة ينفع تتلعب، استمتعت بثنائي حازم إمام وحسام حسن مع الجوهري في معجزة 98، عاصرت طفرة المنتخب مع حسن شحاتة والثلاثية التاريخية.. وفضيحة أم درمان.

حضرت ليلة سقوط بغداد وإعدام صدام وفشكلت العراق.. أحداث 11 سبتمبر وغزو أفغانستان، اتفرجت على لص بغداد وعلى ماتريكس 1 في السينما وقت عرض كل واحد فيهم في مصر.. وعيشت لحظات احتضار المسرح المصري.

نزلت مظاهرات المتظاهرين كلهم عارفين بعض وشاركت في أكبر حراك جماهيري في تاريخ البلد، 30 سنة حسسوني أن مبارك وحمة على قفا الحياة وعيشت 4 سنين فيهم 4 رؤساء غير بعض، شوفت العالم أثناء القذافي وبعده.. وأديني بتابع إعادة حرب اليمن.

YouTube player

عاصرت مختلف أنواع الكوارث طبيعية زلازل وبراكين وموجات تسونامي.. وصناعية من حوادث صغيرة وكبيرة تصادم عربيات وخطف طيارات لغاية انفجار تشيرنوبل، عديت من صفقات الفراخ الفاسدة ولبن الأطفال المُشع، عاصرت اختفاء الجُدري وشلل الأطفال وبداية العشوائيات، نهاية ألفية وبداية ألفية جديدة.. أجواء وباء عالمي وعودة ظاهرة القراصنة.. أحداث فلكية صعب تتكرر وتواريخ نادرة.

ويبدو كده أن مكتوبلي أعيش كمان في قلب حرب عالمية جديدة، مش عارف لو حصلت هتبقى تتويج لمعاناة جيل.. بعدها يعيش الناجين حياة طبيعية؟ ولا هتبقى نهاية مأساوية تليق بجيل ملعون؟ إنه زي ما لعب أول ألعاب الفيديو.. يلعب كمان ليفيل الوحش

الكاتب

  • جيل اللعنة رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
11
أحزنني
3
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
5


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)
  • أحزنني لأنه فرجني علي شريط حياتى اللي عشتها بكل التفاصيل دى .. الذكريات وجع . حتي الحلو منها بيوجع .
    لكن كل كتاباتك رائعة وصادقة وقريبه من القلب يا رامي .👏

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان