دونت ميكس (01) رمضان غريب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
كل سنة وأنتم طيبين، رمضان تقريبًا هو أهم شهر في السنة عندنا.. لما بيبدء مصر كلها بتتغير، وفيه ناس بتتغير من قبله بشوية.. بس حتى التغيرات الرمضانية دي عمرها ما قصرت على حالة الدونت ميكس.. بالعكس ده أكتر شهر بتتجلى فيه مواهبنا كشعب دونت ميكس بطبعه.
رمضان معروف علميًا بإنه شهر الصوم، والصوم يعني شهر الامتناع عن الأكل، فالمفروض كده يبقى رمضان هو شهر قِلة الأكل، بس سبحان من فرض الصوم.. الشهر ده عندنا هو أكتر شهر بنستهلك فيه مواد غذائية بمختلف أشكالها.. لدرجة إننا بنخزن أكل من قبله بشوية حلوين.
مش بس كده.. ده شهر الصوم حدانا بيمتاز عن باقي شهور السنة أن له أكلات مخصوص،
زي القطايف كده.. ده طبعًا غير الياميش.. والفناكيش.. والحناكيش والذي منه، لدرجة أن فيه مواطنين بيعملوا جمعيات مخصوص ويقبضوها قبل رمضان..عشان مصاريف الأكل في شهر الصوم.
تاني عجايب حياتنا في رمضان برضه متعلقة بالأكل، شهر الصوم بقى يا جماعة. ورد في الآثر أن الشخص مننا خلال يومه العادي بياكل 3 وجبات (فطار، غدا، عشا)، وخلال شهر رمضان بيبقوا وجبتين بس (سحور، فطار). بس تلقى البلد كلها مهتمة في الشهر ده بمساعدة الفقرا على وجبة الفطار.. تبرعات وجمعيات خيرية وموائد رحمن بقى وهيصة، بس أول ما الشهر يخلص الموائد تتلم والمولد ينفض ويسيبوا الناس لايصة مع الـ3 وجبات.
رمضان هو شهر التقوى والورع والتقرب لربنا، أغلب الناس بتبقى حريصة إنها تصوم وتصلي الفرض بفرضه.. ويعملوا خير كتير بقى ويصلوا التراويح.. وطول النهار مشغالين قرآن في سماعات قد دماغ الفيل.. وحاجة أخر تدين.
بس في نفس ذات الوقت يمتاز رمضان بانتشار المشاكل والخناقات في الشوارع، أه.. نفس الناس الورعة الصايمة المحبة للخير بيبقوا طول النهار مش طايقين دبان وشهم، ويا سلام بقى لو صدفت يومين حر.. تلاقي الصايم الورع من دول ماشي ينفخ بقى ويأفف ويسب الدين لأي حاجة تعدي من جنبه. وده يا جماعة يستحيل يكون أداء حد بيعمل حاجة بمزاجه أبدًا.. تحس فجأة أن الشعب كله خسر في الشايب وبينفذ حكم.
على صعيد آخر فيه قطاع مش بطال من المواطنيين بيبقى مركز طول الوقت مع تجميع الحسنات، من باب أن رمضان ده شهر العبادة والحسانات فيه مضاعفة.. فيلا بقى نعمل أعلى “تارجت” ممكن، فتلاقيهم قبل الفطار في المواصلات أو في الشارع أو حتى في أشغالهم.. طول الوقت ماسكين المصحف وبيقروا بقى بصوت عالي أو بغمغمة كده تخلي اللي جنبه لا منه فاهم اللي بيتقال ولا منه عارف يركز في حاجة تاني.
أما ساعة الفطار فحملة جمع حسنات بتاخد منحنى خطر شويتين تلاتة.. قول أربعة، في الوقت ده بتظهر مجموعات من صائدي الحسنات قاطعين الطريق على العربيات.. وكل مجموعة معاها ما تيسر من الحاجات اللي الناس بتفطر عليها.. بلح ناشف، برتقان، كياس عرقسوس أو تمر هندي.
ومافيش حد من حقه يعدي من غير ما ياخد، ذوق عافية هتاخد، ونصيحة ماحدش يحاول يجري بالعربية.. لإنهم هيطوحهوم باللي معاهم، وكل واحد بقى ورزقه.. اللي يلبس كيس بلح يفتح له حاجبه.. ولا برتقانة تسيح دمه.. ولا كيس تمر هندي يدمر له هدومه.
اوعى حد يفتكر أن الموضوع بينتهي مع الفطار.. “نوهائي”، نفس المجموعات دي بتسلم المواد الغذائية وتستلم مواد متفجرة، بُمب بقى وصواريخ وفراقيع وكل ما يمكن أن ينفجر بدون إصابات خارجية كبيرة، في لحظات تلاقي المواطن من دول قلع وش عمر بن عبد العزيز وطلع رامز جلال اللي جواه، ونفس الناس اللي كانوا هدف لجمع الحسنات أتحولوا لهدف ينفع يبقى مصدر
بهجة سادية مجنونة… ورمضان كريم.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال