حكاية الحاخام اليهودي عضو مجمع اللغة العربية “حاييم نحوم”
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
قبل الحديث عن الحاخام اليهودي “حاييم نحوم” اعترف أنني طالما تمنيت أن أعيش في مصر عندما كان كل المصريين سواسية مها اختلفت ديانتهم، وكوني “شبراوية” كانت جدتي تحكي لنا عن جيرانها وهي صغيرة وأنها كانت تذهب معهم لزيارة المعبد اليهودي الموجود في منطقة حدائق القبة، فهذه مصر التي عشقتها من أفلام الأبيض والأسود، وللأسف عندما نتحدث عن اليهود المصريين وأهميتهم في المجتمع المصري دائماً تذكر أسماء اليهود الذين كانت لهم بصمة في الاقتصاد المصري مثل “شيكورل وعدس” ولكننا هنا نتحدث عن الحاخام اليهودي المصري “حاييم نحوم” الذي لم يولد في مصر ولكنه فضلها عن أي دولة أخرى.
حيث ولد “حاييم نحوم في تركيا عام 1873 ودرس الحقوق في جامعة تركيا، ولكن مع بداية القرن العشرين جاء إلى مصر وعاش هنا وتم تعيينه بأمر ملكي في منصب الحاخام الأكبر لليهود المصريين في عام 1925، وفي عام 1929 حصل على الجنسية المصرية، وأشتهر في الأوساط المجتمعية المختلفة بحبه الشديد لمصر وعلمه الكبير باللغة العربية، ولكن التغيير الحقيقي في حياة “حاييم نحوم” كان في عام 1932 عندما أصبح عضوا رسميا في مجمع اللغة العربية – وهو أول وبالتأكيد آخر اليهود المصريين الذين تولوا هذا المنصب – وكان يتمتع باحترام كبير من زملائه في المجمع الذين كانوا يقدرون علمه الكبير.
وكان للحاخام “حاييم نحوم” مواقف سياسية تثبت مدى انتمائه لمصر، حيث إنه كان من أشد المعارضين لقيام دولة إسرائيل عام 1948، كما أنه انتقد بشدة اليهود المصريين الذين هاجروا إلى إسرائيل ووصفهم بالخونة، وكذلك كان من أشد المعارضين لتحدث عن إسرائيل وكأنها الممثل لليهود حول العالم وبالتحديد المصريين، كما أنه اتخذ موقفا وطنيا خلال العدوان الثلاثي على مصر وأكد أن اليهود المصريين هم جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري، وكذلك كان من أشد المؤيدين إلى ثورة 1952 وله صور برفقة الرئيس محمد نجيب بعد تولي الأخير حكم مصر.
وبعد رحلة من العطاء والوطنية توفي الحاخام “حاييم نحوم” في عام 1960 عن عمر 87 عاما، وأقيم له حفل تأبين في مقر مجمع اللغة العربية حضره عدد كبير من الأدباء المصريين، وألقى الأديب الكبير عباس محمود العباس كلمة عنه نشرتها في ذلك الوقت الصحف المصرية، حيث قال: “كان قدوة في أدب الزمالة وحق العلم وديدن المثابرة، ولم ينقطع عن المشاركة في الجلسات وهو قادر على مبارحة داره وأداء عمله وقد كان مجبولاً منذ نعومة أظفاره على حب المعرفة والعلم والاطلاع”
والحقيقة أن قصص اليهود المصريين مليئة بالحكايات الوطنية لأشخاص استطاعوا أن يكتبوا أسماءهم بحروف من نور في التاريخ المصري مثلهم مثل الشخصيات الوطنية المصرية بمختلف ديانتها.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال