همتك نعدل الكفة
434   مشاهدة  

“دهب” من هدوء المشتى لزحام المصيف وخناقات الدهباوية

دهب
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



ممشى طوبي ما يزال بسيطًا مهما بذلوا عناء لإضفاء لمسات المدينة إليه، تبدو البيوت المطلة عليه هادئة تمامًا كالبحر أمامها المعروف بلون الـ”دهب”. قد تصبح الصورة عبثية قليلًا حين تنتبه لأصوات متداخلة في الخلفية مبتهجة وصاخبة، دخيلة على المكان وأصحابه، لكنها هناك ربما لتؤكد على غرابتها فقط. 

المشهد من مدينة ساحلية بسيطة تتوسط الحيد المرجاني الضخم المحيط بذراع خليج العقبة، نحن هنا لا نهتم بشرم الشيخ أو نويبع أو طابا، بل الشقيقة الصغرى التي كانت أشبه ما يكون بالحالة الوسط بين كل تلك الأماكن. “دهب” الشهيرة، منطقة الهدوء وراحة البال، وفي الوقت نفسه مقصد المغامرين.

المدينة الصغيرة لا يمكن الوصول إليها من خارج حدود شبه جزيرة سيناء إلا بعد طريق سفر طويل؛ ربما لهذا السبب أصبحت الراعي الرسمي للباحثين عن الاسترخاء في حضن البحر والجبل. المثير للاستغراب في طبيعة دهب الساحرة، أن بحرها وجبلها وجهان لعملة واحدة، طبيعة تدفع الناس للهدوء والراحة والتأمل، تمامًا كما يمكنها إثارة فضولهم نحو المغامرة والاستكشاف في عوالم أخرى. 

اقرأ أيضًا

كابوس تعيشه الإسكندرية كل صيف.. الأهالي: “مش عارفين نعيش من التحرش والزحمة”

الدهباوية في صراع مع الزوار 

دهب
الممشى السياحي بعد التجديد

كانت هذه هي الحال لسنوات، دهب موجودة بسكانها من عرب سيناء الأكارم، والوافدين من محافظات شتى للإقامة أو العمل، ثم يأتي الزوار ويروحون كحال أي مدينة سياحية. الفارق الوحيد كان في طبيعة هؤلاء الزوار. لكل مقام مقال، وهكذا فإن دهب لم تكن يومًا الوجهة المثالية للعائلات، كانت المدينة المفضلة للسياح والشباب في جو لا يمكن أن نصفه بالمزدحم، حتى في عز الموسم. 

إلا أن الأحوال تغيرت وأصبحت دهب اليوم “مصيف”، بمعنى مكان قضاء الإجازات الصيفية للعائلات؛ وهو نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار معظم المصايف، ناهيك عن وجود ميزات أكثر بتكلفة أقل. وهنا بدأت المشكلة، ودقت طبول الصراعات بين ما أطلق عليهم “الدهباوية”، والزوار الباحثين عن نسمة هواء وبحر ومغامرة جديدة بسعر معقول.

ربما تشبه العركة ما يحدث بين أهل الإسكندرية والمصطافين كل عام، إلا أن الأمر مختلف تمامًا، حيث يصبح الفارق بين هذه وتلك كالمقارنة بين مشاكل العالم الثالث والعالم الأول. على ساحة السوشيال ميديا، المضمار الأول والوحيد لمعارك هذه الأيام، بدأت المجموعات التي تجمع مئات الآلاف مثل “حد يعرف في دهب” تشهد موجة من الانتقادات لزوار المدينة. 

لماذا اشتعل الترند؟

الأسباب كثيرة، البعض لا يحب الزحام، هرب من ضجيج المدن ليجد موطنه الجديد يتحول لواحدة أخرى. آخرون يرون أن الزوار لا يدركون طبيعة المكان، وأنهم يأتون فقط لمواكبة الترند. لكن المثير للاستغراب أن أهل البلد يلتزمون الصمت معظم الوقت في تلك المعارك، أمَّا أصحاب الترند فيمكن اعتبارهم زوار. في حين يرد الطرف الآخر على الأرض وتزدحم دهب أكثر، لتصبح الموسم الحالي الأكثر ازدحامًا، خاصةً بعد تجديد الممشى السياحي قلب المدينة.

إقرأ أيضا
ماري أنطوانيت

الاستحقاقية التي تبدأ بها تلك الأنواع من الترندات تشي بمعركة خاسرة، فلا الدهباوية يشتكون من شيء يمكن السيطرة عليه أو حتى يحق لهم محاولة تحجيمه، ولا المصطافين مخطئين إن أرادوا قضاء إجازة عائلية على ساحل البحرالأحمر، حتى وإن لم تتناسب طبيعة المكان مع جو المصيف المعتاد. 

النتيجة هنا ترند لتنفيس الغضب المسيطر على فئة معينة، سينتهي مع نهاية الصيف، ويبدأ مجددًا في التوقيت نفسه العام المقبل. وفي النهاية ستصبح الخناقة على لا شيء؛ لأن دهب أصلًا مشتى، وظاهرة الدهباوية الجديدة هذه تكاد تنعدم في هدوء الشتاء وصقيعه، أو حين يعود كل دهباوي لمحافظته في إجازة أو تقاعد، حيث سيترك البنطلون الفضفاض معلقًا على شماعة الباب، ويخلع نظارات الشمس ويواجه حياة المدينة التي تدفع الزوار لمزاحمته في دهب. 

الكاتب

  • دهب إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان