راجح داوود .. بصمة موسيقية أم نحت فني.

تعودت أن ألقي الضوء على الموسيقى التصويرية للمسلسلات في موسم رمضان فقط، من خلال متابعة أغلب الأعمال المعروضة لاحظت توغل جيل جديد من المؤلفين الموسيقيين ينتموا إلى الموسيقى اللا مقامية حيث لا  ترتكز الموسيقى على  سلم موسيقي بعينه ويتبعوا نمط التأليف الموسيقي الكلاسيكي في حركات لحنية متتالية تنطلق فيها الموسيقي بلا رابط أحيانًا وأحيانا بلا هدف هذا الجيل أثر على شكل الموسيقى التصويرية حيث لم تعد هناك تيمة لحنية رئيسية يمكن أن نميز بها المسلسل.

هذا الجيل سيطر على سوق الدراما مع اختفاء بعض الأسماء مثل عمر خيرت وياسر عبد الرحمن وهي التي تحافظ على وجود تيمة لحنية رئيسية في موسيقاهم التصويرية مع حضور لبعض الأسماء من جيل الوسط مثل خالد حماد وعمرو إسماعيل المتبعان نفس المدرسة.

في رمضان هذا العام ظهر أسم المؤلف الموسيقي راجح داوود على تتر مسلسل “سره الباتع” من إخراج خالد يوسف، بعد مرور عدة حلقات ثار الجدل حول تشابه بعض المقطوعات الموسيقية مع موسيقى فيلم “الريس عمر حرب” لنفس المؤلف الموسيقي ونفس المخرج، وبدأ النقاش حول تكرار راجح داوود نفسه في العديد من الأعمال الفنية، ثم تفاقمت المشكلة عندما استعان خالد يوسف ببعض المقطوعات الأخرى التي لم يعرف حتى الآن من مؤلفها داخل المسلسل.

على أثر ذلك أصدر الموسيقار راجح داوود بيانًا غاضبًا على صفحته الشخصية على موقع الفيس بوك، استنكر فيه ما حدث وأنه لن يقبل أن يتهمه أحد بسرقة بعض الجمل أو المقطوعات من مؤلفين آخرين معلنًا عدم مسؤوليته عن تلك الزيادات الموسيقية التي ليست من تأليفه وأن أي اتهام بالسرقة يجب أن يوجه إلي المخرج الذي أضافها إلى المسلسل دون علمه.

أما المخرج خالد يوسف رد على تلك الانتقادات بأنه استخدم فعلًا قطعة موسيقية من فيلم الريس عمر حرب وأنه لا يجد أي مشكلة في ذلك، وأن سبق واستخدم موسيقى كمال الطويل من فيلم العاصفة و موسيقى ياسر عبد الرحمن من فيلم خيانة مشروعة في فيلمه “حين ميسرة” وكتب على تترات الفيلم بأن الموسيقى التصويرية لـ كمال الطويل وياسر عبد الرحمن.

من خلال ردود خالد يوسف نجد أنه أكد على استأذن مؤلفي تلك المقطوعات لاستخدامها في المسلسل وكتب على التترات شكر خاص لهم وأنه الوحيد صاحب الرؤية الفنية التي تجعله يضع أي موسيقى يجدها ملائمة للمسلسل رغم أن قانون الملكية الفكرية لا يسمح باستغلال المصنف لأكثر من مرة أو حتى تحت أسماء مختلفة؟ وحاول تبرير الأمر بأن السينما كانت تستخدم مؤلفات غربية في وقت لم يكن هناك موسيقى تصويرية وأن بعض المشاهد في المسلسل لم يجد لها مقطوعات ملائمة وهذا هو السبب الذي جعله يستعين بمقطوعات لمؤلفين اّخريين أذن لماذا لم يطلب من راجح داوود تأليف مقطوعات جديدة؟ بل ودخل معه في رهان بأن يستبعد المؤلفات التي وضعها وأن يضع بدل منها ما يرى أنها قد تلائم المشاهد من مؤلفاته ويترك الحكم للجمهور وهو أمر فيه تقليل كبير من قدر راجح داوود. 

بصمة موسيقية أم نحت فني.

لا يهمني من تلك المشكلة سوى فتح نقاش جدي حول التأليف الموسيقي في مصر، ومن يملك بصمة موسيقية تميز موسيقاه ومن يصر على نحت نفسه في كل مرة، لو جلبنا عينة من المؤلفين الموسيقيين سنجد أن عمار الشريعي مثلًا كان دائم التطوير والتجديد في موسيقاه مثلًا موسيقى الأيام مختلفة تمامًا عن موسيقى رأفت الهجان، وكان يحافظ على بصمته في طريقة عزفه المميزة  على اّلة العود حتى أصبحنا نميزه بها، أما ياسر عبد الرحمن فدائم الانتصار لأفكاره الموسيقية ولو على حساب العمل ويحافظ على أسلوبه في التنفيذ الموسيقي وتوظيف بعض الآلات بعينها ويمتلك قوة وثراء في جملته اللحنية، أما على الطرف الآخر فنجد أن عمر خيرت يلعب في مساحات ضيقة جدًا في الجمل اللحنية ويسلك نفس السكك اللحنية في الغالب وبالتالي تؤثر على جزء الهارموني الذي يجعلك تراه يكرر نفسه أو تكتشف موسيقاه بكل سهولة وفي رأيي أنه كموزع موسيقي لألحان غيره أفضل منه مؤلف موسيقي.

وبنظرة سريعة على مؤلفات عمر خيرت نجد مثلًا أن أغنية فيها حاجة حلوة من فيلم عسل أسود تتشابه كثيرًا مع مقدمة مسلسل ألف ليلة وليلة

تتر مسلسل ألف ليلة وليلة 1996

إقرأ أيضا

“قبل رحيله بأشهر” لماذا كان الفنان توفيق الدقن غاضبًا من السينما والتلفزيون

أما صاحب المشكلة راجح داوود فاستغل الجدل الحاصل كي يدافع عن مسألة تكرار نفسه في العموم والحقيقة أنه لم يختلف كثيرًا عن عمر خيرت حيث نجد تشابه بين بعض مؤلفاته على سبيل المثال موسيقى فيلم الراعي والنساء سنجد أنها لن تختلف كثيرًا عن موسيقى الكيت كات من ناحية تشابه بعض الجمل الرئيسية وفي جزء الهارموني وفي توظيف الآلات وهكذا في بعض مؤلفاته سواء في السينما أو في الدراما التليفزيونية اّخرها مسلسل رشيد والذي تشعر أنها موسيقى مسلسل هوانم جاردن سيتي.

في النهاية ليست مسألة تفضيلات فنية ولا وقوفًا في صف شخص ضد آخر ، لكن ما دفعني للكتابة هو اني وجود بعض الهجوم على راجح داوود في مسألة تكرار ونحت نفسه رغم أن نفس المهاجمين يدافعوا عن عمر خيرت وبشدة في مسألة البصمة الموسيقية هذا الدفاع نابعًا من شهرته بالمقارنة ب راجح  داوود رغم أنه يكرر نفسه وبشكل أكثر فجاجة منه.

الهرشة السابعة كارت الثيرابيست الرابح دائمًا.