حنين حسام .. حكاية جيل لا نعرف عنه الكثير
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“كنتوا فين واحنا شايلين التيك توك على كتافنا” ؟ .. كلمات سمعتها أثناء التقليب في دوامة الفيس بوك ، نظرت داخل نفسي بتأنيب ضمير وقولت : صحيح .. كنت فين أيها المستهتر، وهذه الفتاة وغيرها من الفتيات والصبية من المراهقين يحملون هموم التيك توك وأنت نائم على سريرك تتابع أخبار انهيار العالم ؟ ! كنت فين أيها الخائب وهؤلاء لا ينامون الليل من أجل رفعة وعظمة التيك توك ؟ .. أين كنت أيها المواطن وقادة التيك توك يرتبون لك ما أفسدته من حياتك ؟
ظننت أن حكاية هذه الفتاة مجرد تريند سيأخذ وقته وسيمر مرور الكرام كما عوّدتنا السوشيال ميديا، لكن الموضوع فجأة أتخذ منحنًا تصاعدي على غير العادة .. تجد رجلين قد ابيض شعر رأسهما منهمكين في الحديث عن حنين حسام في المواصلات ، الصيدلاني واثنين من الزبائن يتحدثون عنها ، جميع وعظة السوشيال ميديا عمومًا استهلكوا اسمها كمادة للسخرية .. تسأل نفسك .. هل أنت العبيط الوحيد في هذا العالم الذي لم تهتم لأمر هذه الفتاة؟ أم أن الجميع يعيش حالة ذهنية شديدة الفراغ لدرجة أن أمر هذه الفتاة يطغى على التفكير في الجائحة التي تهدد النسل البشري كله .. وهل حقًا كل الناس يتفهون مما تفعل حنين حسام ؟ أم أن هناك البعض من يصدق حقًا أن هذا موضوع يستحق النقاش وأن ردع هذه الفتاة انتصارًا للأخلاق ؟
استوقف فتاتين من سن حنين حسام لأعرف بالضبط ما هي الضوابط التي يجب أن ألتزم بها لأكون فردًا من أفراد القضية التي شغلت الرأي العام في الفترة الأخيرة ، كل الكلام كان بسخرية حتى لاحظت أن الفتاتين المراهقتين يدافعان عن الموضوع بشراسة وكأنه قصة حياة أو موت بالنسبة لهم ؟ ، كررت عليهم الأسئلة فأجابوني بنفس الاندفاع وكأنك ذكرت الدكتور أحمد خالد توفيق أمام أحد أشخاص جيل الثمانينات ، فقولت في نفسي : يا نهار أسود! ماذا يوجد في رأس هؤلاء ؟
استمررت بمتابعة خطوات تحرك جيل 2000 وانت طالع، كي أحاول اجيب عن السؤال: ما الذي يعبأه رأس هذه الفئة من الشباب؟ .. نعرف جميعًا رموز جيل الستينات من فنانين لمطربين لقادة رأي وفكر لصحفيين ، كذا نعرف جيل الثمانينات ، وبالكاد نعرف جيل رمزين أو ثلاثة لجيل التسعينات ، لكن هذا الجيل الذي لا نكف عن تسديد الشتائم له عمّال على بطال ، هل سألنا نفسنا أولًا .. إذا وددنا أن نتحدث إلى رموزه ، مع من سنتحدث
بالكاد وصلت لبعض النتائج التي أخبرني بها بعض الصبية من هذا الجيل وهي : في هذا الجيل مطربين اثنين مهمين ، قطبين مثل أم كلثوم وعبد الحليم لأجدادنا ، مدحت صالح وعلي الحجار لنا ولآبائنا ، وهم أحمد كامل ومحمد سعيد .. يزاحمهم في النجومية قطبي التيك توك : حنين حسام، ومودة الأدهم ، أما في المهرجانات فهم ويجز وباولو ، وفي مجال اللاوعي يتربع حمو بيكا على العرش !
والمفاجأة التي أخبرني بها نفس الصبي أنه لا يوجد رمزًا أدبيًا حتى ولو نص لبة ، ولا يوجد رمزًا للتمثيل مهما كان قيمته، لكنهم يميلون أحيانًا لدنيا سمير غانم وإيمي سمير غانم وأحمد العوضي .. كما لاحظت أن هذا الجيل يعشق الظهور كالجبل الصلب من كثرة الأغاني التي تدعو لدعس كل ما هو مخالف للرأي بدعوى أن كل ما يقف ضدك فهو ليس في مصلحتك ، حتى لو كنت في طريقة لبئر سحيق وأخبرك أحدهم ألا تذهب ، فبالتأكيد هو حاقد لا يريدك أن تستكمل الطريق !
“كنتوا فين واحنا شايلين التيك توك على كتافنا:”؟ جملة ألقي القبض على صاحبتها من ساعات، وانقسم بعضها الناس بشكل كبير بين مؤيد لحبسها ، ومعارض لحبسها ، ومن هو مع حبسها لكن ليس لمدة طويلة ! .. انقسم الناس بنفس الحماس الذي ناقشوا به القضية ، واقعين في نفس الفخ مرتين، وهو الدخول في معركة عبيطة لن نستفيد منها إلا حرق الجاز والثرثرة، وكان الأجدر بنا جميعًا أن نحمل هَم توعية هذا الجيل ، وهذا لن يأتي إلا بأخذ آرائهم على محمل الجدية والاهتمام والدخول في معارك فكرية مع من يعبث بعقول المراهقين، مستغلًا كونه جيل يتيم، لا رموزفكرية له، ونحاول التوصل لحلول تضع هؤلاء على الدرجة الأولى من السلم وترك حرية الاختيار له فيما بعد ، أما عن جيل 2000 الآن فهو لم يجد السلم بعد ، لم يهتدى إلى شكل محدد للسير ، هو جيل شديد الحساسية ، شديد الأمل ، لكنه جيل (للأسف) .. لا نعرف عنه الكثير !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال