همتك نعدل الكفة
941   مشاهدة  

حكاية آية (6).. إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا

لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
  • روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد



لم يتوقف النبي وأتباعه، وإن كانوا قلائل، عن ممارسة الدعوة في مكة، واستقبال الحجاج وعرض عليهم مبادئ الدين الجديد.. وكان من ضمن الوافدين على مكة وفد من الخزرج، في حدود الست رجال، فشرح النبي دعوته، فتقبلوا الدعوة بترحاب وإيمان، وعندما عادوا إلى يثرب – المدينة المنورة فيما بعد- نشروا دعوة الدين الجديد على عشيرتهم، فتهافت أهل يثرب لإعتناق الدين الإسلامي.

بعدها جاءت مبايعة العقبة الأولى حيث جاء أثنا عشر رجلاً من الأنصار، وبايعوا النبي على ألَّا يشركوا بالله شيئاً، وألا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، وأن يطيعوه في المعروف..

بعد المبايعة أرسل معهم النبي الصحابي مصعب بن عمير كي يعلمهم القرآن وأساسيات الدين الصحيح..

وغاب الوفد لعام، ثم الوفد مرة أخرى في موسم الحج التالي. ولكن، هذه المرة ارتفع العدد إلى ثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتان، جاءوا لمبايعة جديدة سُميت بـ “مبايعة العقبة الثانية“. فاستقبلهم النبي قائلاً: “تُبايعوني على السَّمع والطاعة في النَّشاط والكسل، وعلى النَّفقة في العسرِ واليسر، وعلى الأمرِ بالمعروف، والنَّهي عن المُنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكُم فيه لومةُ لائِمٍ، وعلى أن تنصروني إذا قَدمتُ يثرِب، فتمنعوني ممَّا تمنعون منه أنفُسكُم وأزواجكُم وأبناءكُم ولكم الجنَّة”. وقد كان.

في تلك الأثناء لم تقف قريش عاجزة أمام النبي محمد وأتباعه، فصبوا غضبهم على العبيد والفقراء كـ بلال بن رباح الذي نال من العذاب الكثير، وآل ياسر تلك الأسرة التي استشهدت ومُثلت بجثثهم أمام الناس..

ولم تكتفِ قريش بذلك بل حاصرت النبي محمد وأتباعه ومنعوا عنهم الأكل والشرب، وتربصوا بهم في كل صوب.. وبذلك جاء الأمر بالهجرة إلى يثرب.. والهجرة في حد ذاتها متعارف عليها بين الأنبياء، فـ معظم الأنبياء كـ موسي، عيسي، يوسف.. إلخ… تلك الهجرة التي دائماً ما تكون فارقة ليس فقط في الرسالة إنما في تاريخ البشرية.. لعل ذلك ما جعل من عام الهجرة، عام جديد لتاريخ جديد.. ولكن، قبل الهجرة كان الاتفاق بين زعماء قريش بدار الندوة حيث اتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة فتي، ويضربون النبي محمد ضربة واحدة فتتفرق دمائه بين القبائل..

وقتها بدأ الصحابة في الهجرة بالفعل في مجموعات صغيرة حتي لا تلفت نظر رجال قريش، وكان أبي بكر كثيراً ما يطلب الإذن من النبي كي يُهاجر بدوره وإذ بالرسول يردد عليه دوماً: “لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحباً”.

في تلك علم النبي وأتباعه بشأن المكيدة التي يدبرها رجال قريش.. وكان عليهم التدبر والتخطيط، وكانت الخطة كالتالي: أن ينام علي بن أبي طالب في فراش النبي، والنبي وصاحبه سيتسربان في ظلمة الليل.

ونام علي نوماً هنيئاً – على حد وصفه – بفراش النبي دون خوف أو ترقب أو حتي قلق.. وهو ما دفع البعش من الشيعة أن تقارن بين موقف علي وموقف أبي بكر.. حيث أن علي نام مطمئناً على فراش الموت بينما أبو بكر كان حزيناً أثناء رحلته من الرسول.

ولكن، وبحسب ما تم روايته، فالحزن هنا لم يكن منبعه الخوف على الذات وإنما الخوف على الصديق وما جري له، وعلى دعوة لا تزال في مهدها.. فـ أبي بكر أول رجل من الأحرار يُشهر إسلامه، وهو الذي عاني من التنكيل به على يد عتبة بن ربيعة.. وهو الذي اختاره الرحمن ليكون عوناً لصاحبه..

حول تلك الليلة تقول عائشة: “«كان لا يخطئ رسولُ الله  أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله  في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، فلما رآه أبو بكر قال: “ما جاء رسولُ الله  في هذه الساعة إلا لأمر حدث”.

فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله، وليس عند رسول الله أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله: “أخرج عني مَن عندك”.

قال: “يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟”.

قال: “إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة”.

فقال أبو بكر: “الصحبة يا رسول الله؟”.

قال: “الصحبة”.

إقرأ أيضا
القطب الجنوبي

قالت: “فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي”.

في الطريق إلى يثرب كان أبي بكر يمشي أمام الرسول مرة، وخلفة مرة أخرى، وحين تعجب النبي من فعلته قال: “أخاف أن تُهاجم من الخلف فأمشي خلفك. ثم أتذكر أن يصيبك سهم من الأمام فأعود لأمشي أمامك..

حكاية آية

أما بداخل غار حراء، وهو الغار الذي اختبأ فيه النبي وصاحبه، تنزلت السكينة (فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ)..

تلك الجنود التي ساندت النبي وصاحبه في رحلتهما، وبحسب رأي مجاهد والكلبي هي الملائكة التي حاربت إلى صف النبي في غزوة بدر الكبري.. ولكن، تلك أيضاً حكاية جديدة..  

الكاتب

  • حكاية آية عمرو عاشور

    روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان