همتك نعدل الكفة
530   مشاهدة  

حقوق المواطنة في دولة الإسلام

المسلمين
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



تقول الأسطورة أن الإسلام دين و”دولة”، ويتوهم ملايين المسلمين أن الرسالة الدينية تحتوي على نظام سياسي متكامل.. وطبعًا صالح لكل زمان ومكان، بوصفه جزء من العقيدة نفسها، وأساطين الدين والمستفيدين من تجارة التدين بيثبتوا الأوهام دي في دماغ البسطاء. فبقى عندنا أجيال أتربت على أن أيام الاحتلال العربي لمصر هي أيام العزة والكرامة، وبقوا يعتبروا نفسهم أحفاد الغزاة العرب مش المصريين أصحاب الأرض.

كمان تم إيهام الناس.. عبر تزوير وتدليس متعمد للتاريخ، أن الحقبة دي هي أزهى عصور العدل والرحمة، وأننا لن نتقدم حضاريًا إلا باستنساخ تلك الأيام الخوالي، فصدق المؤمنين الشيوخ بدون ما ينتبهوا أن تلك الأيام تنتمي لمنتصف الألفية الأولى، وأن قواعد وقوانين ذاك العصر لا تصلح أبدًا دلوقتي.

الاقتصاد

يعني مثلا وقتها كان جزء كبير من دخل دولة الخلافة قايم على مكتسبات الغزو من غنايم الحرب وبعدها الخراج والجزية المفروضة على سكان الأراضي والبلاد المستولى عليها، وده باب أتقفل من زمان، كمان كانت الدولة بتفرض رسوم مرور على القوافل التجارية بين أوروبا والشرق الأقصى، وبرضه الباب ده أتقفل بعد ما حصل توسع كبير في التجارة عبر البحرية والجوية وبقى التجار مش مضطرين يحملوا بضايعهم على دواب لازم تعدي من جوه أراضي معينة اللي يسيطر عليها يقدر يفرض رسوم مرور على أي تجارة عايزة تعدي (طريق الحرير نموذجًا).

المسلمين

نسيبنا من الاقتصاد ونفتح ملف الاجتماع، وناخد فكرة سريعة عن أحوال الناس في دولة الخلافة، وهل قواعدها تضمن للإنسان حاليًا الحياة الكريمة المفترض توفرها له “حقوق المواطنة“؟، وعشان يكون المثال قريب.. هنختار مصر كمثال.. ونشوف الأوضاع كان شكلها إيه وقت حكم الدولة الإسلامية.

أعدل أهل الأرض

لما استولى جيش العرب على مصر من قبضة جيش الرومان، بقيادة الصحابي عمرو بن العاص وفي عهد خلافة الفاروق عُمر بن الخطاب، كان الخليفة الثاني للنبي حط ميثاق لتنظيم حياة المسيحيين في البلاد اللي تستولى عليها الجيوش العربية من نظيرتها الرومانية، وتم تسمية الميثاق ده باسم “العُهدة العمرية“، وهو نص “كالعادة” مختلف عليه وله أكتر من صيغة، وهنا هاخد النص الوارد عند ابن القيم الجوزية بوصفه الأكتر شهرة، واللي بيعتمد عليه أغلب الإسلامجية المنادين بعودة الخلافة.

بكده نتعرف سوا على تصور الناس دي عن حقوق المواطنة في “دولة الخلافة”، في أوج ورعها وعدلها.. على أيد الفاروق عمر. الأوضاع اللي كانت سايدة فعليًا لغاية ما تم الضغط على الخليفة العثماني عبد المجيد الأول من قبل فرنسا وأنجلترا، حلفاءه ضد الأمبراطورية الروسية، فأصدر قانون اسمه الخط الهمايوني، أتكلمت عنه بالتفصيل في موضوع سابق.

تعالوا نقسم بنود المعاهدة عشان نعرف نتعامل معاها، قسم لتنظيم الحياة الاجتماعية وقسم لتنظيم الحياة الدينية وأخير قسم خاص بالتمييز العنصري، ونشوف سوا العدل العُمري، كنموذج لدولة الإسلام، اللي المشايخ بمختلف تصنيفاتهم بيسوقوه بوصفه أعلى درجات العدالة ع الأرض.

المسلمين
قصص المسلمين

الحقوق الدينية

  • ممنوع على المصريين المسيحيين بناء كنايس أو أديرة جديدة، ولا ترميم القديم لما يحتاج، باختصار ترك إنقراض دور العبادة المسيحية للزمن.
  • على المسيحيين إخفاء دينهم وعدم ممارسة شعائره أو رفع أي إشارة علانية له.
  • أجراس الكنائس تدق بصوت واطي.
  • ممنوع الاحتفال العلني بالأعياد أو رفع الصوت عند المصيبة “الميت”.
  • إذا دخل مسلم كنيسة (مش عارف ليه؟) وتصادف إنه وقت صلاة مسيحية.. فيصلوا بصوت واطي.

الحقوق المدنية والاقتصادية

  • من حق أي مسلم أنه ينزل ضيف على أي كنيسة؛ وعلى الكنيسة واجب ضيافته 3 ليالي.

وده مش بس ضغط اقتصادي متمثل في واجب الضيافة، إنما كمان ضغط ديني.. نظرًا لضرورة خفض صوت الصلاة أثناء تواجده.

  • منع تداول الخمور في كل أرجاء البلاد.

ما يمثل ضربة اقتصادية لأصحاب التجارة دي، ده غير إنه فرض لتشريع يخص المسلمين فقط على كل المصريين حتى غير المؤمنين بالإسلام، وهم بالطبع الأغلبية الكاسحة وقتها.

  • أي مسيحي مُلزم يوقر أي مسلم، مهما ارتفع شأن المسيحي أو تدنى شأن المسلم، على كل المستويات العلمية والاجتماعية والأدبية والمادية.

وعشان ماحدش يظن أن التوقير هنا شئ صحي أو متبادل.. إنما المقصود هو الحط من شأن المصري المسيحي “صاحب الأرض” في مواجهة الغازي العربي المسلم أو اللي يتبعه، فنفس البند اشترط “أن المسيحي يسيب مكان جلوسه للمسلم.. إذا طلب منه المسلم ذلك”.

  • ممنوع المصريين المسيحيين يسموا عيالهم أسماء بيستخدمها المسلمين، ولا حتى يستخدموها كألقاب.

(نفهم من هنا أزاي بدأت الأسماء المصرية زي “مينا” و”رمسيس” تتحول إلى حِكر ع المسيحيين)

  • ممنوع المصري المسيحي يركب حصان أو يشيل سيف.

ما لا يوجد له معنى سوا أن كل مصري تمسك بالمسيحية ورفض الإسلام عوقب بأنه يعيش في بلده بوصفه مواطن درجة عاشرة، وعشان يسترد أبسط حقوقه كإنسان مافيش قصاده غير أنه يعلن إسلامه، فكان طبيعي تحصل ثورات شعبية ضد الإجراءات دي ثورة البشموريين اللي ماحدش من المشايخ بيجيب سيرتها.. ولا ليها وجود في مناهجنا الدراسية احترامًا لأكاذيب المشايخ.

المسلمين

إقرأ أيضا
الدحيح

التمييز بين المسلمين وغيرهم

هنا بقى حدث ولا حرج، المعاهدة العُمرية أجبرت المصريين المسيحيين على:

  • دفن موتاهم بعيد عن موتى العرب أو من دخل دينهم.
  • لبس هدوم تميزهم عن العرب ومن والاهم.
  • قص شعرهم من قدام بشكل موحد.

تخيل أن تُجبَر على قص شعرك بطريقة مسخرة لأنك رافض أن تعتنق دين ما. وناخد بالنا أن الكلام ده المفترض إنه في عهد الخلافة الراشدة، يعني لا لحق يبقى فيه حروب صليبية ولا مسلمين في الأندلس ولا أي حكاية نتشعبط فيها.. ونقول أن الكلام ده رد فعل عليها، وأساسًا المصريين ماكنوش طرف في أي صراع ليهم قرون.. ده إحنا حتى المسيحيين بتوعنا كانوا مضطهدين من الكنيسة الرومانية، بسبب خلاف بين الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية حول طبيعة المسيح.

YouTube player

وفي نهاية المعاهدة شرط على المصريين أنهم مايمنعوش حد منهم عايز يدخل في الإسلام، اللي زي ما شوفنا بقى الحل الوحيد لتفادي سيل من التمييز والتحقير والإذلال.

ختامًا

مهم جدًا ناخد بالنا أن وقت غزو العرب لبلدنا ماكنش كل أجدادنا مؤمنين بالمسيحية، ورغم كده المعاهدة ماجبتش سيرة حد إلا المسيحيين.. بدون أي إشارة لأصحاب الديانة المصرية، فإذا كانت دي وضعية أصحاب ديانة معترف بها إسلاميًا، فما بال أصحاب ديانة غير معترف بيها.. ولم يتم ذكرهم في المعاهدة، ديانة تبدو في نظر هؤلاء الغزاة أشبه بعبادة الأوثان اللي همه لسه مبطلينها قريب.

الكاتب

  • المسلمين رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
2
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان