همتك نعدل الكفة
286   مشاهدة  

خان.. المتيم بالشوارع

محمد خان


أذكر أخر مرة قابلته، كان في العرض الخاص لقدرات غير عادية، وقفنا قليلًا نتحدث حول الفيلم، أين كان اللقاء؟ في الشارع بالطبع، فمحمد خان المتيم بالشوارع صادف أن ألقاه دائمًا في أماكن مفتوحة أقرب للشوارع، الشوارع التي ربما لم يعشقها مخرج مثله لدرجة أنك لن تجد عملًا لمحمد خان ليس للشوارع والأماكن المفتوحة دورًا دراميًا هامًا، باستثناء فيلم أيام السادات، 24 فيلمًا أخرجهم محمد خان جميعهم مدججين بمشاهد في الشوارع والأماكن المفتوحة.

وجوه المدينة

خان

وعلى الرغم من هذا الحب فإن الشارع تحديدًا في سينما خان، هو مضمار الرحلة التي يخوضها بطله، ففي فيلم ضربة شمس على سبيل المثال يخرج شمس في رحلته نهارًا وينتهي من رحلته ليلًا، تلك الرحلة التي دارت في الأساس بين الشوارع والأحياء داخل القاهرة، لترى القاهرة المرعبة بعيني خان.

  • يمكنك التعرف على شخصية المخرج الإنسانية من أعماله، بل يمكنك معرفة ما هو مهوسًا به، فلا يخفى على أحد هوس تارنتينو بأقدام النساء، كما لا يخفي على أحد هوس مخرجنا بالأكل، ولكن لخان هوس أخر، هوس ظهر في أفلامه، هوسه بالشوارع وبالأماكن المفتوحة، فهو يراها بعيون أخرى-

بينما نراها غامضة ومحيرة في عيني صلاح في فيلم مستر كاراتيه، كانت متوحشة في العديد من الأفلام لعل أبرزها الثأر وفارس المدينة، القاهرة في عيون خان هي كل الوجوه الثرية في سوبر ماركت والفقيرة في الحريف وأحلام هند وكاميليا، ومضطربة في عودة مواطن وخانقة في خرج ولم يعد.

الشارع شاشة عرض

خان

الحقيقة أن المدينة في سينما خان هي المدينة الكبيرة التي ستجد فيها كل تلك الوجوه، ولكن ما يحدد الوجه الذي نراه هو بطل العمل ودرامته، فنحن نرى المدينة المنعكسة عن عيون أبطال خان، وكأن خان في جوالاته وسيره بالشوارع كان يشاهد البشر لا الشوارع، لذلك في أفلام خان لا ترى الشوارع أو الأماكن بنفس العين مرتين، دائمًا ترى جانب جديد ومختلف.

يحكم هذا الجانب عاملين أساسيين وهما الدراما والبطل، فخلفية البطل الاجتماعية والمادية تؤثر على الأماكن التي يتواجد فيها ومستواها المادي، وهذا أمر بديهي، ولكن المتغير الإبداعي -إذا جاز التعبير- يأتي في العامل الأخر وهو الدراما، فلن تجد فارس بلا خيل يمتطيها، لذلك فكان فارس يسير في الشوارع على ظهر سيارته، يتنقل بين عوالمها المتناقضة داخل إطار وحشي ومتسارع حتى في أشد المشاهد هدوءً.

على جانب أخر يهرب منها فارسًا أخر على ظهر سيارته ليلتقي بحبه في طائر على الطريق، بينما كان على الحريف أن يسير على قدميه في شوارعها فلا أحد يلعب الكرة وهو يقود سيارة، فالشوارع في الحريف هي الملعب بينما في طائر على الطريق سبيل، وفي فارس المدينة مضمار سبق، وفي مشوار عمر هي أقرب للمتاهة.

إقرأ أيضا
فن الديكوباج

هكذا تحكم دراما مخرجنا رؤيتنا للشوارع، فأزمة البطل تنعكس عليها، حتى تطورات شخصيته تنعكس عليها، علاقاته بالأخرين، كل شيء وكأن الشوارع هي شاشة العرض التي يشاهد عليها خان فيلمه قبل أن نشاهده نحن، ليقدم الشارع كعنصر رئيسي في كل حكايات ورحلات أبطاله.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان