1٬403 مشاهدة
رجال حول الكبير (4) .. الدكتور “ربيع” النصّاب اللذيذ
مميزًا هو، يمتلك زاوية خاصة بحكايته في أسطورة المزاريطة، لا ينتمي لأحدهم، ولا ينتمي لضدهم، هو فقط ينتمي لنفسه، يحب ذاته فقط ويتوسّم في جميع أهالي القرية الغباء المستحكم والبلاهة المفرطة بما فيهم الكبير نفسه، ما أمكنه من إقناعهم بأشياء غير موجودة بالأساس، يختبئ في المظهر الوقور للطبيب الذي يرتيدي البالطو الأبيض وسمّاعات الأذن الطبية، والشيب الذي يغزو رأسه واليقين الدائم على لسانه، كل هذا جعل منه محل ثقة، وجعل صوته مميزًا بين الحاضرين، يسمعون له جيدًا لأنه الطبيب الوحيد المنتدب في القرية، وكونه لا يتحدث الصعيدية مثلهم جعل لإفرنجيته ملمحًا يتسم بالصدق والأمانة .. ولكن .. إنه ربيع .. الدكتور ربيع!
“يا كبير أمك حاااامل” .. تلك العبارة التي قفوت بصاحبها إلى سماء النجومية، وهنا لا نعني شخصية الدكتور ربيع فقط، بل صاحبها الفنان بيومي فؤاد نفسه، الذي كان هذا المشهد مُفتاحًا سحريًا للطلب عليه في جميع الأعمال الفنية تقريبًا ولعبه دور الدينمو أمام كل كاميرات مصر تقريبًا .. “يا كبير أمك حامل”، كان هذا المشهد هو مفتاح شخصية الدكتور ربيع وجانبه الكوميدي الذي لم يتم التطرّق له من قبل .. فشخصية الطبيب هي شخصية وقورة في الدراما، حتى جانبها الكوميدي المعتاد كان في المبالغة أو التشاؤم أو الجهل بالمرض .. لكن الدكتور ربيع تحديدًا التقط طرف خيط هو الأول من نوعه لكونه الطبيب الأول في العالم الذي يتفاعل مع المرضى والمريض بكل جوارحه .. حيث يشمت في هذا، ويعتبر هذا في جزاء لا ابتلاء، ويضع نفسه كطبيب كرقم في معادلة المريض والدواء .. وظهر ذلك في هذا المشهد حين كانت أم الكبير قد جمعتها علاقة زواج مع خفيره فزّاع وكان الكبير قد استعان بالدكتور ربيع حين ظهرت علامات الإعياء على أمه، فصرخ ربيع شماتةً حين عرف بالورطة الذي وقع فيه الكبير .. طبيب هذا أم عمل الكبير الرَضي الذي ظهر له في هيئة رجل من المفروض أنه المسؤول عن صحة أهالي المزاريطة ؟!
يمتلك الدكتور ربيع علاقة مع الكبير هي الأغرب في علاقات الكبير مع جميع رجال القرية، فالكبير بشكل أو بآخر يحظى باحترام الجميع، إلا من هذا الدكتور ، حيث يعتبره الدكتور صديقًا أكثر منه كبير القرية، يحدثه كما لا يستطيع أحد التحدث له، يمارس معه تفاهاته الشخصية كما لا يستطع أحد ممارستها، يستطيع أن (يكرمش) ملامحه في وجه الكبيرآمرًا إياه بأي من الالتزامات الطبية لكنه يضع الكبير دائمًا قبل درجة الغليان بدرجة واحدة، قبل أن ينفذ صبر الكبير بثواني يعمل الدكتور ربيع على (هندلته) .
تطورت شخصية الدكتور ربيع مع الوقت، حيث كان يحظى ببعض الثقة من أهالي المزاريطة على رأسهم الكبير، لكنه – وبمرور الأحداث – تكشّف للجميع أنه طبيب لا يفقه شئ في الطب مطلقًا، بالأخص في الجزء السادس، حيث يعتبر الدكتور ربيع مصدرًا للسخرية بلا أي احترام لوقاره، لكنه بالمقابل سمح للسمسار الذي يعيش بداخله أن يطفي على السطح، ويتعامل به ويتراجع الطبيب خطوتين إلى الخلف، وظهر ذلك جليًا في حلقات “لعبة السبيط” .. حيث انتصر لنفسه وأبلغ عن هروب الكبير وولديه للفوز بالملايين .. لا يعتبر الدكتور أحد رجال الكبير .. لكن التصاقه بالأحداث جعله من رجاله، ولا نعلم لأي مدى ستذهب تلك العلاقة !
الكاتب
ما هو انطباعك؟
