دراما النهايات السعيدة
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
ـ هل تبدو الحياة لعبة كبيرة قوامها الميراث؟
ـ هل نحن أبناء الانتظار؟
عزيزتي جيجي
أمضينا عمرنا نتابع أفلامًا ومسلسلات تستهدف النهايات السعيدة، الخير ينتصر، والحب لمن يُخلص له، تابعنا وصدقنا وظننا أن الحياة هكذا، حتى أنني ذات يوم أصدرت مجموعة قصصية عنوانها “تمامًا كما يحدث في السينما” لقد كنا ساذجين يا جيجي حد الخيبة، تركنا خبراتنا وتكسير الدنيا لعظامنا وصدقنا النهايات السعيدة.
عزيزتي جيجي
الحياة ليست كالأفلام والخير لا ينتصر دومًا، ومئات من الظالمين مستمرين وفى نجاحات، وتجار المخدرات ينعمون بالثراء، الحياة تجربة أخرى، تجربة إن فكرت في كتابتها فلن أصف نفسي بأقل من أن ما أكتبه غير منطقي.
هل تذكرين الصورة الشهيرة في ثورة 25 يناير لشاب وقف أمام مدرعة، فتوقفت؟ هل يمكن أن يتخيل أحدهم مشهد كهذا؟.
بدء المرحلة الثانية من مبادرة حماية لدعم المتضررين من كورونا “حياة كريمة تصل لجنوب سيناء”
كتب الأستاذ محمد سلماوي رواية بعنوان “أجنحة الفراشة، صدرت في أكتوبر 2010، كانت تحمل نبوءات بالثورة، لكنه بكل جموحه وخياله لم يكتب مشهد مثل هذه اللقطة التي جاءت عفوية وصادقة، هكذا هي الحياة عصية على الفهم والتوقع.
وبكل آلام وانكسارات وخذلان الحياة، لا أستكين لدروس السينما في نهايات الأفلام، أحتاج أن أصنع مشهد خاص بي، يرجم الاتكالية، ويعدو مبتعدًا عن الاكتئاب، ويرسم حياة مشفوعة بالتفاؤل والايجابية.
هل تعرفين يا جيجي الجمال لا ينتهي، لا يختفي، لكننا نعمى أحيانًا.
في أيام عملي الأولى كنت أسكن في محافظة المنوفية وأحضر إلى القاهرة يوميًا لمداومة عملي الحكومي، كان الشروق يولد أمام عيني، أتتبع الشمس تلون الأرض، تُنجب خضارًا لم أرً في جماله، كان الشروق يغسل روحي، أتخفف من كل الأحزان والوجع، وكنت صغيرة يا جيجي لا أعرف أن ما كنت أُسميه أوجاعًا لا شيء إذا ما قورن بما سألاقيه فيما بعد، لكن خبرة أخرى ساهمت في صنفرة روحي من شوائب السواد والاحباطات، فقد عملت في صناعة الأفلام، وكان مكاني دومًا خلف الكاميرا، كنت أُشاهد زملائي يعدون مكان التصوير، ثم أنظر في الكاميرا لأجد صورة أخرى، هكذا هي الحياة.
قد تكون الحقيقة التي نراها ليست حقيقة كاملة، بل أنها مجرد جزء وهناك خبايا عديدة، الكاميرا علمتني يا جيجي أنه حسبما تظن وتنتظر سترى، الباحث عن الحزن سيجده في كل تفصيلة، والراغب في الخير سيراه في لمحة النور التي تمحو ظلمة الليل عند كل شروق.
الذي يبحث عن الحب سيجده في كلمة حلوة من غريب، أو موقف داعم غير متوقع، والباحث عن النجاح سيجده.
لكننا يا جيجي أبناء الانتظار، ينتظر أحدهم أن يرث والديه، أو أن يترقى، أو أن يجد الحب بغتة، كثيرون لا يعرفون سوى الانتظار، يعيشون حالات من الأسى، وهم في انتظار الميراث. جميعنا يرث لكن ليس كل إرث خير!.
ذات يوم قال لي المفكر الأستاذ عبد القادر ياسين الفلاح المصري كسول، وحين اندهشت واستفسرت قال هو النيل، فالفلاح يحرث الأرض، ويضع البذور ثم يرويها بسهولة وينتظر حتى تنبت، ليحصد، وجدت وجاهة في رؤية الأستاذ ياسين، فهل ترى نحن ورثنا الانتظار من أباءنا؟.
في ذكرى رحيل شهداء الأهلي : قصة قصيرة يكتبها أسامة الشاذلي .. أنس
ننتظر النهايات السعيدة النجاح والسعادة والمال دون أن نُفكر كيف سنحصد تلك النهايات، ولذا كان كُثر منا حزانى، الحياة أكثر صخبًا من فيلم أكشن، لكنها تحتاج بطل كفريد شوقي، يكسر الطاولات، ويقفز ويلاحق، ويشتبك حتى يفوز في النهاية ويحصل على ما يُريد.
نعم الحياة ليست عادلة لكن المتفائل والايجابي سيجد مسارات تتسع لحلمه، وحده الإيجابي يمكن أن يحقق نهايات أكثر سعادة من كل دراما العالم، فهل نتخلى عن ميراث الانتظار لصناعة قصة مختلفة تصلح للممارسة الواقعية وليست للشاشات؟
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد