دلائل الخيرات في الصلاة النبي “هل شبهة وصف الرسول بأسماء الله صحيحة ؟”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لم يأخذ كتابًا عند الصوفية اهتمامًا مثل كتاب دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار، والذي كتبه الشيخ محمد بن سليمان الجزولي ليكون مجموعة من الأوراد اليومية في الصلاة على النبي تبدأ من الإثنين وتنتهي بالأحد، وكل 24 ساعة لها مالا يقل عن 3 صفحات صلاة.
اقرأ أيضًا
قصة الإنجليزي الذي غضب من إلغاء الموالد في مصر
أخذ كتاب دلائل الخيرات معارضة شديدة من التيارات الفكرية السلفية بدأها محمد بن عبدالوهاب مؤسس الحركة الوهابية ولا زالت مستمرة حتى الآن، بسبب ما أسموه بمخالفات شرعية في نص الكتاب والصلوات على النبي، ولعل آخر الوهابية الذين انتقدوا كتب دلائل الخيرات هو محمد جميل زينو ووضع أكثر من 5 انتقادات كان أبرزها وصف الرسول بأسماء الله.
شبهة زينو
قال محمد جميل زينو في رده على الصوفية «وأسماء الرسول التي ذكرها كتاب دلائل الخيرات لا تليق إلا بالله مثل الشافي والمحيي وقد أشار القرآن إلى ذلك فقال إبراهيم عليه السلام الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ؛ وقد أمر الله تعالى رسوله أن يقول للناس ” قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا”، وقوله ” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ”، وقوله تعالى ” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ”، وصاحب دلائل الخيرات خالف القرآن ، وسوى بين الله ورسوله في أسمائه وصفاته ، وهذا مما يتبرأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم ولو سمعه لحكم على قائله بالشرك الأكبر».
أخطاء الوهابية
في البدء فإن كل كلام الصوفية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم له أصل في القرآن الكريم وينتمي للسنة النبوية لكن هناك أشياء لا يدركها الوهابية وعلى رأسها إيمان الصوفية أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله وحده، كذلك هناك جهل لغوي فإن نسبة النفع والضر لغيره سبحانه على سبيل المجاز جائزة شرعًا بشرط أن تتم النسبة مع اعتقاد أن الله هو الفاعل الحقيقي.
الدليل على ذلك قول الله سبحانه “يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ”، فالشراب هنا (عسل النحل) ليس هو الشافي وإنما الله سبحانه وتعالى.
ساق الشيخ حسام دمشقي أدلة متعددة على جواز ما قاله الجازولي وبهتان ما ذكره الوهابية، ومنها أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شافٍ للأمراض الباطنية كالحسد والشرك والحقد والكبر والعجب، كذلك شافٍ للأمراض الظاهرية من أمراض الجسد، وقد ورد في إبراء النبي المرضى وذوي العاهات أن سيدنا سعد بن أبي وقاص قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليناولني السهم لا نصل له ، فيقول : ارم به و قد رمى رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ عن قوسه حتى اندقت، و أصيب يومئذ عين قتادة ـ يعني ابن النعمان ـ حتى وقعت على وجنته ، فردها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فكانت أحسن عينيه؛ ويؤخذ من الحديث أن الشفاء من عند الله عز وجل وحده، وإن سخر الله أحداً لتفريج هم أحد، فالله هو الذي فرج والمخلوق سبب.
أما اسم محيي الذي اعترض عليه جميل زينو فله أصل من القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى أحيا الله بالنبي صلى الله عليه وسلم قلوب الناس بالإيمان ومعرفة الله وتوحيده وبما أنزل الله عليه من القرآن الكريم وأحيا الله به قلوب المؤمنين فأصبح يزكيها، كما قال سبحانه وتعالى: “لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ”، فكما تحيا الأرض بالماء بعد موتها بإذن ربها يحيي الله بالنبي صلى الله عليه وسلم وبكلامه الأرواح والقلوب بعد موتها.
دليل آخر على جواز قول كلمة “منجي” على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (على سبيل المجاز) ولله على سبيل الحقيقة؛ فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن الكريم هو الذي يخرج المؤمنين من الظلمات إلى النور وينجيهم من عذاب النار بإذن ربهم والدليل قول الله عز وجل” الَر* كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ “؛ فقد نسب الإخراج إليه صلى الله عليه وسلم مع أن الله هو المخرج والمنجي {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال