حادث 4 فبراير .. القصة الكاملة لواقعة غيرت تاريخ مصر في الأربعينيات
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مَثَّل حادث 4 فبراير 1942 م بلغة السينما (التحول الدرامي) للحقبة الملكية زمن الملك فاروق الأول لأنه كان الخط الفاصل بين فترة وأخرى بأوضاع مختلفة.
اقرأ أيضًا
كيد نسوان.. سر الوقيعة بين البشوات مصطفى النحاس ومكرم عبيد
حوصر قصر عابدين وأرغم الملك فاروق على قبول محمد مصطفى النحاس باشا رئيسًا للوزراء، فكان هذا الحادث كما يصفه محمد فرغلي باشا ملك القطن سببًا في تغييرات عميقة في التربة السياسية المصرية، إذ تغير وضع الملك بعد هذا الحادث، كما تغير وضع حزب الوفد وتغير موقف الناس منه، وظهرت الأحجام الحقيقية لقوى التأثير في توجيه السياسية المصرية، كما ظهرت نتيجة لهذا الحادث قوى سياسية أخرى مثل قوى اليسار والإخوان، أما الجيش المصري فربما كان أكثر المؤسسات التي أثر فيها هذا الحادث.
ما الذي جرى في حادث 4 فبراير
ذهب السفير الإنجليزي مايلز لامبسون لمقابلة حسنين باشا رئيس الديوان الملكي ويسلمه إنذارًا صريحًا هذه المرة مضمونه إنه على الملك أن يكلف النحاس باشا بتأليف الوزارة قبل السادسة من بعد ظهر اليوم وعليه أن يتحمل ما قد ينجم عن تأخيره، واستدعى الملك كبار الساسة ليحيطهم علما بمضمون التهديد البريطاني، ويترك لهم التصرف، ووصل هذا الاجتماع إلى رفض الإنذار البريطاني.
حمل رئيس الديوان رد المجتمعين إلى السفير البريطاني مايلز لامبسون وكان مضمون الرد أنهم يرون أن الإنذار البريطاني تدخل في شئون مصر الداخلية، وإخلال بالمعاهدة المصرية البريطانية، لذا فإن الملك لا يمكنه هو الآخر إلا أن يشارك هؤلاء الزعماء الرأي.
بحسب محمد فرغلي باشا فقد اتصل السفير الإنجليزي بأمين عثمان وسأله، هل أنت متأكد أن النحاس باشا سوف يقبل تشكيل الوزارة لو وصل الأمر إلى عزل الملك، أو إجباره على التنازل فرد عليه أمين عثمان مؤكدًا بأن ما يعرفه أن النحاس باشا سوف يقبل ذلك، وأنه يرى في ذلك خدمة لمصلحة البلاد.
وفى الساعة التاسعة مساء، وبينما الظلام يسدل ستائره على شوارع القاهرة تتقدم المدرعات البريطانية، وتحاصر قصر عابدين، وتفتح باب القصر عنوة ليدخل السفير مع قائد القوات البريطانية في مصر الجنرال ستون وتحميهم من الخلف قوة من الجنود المسلحين الذين قاموا بتنحية حرس القصر، وسحب أسلحتهم وعندما حاول كبير الأمناء الاستفسار من السفير عن سبب ما يحدث، أزاحه من طريقه ليسود الذعر كل موظفي القصر.
حكى السفير البريطاني بعد ذلك لأمين عثمان كيف ظهر الملك الشاب أو الصبي- كما كان يسميه السفير- في حضور رئيس ديوانه مرتبكًا، وقد أذهلته المفاجأة ، حاول الملك أن يجادل ، لكن السفير حسم الأمر، وقدم إليه خطاب التنازل عن العرش حيث قال الملك باسما: هل هذه ورقة تليق بتنازل ملك عن العرش.
وتحادث حسنين باشا مع الملك باللغة العربية بعدها نظر الملك بتردد على السفير، وقال له : أليس من الممكن إتاحة فرصة أخرى لإصلاح الأمور، ففكر السفير للحظة ووجه إليه سؤالا حاسما، أأنت مستعد لتكليف النحاس باشا بتأليف وزارة وفدية؟ وأقسم الملك أنه سيفعل ذلك على الفور، وإن شاء في حضوره ، لكن السفير اكتفى بذلك وانصرف.
استدعى الملك زعماء البلاد للمرة الثالثة خلال ثلاثة أيام، وأبلغهم بما حدث وقال لهم إنه يكلف النحاس باشا أمامهم بتأليف الوزارة، وأجاب محمد فرغلي عن السؤال التقليدي لماذا استدعى الملك الزعماء هذه المرة؟ ألم يكن كافيا أن يستدعى النحاس باشا وحده ويكلفه؟، قال فرغلي “في ظني أن أحمد حسنين باشا حاول أن يلعب بالورقة الأخيرة؟ حينما يبلغ النحاس باشا بالتكليف أمام زعماء البلاد، وبالتهديد البريطاني، كما حرص أن يرى هؤلاء الزعماء بعيونهم المدرعات البريطانية.
لماذا قبل النحاس باشا بهذه الوزارة ؟
فسر النحاس باشا قبوله لوزارة فبراير 1942 في خطابه يوم 13 فبراير سنة 1945 وفي أثناء رئاسة المرحوم النقراشي باشا للوزارة وقال: “إنه ضحى يوم 4 فبراير بقبوله رئاسة الوزارة بعد الإنذار البريطاني وأنه قدم التضحية راضيا ليجنب البلاد هزة كبرى يعزل الملك فاروق”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال