دافينشي وأرسطو.. عظماء غيروا مستقبل البشرية

العلوم الإنسانية لم تولد من فراغ، فكل هذا العلم والاكتشافات والإنجازات التي حققناها، خلفها أناس عظماء، عملوا بجد وبذلوا مجهود كبير، ليتركوا لنا إرثًا عظيمًا نعيش عليه حتى يومنا هذا، وكتب التاريخ عامرة بمئات الأسماء العظيمة، لعلماء غيروا مستقبل البشرية.

أرسطو

يمكننا القول بأن فلسفة أرسطو، ما هي إلا تحليلات نفسية متعمقة لعقول أولئك الذين يعانون من الكرب النفسي والعاطفي، وحلول ومقترحات عن كيفية التعامل مع تلك الكربات، ومن بعد أرسطو كان إيمانويل كانط، فريدريك نيتشه، هيوم، ديكارت، وآخرون، كل الفلسفة الحديثة تأسست على مبادئ وأساليب أرسطو، الذي تعلم من أفلاطون، الذي تعلم من سقراط، العظماء الثلاثة في العالم القديم، لكن إرث أرسطو يختلف في أنه هو من بنى نظريات حول كل شيء من علم الأحياء إلى الأخلاق، والمنطق، والسياسة، والشعر، والفيزياء، كان هو أول من ميز الثدييات المائية عن الأسماك، مثل الحيتان والدلافين، وهو أول من وصف ذراع هيكتوكوتيل من رأسيات الأرجل، وهو عبارة عن قضيب به لوامس، يؤوي الحيوانات المنوية بداخله، ويتم إدخاله في الأنثى ثم ينقطع، وينمو قضيب آخر للذكر في كل موسم تزاوج، وهو موجود لدى أنواع كثيرة من رأسيات الأرجل، مثل الأخطبوط والحبار، وأيضًا في العديد من الأنواع التي تعيش في الأصداف، ولم يتم إعادة اكتشافه حتى القرن التاسع عشر، بعد أن تم تعقبه من قبل علماء الأحياء الذين قرأوا وصف أرسطو له، والذين لم يصدقوا في البداية أنه كان محقًا بشأن ما كتبه.

وبالإضافة إلى اختراعه عمليًا المنهج العلمي، والذي لم يتغير على الإطلاق طوال الـ 2300 عام الماضية، كان أرسطو هو أول من نظم المنطق في دراسة رسمية، واتبع كانط عمله، باعتباره جوهر كل التفكير الاستنتاجي، فإذا سبق لك أن استنتجت أي شيء، فأنت بذلك قد استخدمت منهج كان أرسطو أول من أسسه.

وفيما يتعلق بفلسفته في الحياة، فقد أوضح أن الإنسان يجب أن يعمل على إسعاد نفسه، لأنه بذلك يحقق هدف الطبيعة في خلقها، وجادل بأن أعلى شكل من أشكال السعادة هو التعلم، لأن هذا هو أكثر ما يفعله البشر بشكل طبيعي، ومع كل هذا التعلم الذي نعيشه، سيصبح البشر حتمًا أفضل.

وبالنسبة لفكره السياسي، أوضح أرسطو أن القصد من أي نظام سياسي يجب أن يكون توفير أفضل رفاهية ممكنة للجمهور، وفي رأيه، هناك ثلاثة أنواع أساسية من الأنظمة السياسية: حكومة دستورية، وأرستقراطية، ومملكة أو إمبراطورية، وهذه الأشكال الثلاثة من شأنها أن تنحرف وتتحول إلى ديمقراطية، وأوليغارشية، واستبدادية، على التوالي، وبالتالي تُعد الحكومة الدستورية هي الخيار الأفضل، وهي الخيار الذي يجب أن تختاره كل دولة سياسية.

ليوناردو دي سير دافينشي

لا يلزم كتابة أي مقدمة لوصفه، يكفي أن نقول أن الإيطالي ليوناردو دي سير بيرو دافنشي هو واحد من أشهر علماء عصر النهضة الأوروبية، الذي تميز بإنجازاته العلمية واختراعاته إضافة إلى أنه كان رسامًا، ونحاتًا، وأديبًا، ومعماريًا، وموسيقيًا، ومهندسًا حربيًا، وعالمًا في الفلك، بالإضافة إلى الرياضيات، والفيزياء، والجيولوجيا، والنبات، والخرائط، كما يُعتبر دافنشي من أعظم الرسامين الذين مروا على تاريخ البشرية، كما يُطلق عليه لقب أب الهندسة المعمارية خاصة المتحجرات أو الأحياء القديمة.

كان دافينشي هو من اخترع أول نموذج مبسط للروبوت، كانت فكرة دافنشي عبارة عن عربة صغيرة تعمل بزنبرك قوي للغاية، كان كل شيء مصنوعًا من الخشب من الخارج، مع إطار فولاذي، وربط العديد من تلك الأشياء، جميعها بنفس الحجم والشكل، معًا، وذلك لتتحرك داخل منزله لتقديم المشروبات والطعام للضيوف، وبعد العديد من السنوات، تم عمل النسخ الحديثة بناءً على رسوماته وملاحظاته التفصيلية للغاية، وهي تعمل بالفعل.

كما كان أول من اخترع مظلة هبوط، كانت مصنوعة من إطار من خشب البلسا، ونسيج حريري، على شكل هرم أجوف، لم يكن لديه الجرأة لتجربتها، ولم يفعلها أحد حتى عام 2000م، عندما اختبرها لاعب قفز مظلي يُدعى أدريان نيكولاس، وقد نجح الأمر.

إقرأ أيضا

هل قضمت طهران “كعكة” السابع من أكتوبر؟

كما اخترع دافينشي منظار القناصة لأذرع البنادق أو المسدسات في أيامه، والتي كانت ببساطة واحدة من تلسكوباته الأصغر مثبتة على قمة بندقية، وهناك العشرات من الاختراعات الاخرى.

وبالرغم من تميز دافنشي في مجال العلوم، إلا أن موهبته في الرسم هي التي أكسبته شهرة شعبية واسعة حتى يومنا هذا، ومن أبرز رسوماته لوحة الموناليزا، التي تعود للقرن السادس عشر.