حضارة المايا .. تاريخ عظيم وحضارة رائعة انتهت بالجفاف
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تُعد حضارة المايا التي سكنت جزء كبير من وسط أمريكا واحدة من أعظم الحضارات في العالم القديم، وكان شعب المايا متقدم بدرجة كبيرة للغاية، وأصبحوا مطمع للغزاة والمعتدين، وعلى رأسهم الغزاة الأسبان الذين قرروا في عام 1517م، أن يبحروا إلى أمريكا الوسطى وكان هدفهم وقتها هو هزيمة شعب المايا، ولكن عندما وصلوا إلى هناك وجدوا أن هدفهم قد أُنجِز بالفعل، ولا أحد حتى الآن يعلم حقيقة انهيار حضارة المايا، ولكنها كلها فرضيات تور حولها.
حضارة المايا
تأسست حضارة المايا خلال فترة ما قبل الكلاسيكية حوالي 2000ق.م إلى 250م، ووصلت المايا إلى أعلى مستوى لها من التطور خلال الفترة الكلاسيكية تقريبًا من عام 250م حتى عام 900م، وقد كان شعب المايا مُتقدم فكريًا بدرجة كبيرة، وكان لديهم فهم قوي في الرياضيات، وعلم الفلك، الذي استخدموه في بناء معابدهم وأهراماتهم تبعًا لحركات الكواكب والإعتدالات والانقلابات الشمسية، كما أنهم مُميزون في الفن والعمارة، فقد أثبتوا عن طريق آثارهم أنهم حِرفيون مُتميزون، وقد كشف علماء الآثار عن آلاف المدن القديمة للمايا، ومازال هناك العديد من أطلال المايا تقبع مُختفية في أدغال الغابات الاستوائية الكثيفة في المنطقة، واستمر التطور والتقدم العظيم خلال ما بعد الكلاسيكية حتى وصل الأسبان.
البحث عن حضارة المايا
يُعتبر البحث في حضارة المايا أمرًا صعبًا على علماء الآثار والباحثين، إذ أنه ليس هناك تقريبًا أية سجلات مكتوبة للمايا، على الرغم من أنها كانت تُقدر بالآلاف، ولكن تم حرقها بأمر من القساوسة الكاثوليك، عندما جاء المستعمرون الأسبان لأمريكا الوسطى، فلم يبقى منها غير 4 سجلات، ولهذا يعتمد العلماء في البحث على النقوش والتقويمات الموجودة على النصب الحجرية، ويحددون التواريخ بُناءًا على نتائج تحليلات الكربون المشع.
كيف سقطت حضارة المايا ؟
بعد قرون وسنوات طويلة من الازدهار والتقدم الهائل، بدأت حضارة المايا في الخفوت مع بدايات القرن 850م، وذلك بعد أن تخلى شعبها عن مدنهم الكبرى شيئًا فشئيًا، وتراجعت حضارتهم ومجدهم الكبير، وهناك عدة نظريات حول السبب الذي أدى إلى انهيار حضارة المايا: مثل الغزو، الحرب الأهلية، انهيار طرق التجارة، ولكن كانت هناك نظرية واحدة هي الأكثر شيوعًا بين المفكرين والعلماء، وهي مرور حضارة المايا بفترة جفاف كبيرة قضت على مجدها نهائيًا، حيث أظهرت سجلات المناخ أن منطقة المايا تلقت كمية من الأمطار مرتفعة نسبيًا، وأظهرت نفس السجلات أن من بداية العام 280م، تعرضت أرض المايا للجفاف، وأن هذا الجفاف ربما استمر لعقود.
اقرأ أيضًا
المملكة الزرقاء .. الفونج حضارة سودانية صنعت تاريخا لا ينسى
ومنذ تحديد فترة الجفاف التي ضربت أرض المايا، لاحظ الباحثون وجود علاقة بين توقيت حدوث الجفاف وانهيار حضارة المايا، حيث أن معظم مدن المايا وقعت ما بين العامي 850 – 925 م، وهذا يتزامن بشكل كبير مع عقود الجفاف، ولكن اتضح أن معظم المدن التي سقطت خلال فترة الجفاف، كانت تقع في الجزء الجنوبي فقط، بينما الجزء الشمالي من مدن المايا لم يتعرض للجفاف، وحينما بدأت مدن الجنوب في التفكك، كانت المدن الشمالية في حالة ازدهار ورخاء نسبي، وهذا الأمر هو ما أربك العلماء مرة أخرى، ومع بذل الكثير من الجهد وعمل أبحاث أكثر وجدوا أن الشمال تعرض أيضًا لموجة الجفاف في القرن التاسع الميلادي، ولكن لم يتأثر كثيرًا مثلما حدث في الجنوب، ظهر أن الشمال من أراضي المايا شهد تراجع بنسبة 70% في البناء والعمارة، ويرجح أن هذا الانهيار في النشاط الإبداعي كان نتيجة الانهيار في المستوى السياسي والاقتصادي، وأن ذلك حدث في النص الثاني من القرن التاسع الميلادي.
سكان المايا
أما عن سكان المايا، فقد تركوا مدنهم في حوالي 1050 م، وتخلوا عن حضارتهم، هربًا من الجوع بعدما انتهت تقريبًا زراعة المحاصيل في القرن الـ 11 الميلادي، وشقوا طريقهم نحو الساحل الكاريبي، وغيره من مصادر المياه للوصول لأماكن المأكولات البحرية، أو الأراضي الرطبة التي تمكنهم من الزراعة؛ وأيًا كان السبب في انهيار تلك الحضارة، فالمؤكد أنها كانت خسارة فادحة وكبيرة وانتهاء لعصر ذهبي في حياة أمريكا.
اقرأ أيضًا
ما خبأته خزنة الأنباط في بترا “ثلاثية السياسة و الحرب مع إنديانا جونز”
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال